فجر الرئيس هادي مساء أمس الأربعاء مفاجأة مدوية بإصداره حزمة قرارات مصيرية أعاد من خلالها ترتيب أوضاع المؤسسة العسكرية التي عانت طويلاً من الانقسام و التشظي . وقد كانت القرارات الجديدة مطلباً ثورياً وسياسياً كونها تهيئ الأوضاع لما يضمن نجاح الحوار الوطني المنعقد حالياً، و تمهد كذلك لبناء الدولة المدنية التي كانت اولى مطالب الانتفاضة الشعبية . هادي أصدر قرارا بإقالة نجل الرئيس السابق علي عبدالله صالح (أحمد) من قيادة ما كان يسمى بالحرس الجمهوري، كما أقال القائد العسكري البارز علي محسن الأحمر من قيادة المنطقة العسكرية الشمالية. وعين هادي نجل صالح سفيرا لليمن لدى دولة الإمارات، فيما تم تعيين اللواء الأحمر مستشارا للرئيس للشؤون العسكرية والأمنية ،و تأتي هذه التعينات في إطار ما وصفها مراقبون بمراضاة الجنرالين الكبيرين، كما أنها تطوي صفحة عقود من نظام حكم كانت مفاصله بيد رموز عسكرية جميعها تنتمي لمنطقة سنحان بمحافظة صنعاء. كما أصدر الرئيس قرارا ضمن، خطة إعادة هيكلة الجيش، قضى بتقسيم اليمن إلى 7 مناطق عسكرية، وتسمية قادة عسكريين لها، واستحدث منصبا جديدا، هو المفتش العام للقوات المسلحة، إضافة إلى 4 مساعدين لوزير الدفاع. وتمخَّضت قرارات الرئيس هادي عن تذويب الحرس الجمهوري والفرقة الأولى مدرع ضمن السبع المناطق الجديدة ، و التي تم تعيين قادة عسكريين جُدد فيها، بعضهم من المقربين للرئيس اليمني والبعض الآخر من الموالين للواء الأحمر ولنجل الرئيس السابق. كما عين هادي نجلي شقيق صالح، اللذين أطيح بهما من الجيش والمخابرات في وقت سابق، بوظيفة ملحق عسكري في سفارة اليمن في كل من مصر وإثيوبيا. من جانبه قال -المبعوث الدولي للأمم المتحدة في اليمن- جمال بن عمر أن قرارات الرئيس هادي بتسمية المناطق العسكرية وتعيين قادتها خطوة في الاتجاه الصحيح لاستكمال إعادة هيكلة القوات المسلحة وتوحيدها. وأضاف بن عمر على صفحته على الفيسبوك : " تنسجم هذه القرارات مع اتفاق نقل السلطة وقرارات مجلس الأمن، وتأتي ضمن خطوات شجاعة عدة اتخذها الرئيس لتعزيز مناخ الحوار الوطني". وأكد بن عمر على أنه قد لمس من خلال اتصالاته ارتياحاً شعبياً ودعماً دولياً قوياً لهذه القرارات ، وأضاف: "أنا على يقين أنها سوف تصب في مصلحة تعزيز أمن اليمن واستقراره". وبحسب مراسل "سكاي نيوز عربية" فإن قرارات هادي جاءت عقب اجتماع عقده الثلاثاء مع سفراء الدول الراعية للمبادرة الخليجية، أطلعهم خلاله على العراقيل التي تواجه عملية إعادة هيكلة الجيش، والمعرقلين للهيكلة، وكذا حتمية اتخاذ الخطوات التنفيذية لقرارات سابقة اتخذت في ديسمبر، ولم يتم تنفيذها. وفي تعليق ل"العربية نت" اعتبر المحلل السياسي كامل عبدالغني أن هذه القرارات قد وضعت المسمار الأخير في نعش مراكز القوى العسكرية التي رأى فيها المراقبون التحدي الأكبر أمام الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي. وشدد عبدالغني على أهمية توقيت هذه القرارات، حيث إنها صدرت في وقت يتهيأ أعضاء مؤتمر الحوار الوطني لاستئناف جلسات النقاشات بعد أن شهدت الجلسة العامة الأولى تشكيل فرق عمل أهمها الفريق المكلَّف بوضع حلول للقضية الجنوبية، وفريق آخر منوط به بحث ملف صعدة المناط وتمرد جماعة الحوثي، فضلاً عن فريق صياغة دستور جديد للبلاد. وفي السياق ذاته عبّرت الحكومة اليمنية برئاسة محمد سالم باسندوه في بيان عن تأييدها للقرارات التي اتخذها الرئيس هادي، تنفيذاً لما تم الاتفاق عليه بموجب المبادرة الخليجية التي وقعت عليها جميع الأطراف السياسية في السعودية في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2012. وبإصدار الرئيس هادي هذه القرارات يكون قد وضع حداً للانشقاق الذي حصل في الجيش منذ بدء الاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس السابق علي عبد الله صالح في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2011 عقب توقيع المبادرة الخليجية، ويبقى الجميع منتظراً ترجمة هذه القرارات عملياً على ارض الواقع.