بعض الموقف نخرج منها بانكسار القائد الذي فقد رعيته ونفسه. هذه هي الحقيقة التي لامست واقعنا اليوم، فاليوم البشر غيروا جلودهم، وأصبح الدم كلون الماء، وانتزعوا الظفر من اللحم، خدعونا بحسن نية، ونحن صدقنا بحجم ثقتنا بأننا سنظل أبناء اليمن السعيد، وأنهم أهل الزمن الجميل! البعض يحتاج تقديم تفسير وشرح مفصل، ولكن الصور القادمة من تعز هي التفسير والشرح المفصل. ذكرني اليوم زميل إعلامي بقوله: يا أستاذة، تذكري كلمة الفنان الراحل أحمد زكي في فليم "البيضة والحجر" حين يقول: (البلد إذا دخله الانحراف الثقافي مشكلة)، تذكرت على إثرها نصيحة أستاذي قبل سنوات حين نصحني بقوله افصلي دائما بين السياسة والثقافة؛ لأن التدخل السياسي يسبب الانحراف السياسي. فسألته، حينها: كيف؟ فأجابني: في طفولتنا كنا نعد الخرفان حتى ننام… فحين كبرنا اكتشفنا أن عدد الذئاب أكثر من عدد الخرفان بكثير... ياألله!! كيف رنت كلماته بأذني وتجلت لي الصورة المقيتة لأبناء السعيدة وأبناء أرق أفئدة وألين قلوباً.
فأجندة الخونة (الفاصلة) التي جعلت مسيرة المثقفين تنحرف تجعلك تسجد شكراً لله على نعمة (العقل.. والدين.. والتربية.. والأخلاق) وتشعرك انك نشأت في المدينة الفاضلة! وكأني قائد أعيش الانكسار بشموخ.
فالانحراف بمعناه الواسع هو: انتهاك للتوقعات والمعايير الاجتماعية، والفعل المنحرف ليس أكثر من أنه حالة من التصرفات السيئة ناتج عن أجندة خونة ومرتزقة وعملاء وعبدة المال، وبالاخير وحدهم الانقياء، فقط، يدفعون ثمن الحب.. وثمن الأحلام.. وثمن الوفاء.. وثمن نقاء النوايا.. وثمن حسن الظن بالآخرين!
لذا أجزم اليوم أن ما يحدث في وطني اليمن الغالي وخصوصاً في تعز الثقافة وعدن الحبيبة سوى الخروج من جادة الصواب، والبُعد عن الوسط المعتدل، وترك الاتزان، وهو وصف لمعنى الانحراف الثقافي السياسي الذي حذرني منه ذات يوم أستاذي الذي يخالف القيم الروحية والأخلاقية والحضارية للمجتمع، ويخالف الضمير المجتمعي، وأهم من ذلك كله هو ذلك النوع من الفكر الذي يخالف المنطق والتفكير السليم، ويؤدي إلى ضرب وتفكك وحدة وكيان المجتمع وهو مرادف للتطرف والغلو الذي يترتب عليه العنف والإرهاب، ويبقى بالأخير حقيقة مؤلمة هي حين تتسخ الأماكن… يشعر (النظيف) بانكسار الزعماء انكسار بشموخ.. ويقى ان نردد بثقة لامتناهية: #أنا_يمني_وأحب_وطني اللهم عجل بنصرك.. بلدة طيبة ورب غفور