قال إن الحكومة فشلت دون إيقاف أعمال القتل والاغتيالات، وأكد أن وزراء الإصلاح نفَّذوا أكبر عملية إقصاء تحت وهم الشرعية الثورية.. العميدالركن/ الدكتور مقبل العمري ل"المنتصف": - حكومة باسندوة متواطئة في صفقات الأسلحة التركية.. وهناك من يريد الاستقواء بها على الدولة - كنا نظنها ثورة شباب، فأيدناها، ولكنها تحوَّلت إلى ثورة لشيوخ الفساد وأساطين الجريمة والإرهاب.. - الدستور الجديد سيراعي أهداف وأجندة أطراف الحوار وتوجهاتهم الجديدة وما تمخض عن المؤتمر من قرارات حتى ولو أقر "الفيدرلة أو الأقلمة أو حتى الانفصال"!! - من يحكمون الآن لايعترفون بالكفاءات ولايمكن أن يستشيروا أهل الاختصاص.. - لم أسمع أن أكاديمياً دُعي إلى الاشتراك في إعداد تصوُّر لصياغة الدستور.. وإنْ حدث فسيجعلونهم زينة فقط! - لا توجد حتى الآن آلية محددة لصياغة الدستور.. والأنسب انتخاب لجنة من مختلف الكفاءات تتولى صياغته باستقلالية حتى لا يكون مفصَّلاً على بعض القوى واتجاهاتها - الهيكلة عملية فنيَّة بحتة لتطوير البناء التنظيمي للجيش والأمن وفق تصورات علمية.. لكن القائمين عليها ينظرون لها من منظور سياسي - يعيب القرارات التي سُمِّيت زوراً "قرارات هيكلة الجيش" أن هناك فرقاً بين الهيكلة والإلغاء.. والفرقة والحرس ليسا الجيش كله ليُقال "هيكلة الجيش"!
أكد العميد الركن الدكتور مقبل أحمد العمري، أستاذ القانون بجامعة الحديدة، على ضرورة أن تراعى مجموعة من الأسس عند صياغة دستور جديد للبلاد عقب مؤتمر الحوار الوطني، من بينها أن يحدد واضعو الدستور هوية النظام وشكل الدولة والحكومة، وطريقة الحكم، وأُسس انتخاب الحكام، وطرق الرقابة عليهم ومحاسبتهم وعزلهم. وشدّد في الوقت عينه على وجوب أن يلبي الدستور الجديد بصفة أساسية تحقيق مصالح الشعب وتطلعاته، وتنظيم ممارساته لحقوقه المختلفة، وكذلك النص بدون لبس على منظومة الحقوق والحريات الفردية والجماعية. وانتقد الدكتور العمري وهو محاضر عسكري في الشرطة اليمنية من أسماهم ب"حكام المبادرة الخليجية"، لرهنهم أمر البلاد للخارج والاعتماد على القوى الأجنبية والسماح لها بملامسة ملفات سياسية وطنية، مسئولية إنجازها تقع في الأساس على الأطراف المحلية، كملف إعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن، وصياغة دستور جديد للبلاد. "المنتصف" التقت الدكتور العمري وفتحت معه أبرز الملفات والقضايا السياسية الشائكة، وكذا الأحداث التي شهدتها البلاد خلال عامين من الأزمة.. إلى الحصيلة: حاوره/ وليد العمري * كثر الحديث عن الدستور الجديد للبلاد.. أنت كقانوني ما هي الأسس التي يجب أن يراعيها المشرِّعون أثناء كتابة الدستور؟ أولاً شكرًا جزيلاً لك أخي ولصحيفة "المنتصف" التي تشق طريقها في عباب هذه الأمواج المتلاطمة، لتنقل للناس الرأي الصحيح والكلمة الأمينة، وإني لأرجو لها التوفيق والسداد.. بالنسبة لسؤالك: من أهم الأسس التي ينبغي أن تُراعى خلال كتابة الدستور أن يحدد واضعو الدستور هوية النظام وشكل الدولة والحكومة، وطريقة الحكم، وأسس انتخاب الحكَّام، وطرق الرقابة عليهم ومحاسبتهم وعزلهم، ويجب أن يلبي الدستور الجديد بصفة أساسية تحقيق مصالح الشعب وتطلعاته، وتنظيم ممارساته لحقوقه المختلفة، كحقه في الحياة والعيش الكريم، وحقه في العمل، وحقه في المشاركة السياسية، كناخب ومنتخب.. وكذلك النص بدون لبس على منظومة الحقوق والحريات الفردية والجماعية، كحرية الرأي وحرية الصحافة، وحرية البحث العلمي، وغيرها من الحقوق التي باتت عند شعوب العالم من المسلمات... هذا بإيجاز. وكل ذلك يعتمد على المبادئ والأهداف التي يتبناها النظام السياسي الجديد، والأسس السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والثقافية التي يريد إقامتها، فيختلف النظام من حيث كونه جمهورياً، أو ملكياً، ومن حيث انه علماني أو ديني، رأسمالي، أو اشتراكي، أتوقراطي، أو ديمقراطي، برلماني، أو رئاسي، أو مختلط، وفق أهداف واضعي الدستور، ومن كلّفهم بهذه المهمة، سواءً أكانوا لجنة مشكلة، أم جمعية وطنية منتخبة من الشعب أو ممثليه في البرلمان.. * في الدول الأخرى تتولى الأكاديميات صياغة الدستور، هل أُخذ برأيكم بخصوص هذا الموضوع؟ مَنْ يأخذ برأي مَنْ؟! هؤلاء الذين يحكمون الآن بموجب اتفاقية ومبادرة دولية لا يستشيرون الداخل فيما يفعلون، وقد رهنوا أمر البلاد للخارج وللدول التي هندست لهم المبادرة ورعتها، ومنها من تكفَّل أن يهيكل لهم الجيش كأمريكا والسعودية وقطر، ومنها من تكفل أن يصيغ لهم الدستور كفرنسا، مثلاً، ومنها من تكفل أن يضع لهم أسس تقسيم البلاد إلى أقاليم أو فيدراليات، كبريطانيا والاتحاد الأوروبي وغيرهم،(إضافة إلى دور إيران والسعودية اللتين نقاتل بعضنا نيابة عنهما تحت مسميات فارغة)، ومن هذه الدول من تكفّل بالإنفاق عليهم، والاستثمار بجهلهم وعنادهم حتى آخر مسمار في نعش الوطن!! هؤلاء لا يعترفون بالجامعات، ولا يمكن أن يستشيروا أهل الاختصاص، ولم أسمع أن أحداً من زملائي في الجامعات اليمنية دُعي إلى الاشتراك في إعداد تصوُّر لصياغة الدستور للآن، وإن حدث ذلك فسيجعلونهم زينة فقط وسيرشحون من أحزابهم ومقربيهم. * كيف ينبغي كتابة الدستور إذاً؟ وما هو الأسلوب الذي تراه ينفع في اليمن؟ لايوجد لدى الأعراب نظام لصياغة الدساتير حتى الآن، ولايزالون يسيرون في فلك التجربتين: الأمريكية والفرنسية، ولكن الأنسب لنا هو انتخاب جمعية تأسيسية من مختلف الكفاءات القانونية والشرعية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، تتولى صياغة الدستور باستقلالية ثم يتم حلها وعرض الدستور بعد ذلك على الشعب بعد أن يُتاح له الوقت الكافي للاطلاع عليه مادة مادة.. وأن يجري التوافق عليه من كافة القوى الفاعلة في المجتمع حتى لا يكون الدستور مفصلاً على بعض القوى واتجاهاتها، وأهدافها دون القوى الأخرى، فينتج عن ذلك الأزمات السياسية الطاحنة، وفي النهاية يجب أن تكون الكلمة الفصل للشعب. وفي اليمن سيتم إعداد الدستور وفق المبادرة الخليجية، وحسب أهواء الدول الراعية للحوار، حيث ستنبثق عن مؤتمر الحوار لجنة لإعداد مشروع الدستور مكلّفة ومشكَّلة من المؤتمر، وسوف تتكون اللجنة من المشاركين في المؤتمر وهم الأحزاب الموقعة على المبادرة، والمشاركة في الحوار، وينبغي أن تنهي هذه اللجنة عملها خلال ثلاثة أشهر، ومن ثم يطرح مشروع الدستور للاستفتاء عليه من الشعب، ولا شك أن إعداد الدستور سيراعي أهداف وأجندات أطراف الحوار، وتوجهاتهم الجديدة، وما تمخض عن المؤتمر من قرارات حتى ولو أقر الفدرلة أو الأقلمة، أو حتى الانفصال!! وبالتالي ستكون اللجنة المكلفة بالصياغة مأمورة وملتزمة بنتائج الحوار، وسيكون الشعب مجرد محلل حين يطرح عليه الدستور ليقول (نعم) أو (لا)، وهناك سترفع الأحزاب شعاراتها الجوفاء، مثل: نعم للدستور... نعم للأمن والأمان.. نعم للدستور من أجل تجنب الحرب والانقسام، وسوف ترهب الشعب ليقول نعم للدستور كيف ما كان هذا الدستور. ونحن من منبرك هذا لا نؤيد أي دستور لا يكون منسجماً مع تطلعات الشعب وأهدافه، ينص صراحة على الثوابت الوطنية والنظام الجمهوري، والوحدة، والتعددية، والديمقراطية. وينبغي أن يكون الدستور ضامناً للحريات الفردية، ويظهر ذلك بالنص الصريح على حريات الأفراد، كما ينبغي أن يتضمن أسس الأمن الوطني والجماعي، و ذلك بالنص على تنظيم أسس الدفاع والأمن، وتشكيل وتنظيم القوات المسلحة على أُسس وطنية حديثة دون تدخل أجنبي. * سياسيون يصفون أداء حكومة الوفاق بالهزيل.. أنت كأكاديمي وسياسي ما تقول في ذلك؟وكيف تقيم أداءها؟ أنا أكاديمي ورجل شرطة ومتابع للوضع، ولست سياسياً، لأني أكره السياسة والسَّاسة، خاصة بعد ما شاهدت ما فعلوه بالبلاد في الآونة الأخيرة وكيف أرجعوها سنوات للوراء. حكومة الوفاق، من وجهة نظري ومن باب الإنصاف، حققت نجاحات متواضعة، أهمّها استقرار نسبي في بعض الأوضاع المعيشية، وتغييب شكلي لبعض المجاميع المسلحة في العاصمة صنعاء، وهذا كله سببه رغبة الجميع في الخروج من دوامة الصراع الذي جاء بهذه الحكومة. لكنها فشلت في وقف أعمال الإرهاب والقتل والاغتيالات، وتأمين الطرقات بين المحافظات، والسير بالعملية السياسية للأمام، وظلت حبيسة جفاها وهواها وأوهامها ومخاوفها، وربما أحقادها وأغراضها الحزبية، حيث سلَّمت اليمن للأمريكان براً وبحراً وجواً، حتى قال الناس: "من رأى يزيد رضَّى على معاوية"! ولقد كانت حبيسة الأجندة والرغبات الحزبية الضيقة، حيث مكنت لوزراء المشترك، وخاصة حزب الإصلاح، وتحت وهم الشرعية الثورية من تنفيذ أكبر عملية إحلال وإقصاء، واحتلال للمؤسسات الرسمية، بصورة لم يشهد لها اليمن مثيلاً، حتى في عهود الأئمة الذين كانوا يتورّعون من إقصاء الولاة السنة، وإبقائهم في أماكنهم ومناطقهم على الأقل. كما أنها في الوقت الذي سعت إلى تفكيك الجيش وتدميره تحت مزاعم الهيكلة كانت ضعيفة وربما متواطئة حيال إغراق البلاد بالسلاح والصفقات المشبوهة وخاصة (التركية) والتي قد يُراد بها الإعداد لإدارة اقتتال، أو الاستقواء بها على المجتمع والدولة خصوصاً بعد غياب الحرس الجمهوري، والسعي لتبديد قوة النجدة، وإضعاف دور الأمن المركزي، وأعتقد أن هذه الحكومة سوف تتحمل المسئولية التاريخية لو حدث ذلك، وخاصة رئيسها محمد سالم باسندوة.. * لنعد إلى الوراء قليلاً ونتحدث عن النظام السابق.. هل الأسباب كانت متوافرة لقيام ثورة عليه؟ وما الدور الذي لعبتموه كأكاديميين ومشرِّعين، حينها؟ من تقصد بالنظام السابق؟ لأنه يصعب التمييز بين ما هو سابق وما هو لاحق خاصة في اليمن، فابتداءً من رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي إلى رئيس الحكومة باسندوة إلى أعضاء هذه الحكومة، وصولاً إلى مجلس النواب، وحتى قادة الجيش والأمن كلهم من النظام السابق، حتى القيادات التي حرصت حكومة (الإصلاح) على تعيينها في المناصب القيادية كلها من النظام السابق، وبعضهم عملوا بقرارات الرئيس علي عبدالله صالح لمدة ثلاثين سنة، والآن بدأ تعيينهم من جديد على أساس الشرعية الحزبية والثورية الجديدة!! ولو شئت لسمّيت لك مائة اسم من زملائنا في الشرطة كانوا من الخالدين في وظائفهم في العهد السابق إذا جاز تسميته كذلك . وان كنت تريد أن تقول علي عبدالله صالح الرئيس السابق.. الرئيس صالح تألّبت عليه أربع عوامل، العامل الأول: حدوث الانقسام داخل الدائرة الضيقة حوله والخلافات الخفية التي كانت تدور في الكواليس لسنوات من أجل حكم مرحلة ما بعد علي عبدالله صالح، وهو ما أدى إلى انقسام الجيش فيما بعد. العامل الثاني: انفراط عقد التحالف تدريجياً بين الرئيس السابق والإخوان المسلمين (الإصلاح)، والذي ظهر عملياً منذ انتخابات عام 2006م، حيث قاد الإصلاح تكتلاً جديداً ضد الرئيس سُمي بأحزاب اللقاء المشترك، كان طابعه في البداية سلمياً ودستورياً، وقد خاض المشترك أول انتخابات تنافسية حامية الوطيس ظناً منه أنه سيهزم الرئيس دستورياً، ولكنه مُني بهزيمة ساحقة، قال الرئيس صالح يومها إن نسبة ال20٪ أو تزيد التي حصل عليها المشترك هي حجمه الطبيعي. وبعدها رفض المشترك الدخول في حوار مع الرئيس السابق واتخذ تكتيكاً جديداً هو تأليب أعداء ومعارضة الداخل والخارج ضد صالح، فضم الحراكيين والحوثيين والانفصاليين، والقاعدة إلى محور المعارضة وبلغ الأمر إلى أن اتفق الجميع أن عدوّهم المشترك هو علي عبدالله صالح وان الحل يكمن في إسقاطه نهائياً.. كل ذلك حدث بسبب محاولة صالح الانفراد بالقرار عن حلفائه الاستراتيجيين من الأخوان المسلمين، وهو التحالف الذي دام (33) عاماً، ولا شك أن ذلك قد ألّب عليه حلفاءهم وأنصارهم في الداخل من القوى (التقليدية - القبلية - والطامعة)، وداعميهم من الخارج (كالسعودية وأمريكا- ودول الربيع فيما بعد). العامل الثالث: وهو توقيت الربيع العربي الذي تزامن مع الأزمة السياسية الخانقة والمستفحلة بين الرئيس وخصومه، وهو توقيت لم يختَره الرئيس وإن كانت اختارته المعارضة، لأنه توقيت عالمي للوطن العربي كله، وخاصة الأنظمة الجمهورية، وقد صب هذا الربيع في صالح المعارضة، حيث جمعت الفوضى الخلاّقة بين الأعداء من قاعدة وحوثيين وحراك وإسلاميين وليبراليين، وقبليين في ساحة واحدة، وقد كان هدفهم العام هو إسقاط النظام (أي الرئيس)، وهدف كل فريق منهم فيما بعد استثمار هذا السقوط لصالحه، كما هو واضح الآن من انقسامهم حول الحوار وحول كل شيء. العامل الرابع: وهو خروج طوابير الفاسدين الذين رباهم ورعاهم للأسف الشديد علي عبدالله صالح وهم الثعابين الذين كان يظن نفسه لا عباً ماهراً على رؤوسهم. وقد انشق هؤلاء الفاسدون في خطوة استباقية لحماية مصالحهم. ورغم أنه كان لدى الرئيس السابق تأييد كبير لا ينكر من القسم الأكبر في الجيش اليمني، وله من التأييد الشعبي والجماهيري ما يزيد على أعداد الخارجين عليه، فإن ذلك لم يجدِ نفعاً. ولما يئست أمريكا وحلفاؤها من تسويفات علي عبدالله صالح، وصموده وعدم ارتكابه حماقة تمكّنهم منه؛ لفَّقوا له قضية ما سُميت ب"جمعة الكرامة"، فهزته كثيراً لكنها لم تقنع الشعب أنه كان متورطاً في قتل الشباب، وقد برأه حتى بعض أعدائه، وأشارت أصابع الاتهام للمعارضين له. ولمَّا لم تفلح مساعيهم في صنع حدث يؤدي للمواجهة بين الموالاة والمعارضة، وبين الجيش والجيش، ليسهل عليهم تفريخ الفوضى وإنتاج التغيير الذي رسم من الخارج، وليس التغيير الذي كان يطلبه الشعب وجموع الشباب في أول خروجهم، لما يئسوا من ذلك خرجوا عن سلميَّتهم المزعومة واختاروا أبشع الوسائل إجراماً ودموية للتخلُّص من الرئيس والدولة بأكملها!! * لنعود للشق الثاني من السؤال: موقفك كأكاديمي من ثورة الشباب؟ بداية كنا نظنها ثورة شباب، فأيدناها، ولكنها تحوَّلت إلى ثورة لشيوخ الفساد وأساطين الجريمة والإرهاب، ثم تحوَّلت إلى ما يشبه انقسام اللصوص على الغنيمة، فأخذت إليها من أخذت من الكذّابين والمنتفعين والفاسدين، وأبقت خلفها من أبقت من هؤلاء جميعاً. في الندوة الخاصة بهيكلة وزارة الداخلية بدا الجميع وكأنهم خارج النطاق فيها.. إذاً، الهيكلة من ستشمل ؟وما رأيك فيها؟ الهيكلة في حقيقتها مفهوم إداري وفني يتعلق بإعادة النظر بالبناء التنظيمي للجيش والأمن، وتطوير مؤسسة القوات المسلحة وقوات الشرطة. لكن المفهوم السياسي للهيكلة يعني في نظر القائمين عليها استبعاد أشخاص وقيادات واستبدالهم بغيرهم، والهدف السياسي له هو إبعاد من يسمونهم بالقيادات العائلية من الجيش والأمن، وهذا جيد لانريد قيادات أسرية وعائلية في الجيش والشرطة، ولكن بشرط أن لا يتم إحلال قيادات حزبية وعائلية مكانها، لأن هذا مفهوم سياسي لا إداري ولا موضوعي. وقد غلب على فهم الجميع المفهوم الشخصي للهيكلة وليس الموضوعي، ووفقاً لهذا المفهوم الأخير فأرى أن الهيكلة في الجهاز الإداري للشرطة سوف تشمل إضافة بعض المكونات للهيكل التنظيمي للداخلية، وإزالة بعض المكونات التي لم تكن فاعلة في الهيكل السابق، كما سوف تشمل إضافة مهام لبعض قوى الشرطة وإلغاء أخرى، لنواكب التصور الجديد لوظيفة الشرطة، ومما لاشك فيه أن الهيكلة سوف تستثمر لإحداث مناصب وإلغاء أخرى، وتدبيج قيادات هنا وهناك لصالح الطرف الذي يقوم بالهيكلة... ورأيي أن الهيكلة كلمة حق أُريد بها باطل، وأن الغرض منها في هذه الأيام سياسي لا إداري، كما ظهر من بعض مخرجاتها على الساحة. * اللواء محمد علي محسن وجّه رسالة شديدة اللهجة إلى هادي بخصوص هيكلة الجيش ونصح هادي أن يأخذ العبرة من سلفه.. كيف لنا أن نفهم ذلك؟ أنا لا علم لي بمثل هذه الرسالة، والله أعلم بالنوايا التي يريدها من وجَّه الرسالة للرئيس عبد ربه، فإنما الأعمال بالنيات، ولكني قلت لك إن الهيكلة إذا كانت لأهداف سياسية، فسوف لن ترضي أطرافاً كثيرة، وسوف تنتج صراعات كثيرة وقد تؤدي إلى حرب، وكنت أرى أن تكون الهيكلة وغيرها من مخرجات مؤتمر الحوار بحيث توقِّع عليها الأطراف السياسية كلها وتلتزم بها، ومن ثم يشارك الجميع بتنفيذها، لكنهم جعلوا العربة قبل الحصان. قرارات هادي الأخيرة يكتنفها بعض الغموض كون مصير اللواء علي محسن الأحمر غامضاً فيها.. ما تعليقكم؟ للقرار الصحيح عموماً عدة أركان، أهمها: الاختصاص والشكل، والسبب، والمحل، والغاية. ومتى اختل ركن من هذه الأركان كان القرار معيباً، وفيما عدا الاختصاص الأصيل لرئيس الجمهورية لم يكن شكل صدور القرار واضحاً ولم نقرأ نصاً لقرار مكتوب بوضوح، وإنما كلام في النشرة، يشبه الإعلان الدستوري تبعه تعقيب وتفسير من نصر طه مصطفى، ومن ثم تأييد ومباركة، خارجية وداخلية.. فهم من كل ذلك إلغاء كل من الفرقة الأولى والحرس الجمهوري، وأعقبه تأييد شكلي من الطرفين ثبت أن كلاً منهما أراد إظهار التزامه لأسباب سياسية معروفة. ومما يعيب هذه القرارات التي سُميت زوراً "قرارات هيكلة الجيش"، أن سببها لم يكن وجيهاً، فهناك فرق بين الهيكلة كما بيَّناها سابقاً، وبين إلغاء الفرقة والحرس الجمهوري، لأن الإلغاء ليس هيكلة، وإنما هو مطلب أمريكي كما يراه البعض، كما أن الفرقة والحرس ليسا الجيش كله ليُقال "هيكلة الجيش"، فضلاً عن أن محل هذه القرارات هو الفرقة والحرس، ولم تبيِّن القرارات كيف ألغيت، وأين تذهب هذه القوة، وما مصير قائد الحرس وقائد الفرقة. ويشترط في القرارات الصحيحة أن يكون محلها ممكناً وجائزاً قانوناً، وهذا ما لم يبدُ ممكناً في مثل هذه الحالة ولا جائزاً، كما أن الغاية من هذه القرارات لم تكن واضحة، وإن كان من الصالح العام أن تزول مراكز الصراع داخل الجيش، فإن القرار السليم هو تغيير القيادات وإعادة تنظيم أوضاع القوتين على أساس دستوري ومهني، وهذا ما لم يحدث. ........... يتبع الجزء 2 * صحيفة المنتصف