شهد اليمن، للشهر الثالث توالياً، أحداثاً متسارعة، ستظل آثارها باقية وواضحة المعالم على المكان، ولمدة زمنية طويلة. تناول الإعلام، بمختلف وسائله وأدواته، لما جرى وضع البلاد في دائرة "اللامعقول" في نظر الجميع و"اللامقبول" في بعض جوانبه بالنسبة للداخل المعايش للأمر الواقع بعيداً عن التغطية العاجلة والمهمة وتحليلات ضيوف الشاشات وصفحات الجرائد. حتى اللحظة.. لا يملك أحد رواية مقنعة لما تم وكيف؟ من صعدة إلى حجة، عمران، صنعاء، الحديدة، ذمار، إب، عدن، أبين، لحج، البيضاء... والبقية تأتي. حتى هؤلاء ممن يسمون أنفسهم محللين استراتيجيين ومراسلين، كانوا جزءاً من اللعبة، وانساقوا وراء الشائعات في تفسير التفجير والكشف عن حقائق مزيفة لحقيقة ملموسة نظراً لتسارع الأحداث وتوسعها في آن. هناك من يتحدث عن: تحالفات، تواطؤ، تفاهمات، ضغوط دولية، والمسألة أكبر مني ومنك. قادة الأحزاب السياسية، خاصة المجتمعين على حل الأزمة لمتابعة مستجدات الأحداث وتداعياتها والواقفين باستمرار عند "المنعطف الخطير" الذي تمر به اليمن.. التزموا الصمت أخيراً، وتخلوا عن الطنطنة الإعلامية على الشعب ورئيس الجمهورية ورعاة المبادرة باستثناء بعض تغريدات وبوستات تظهر أنهم لا يزالون واقفين باهتمام أمام منافسات برشلونة وريال مدريد، ولاستجداء العطف رجاءً صوتوا للشاب وليد الجيلاني.. اقصفوا عرب أيدول برسائلكم. يمارس الصحفيون انتقائية شديدة العناية في تغطيتهم للأحداث الجارية.. انطلاقاً من مراعاة سياسة الوسيلة التي يعملون لديها أو انتماءاتهم الحزبية وقناعاتهم المتشعبة. الإعلام اليمني يقوم حالياً بعملية تمويه كبرى من خلال رؤيته أحياناً لجزء بسيط من الحقيقة وتركه للبقية وحيناً الغوص في تفاصيل هامشية.. على سبيل المثال، ما يحصل الآن في مدينة رداع بمحافظة البيضاء، يمكن الاستغناء عنه لصالح الحديث عن عقوبات دولية مرتقبة. نفذ الحوثيون عملية تطهير واسعة لعناصر القاعدة داخل العاصمة، كان الإعلام بعيداً عنها ولم يبحث في أسباب المفرقعات النارية، ودواعي استقبال الأهالي للحجاج بالمفرقعات النارية المدوية، والحقيقة أنها كانت غطاءً لمهاجمة أوكار القاعدة في منازل أمانة العاصمة. بالنسبة لمسئولي الدولة، للأمانة ثمة تغير بسيط طرأ على أسلوب إدارتهم للمشكلات وتعاطيهم مع الحلول.. في السابق عندما كنت تسأله، فإنه يندفع بشدة للدفاع عن أي "ادعاءات" تتعلق بإخلاله القيام بواجباته المطلوبة، وينفي بالحرام والطلاق صحة تلك الأخبار المغرضة: لا.. لا.. لم يحدث مثل هذا الشيء ولن يحدث أبداً.. وقدك أخبر".. أما اليوم وعقب أزمة قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية، فإنه يقر بما حدث ويضيف: زاد الله أمثالك من الرجال المخلصين الأوفياء لوطنهم، وجعلك ممن ينطبق عليهم شروط الكفاءة والنزاهة وتحمل مسئولية النهوض بأعباء المرحلة. الغريب هنا، أنها المرة الأولى التي لا يصدر فيها بيان عن جمعية وهيئة لعلماء اليمن إزاء حدث بهذا القدر من الأهمية.. وبخلاف التوقعات، نجد الأممالمتحدة والدول الراعية باركت دخول جماعة الحوثي صنعاء وبصمت بالعشر تأييداً لهذه الخطوة. * المنتصف