"المنتصف" – عصام السفياني:- بعد مضي 8 أشهر على انتخاب عبدربه منصور، رئيساً توافقياً للبلاد بموجب اتفاق سياسي مؤطر بالمبادرة الخليجية، تظهر المؤشرات والمعلومات والتحليلات لمجريات الأوضاع أن حزب الإصلاح والقوى المتفرعة منه، "دينية، قبلية، عسكرية"، يسيرون في اتجاه مغاير لمقتضيات التسوية السياسية التي تشترط عدم ترجيح كفة أحد على الآخر. حصل الإصلاح على نصيب الأسد من مناصب هي حصة المشترك بكل حلفائه المستقلين والشباب، بل تعدى ذلك إلى أن وصل إلى نصيب الطرف الآخر وهو المؤتمر الشعبي العام وبدعم واضح من الرئيس عبدربه منصور هادي الذي يسعى بكل قوة إلى تقاسم التسوية السياسية ومخرجاتها مع الإصلاح وليس رعاية العملية التوافقية وحفظها من الميلان كما يفترض أن يكون عليه كرئيس للجميع. ما حصل ويحصل في الشق المدني أمر لم يعد خافياً على أحد، لكن ما يحصل في الجانب الآخر، وهو الشق العسكري، أشد خطورة وأكثر غرابة، حيث تحولت الفترة الانتقالية إلى مرحلة توسع للإصلاح ومكوناته داخل مؤسسة الجيش والأمن وبتواطؤ ودعم من اللجنة العسكرية ووزير الدفاع والرئيس هادي. وحصلت "المنتصف" على معلومات مهمة وخطيرة تكشف مدى النجاح الذي حققه الإصلاح في تنفيذ مخططه الرامي إلى تحقيق نسبة تواجد عالية داخل وحدات الجيش وإعادة توزيع القوة العسكرية بطريقة تخدم هذا المخطط. ويتذكر الجميع كيف هلّل وبارك اللواء علي محسن الأحمر، القائد العسكري لحركة الإخوان المسلمين في اليمن، قرارات الرئيس هادي التي أصدرها في شهر رمضان الماضي والتي قضت بضم ألوية من الحرس الجمهوري إلى مناطق عسكرية أخرى وكيف بعث برقية إلى الفضائية اليمنية بعد لحظات فقط من قراءة مذيع نشرة التاسعة القرار الجمهوري. لقد مثل ذلك القرار أولى خطوات النجاح التي ينشدها اللواء الأحمر، وها هو اليوم يواصل تنفيذ مصفوفة من الإجراءات والتغييرات في هيكل القوات المسلحة تصب كلها في صالحه وحزبه وحركتهم العالمية "الإخوان المسلمين". وللتأكيد على ما سلف سنورد جزءاً من هذه الإجراءات التي ترسم جزءاً كبيراً من المخطط الخطير للإصلاح في سعيه إلى تأميم القوات المسلحة والاستحواذ على أكبر قدر من وحداتها.. وتفيد المعلومات التي حصلت عليها "المنتصف" أن قيادات عسكرية كبيرة في وزارة الدفاع تساند الأحمر والإصلاح في إنجاز مهمتهم، فقد قام الإصلاح خلال الأشهر الثلاثة الماضية بتجنيد عدد كبير من عناصره ووزعهم على عدد من المناطق العسكرية بطريقة تكشف الأهداف الخفية لطريقة التوزيع. أولاً: قام الإصلاح بتجنيد أعضاء اللجان الأمنية في ساحات الاعتصامات في كل المحافظات التي يتواجد فيها ساحات ونشطاء إصلاحيون وذلك بالاتفاق مع قيادات عسكرية حصلت على منافع مماثلة من الحزب وقياداته وبالذات اللواء الأحمر والشيخ حميد الأحمر. وقد تم توزيع هؤلاء المجندين والذين يزيد عددهم عن 2000 "ألفي فرد " على محافظات: الحديدة – ذمار – والجوف وهم من النشطاء المتشددين داخل الإصلاح وكان الحزب يكل إليهم مهمات ذات طابع أمني تتعلق بقمع الخصوم وتشديد القبضة على الساحات وعدم السماح بتجاوز رؤية الحزب وخطابه السياسي في الساحات. ثانياً: قام الإصلاح بتجنيد المسلحين الذين قاتلوا القوات الحكومية العام الماضي في: "تعز، أرحب، نهم، الحيمة، الجوف، وعمران" وتم توزيعهم على محافظات: "البيضاء، تعز، الحديدة، والجوف" وتم نقل المنتمين إلى محافظة تعز إلى ذماروالحديدة ونقل أبناء أرحب إلى البيضاء وأبناء نهم إلى تعز، حيث استقبل محور تعز الأسبوع الماضي دفعة جديدة من المجندين يزيد عددهم عن ال100 "مائة " جميعهم من أبناء نهم وتم عسكرتهم بأمر واحد صادر من جهة عليا في الدولة، حسب المصادر التي أطلعت الصحيفة على هذه المعلومات. ثالثاً: استطاع الإصلاح وتحديداً اللواء علي محسن الحصول على موافقة بنقل اللواء 25 ميكا إلى محافظة حجة لتقوية جبهة الإصلاح ضد الحوثيين في حجة ونقل اللواء الذي كان في حجة وساند قوات الشرعية العام الماضي إلى أبين بدلاً عن اللواء 25 ميكا. نقل اللواء 35 مدرع الذي يقوده مدير مكتب علي محسن السابق إلى محافظة تعز من محافظة الضالع ونقل اللواء 33 مدرع من تعز إلى الضالع. وعمليتا النقل هاتان تكشفان بوضوح أهداف علي محسن الأحمر من إعادة تموضع قواته العسكرية والألوية الموالية له وفق خطة مدروسة ومحكمة. معلوم أن اللواء 33 مدرع في تعز وقف إلى جانب قوات الشرعية ضد ميلشيات الإصلاح في محافظة تعز واستطاع أن يلعب دوراً مهماً في حفظ الوضع كونه يسيطر على مواقع ذات أهمية بالغة ويعد اللواء 33 ومواقعه هو المسيطر على تعز وبوابتها الغربية، لأن هذا اللواء يسطر على مناطق شاسعة من الجهة الساحلية للمحافظة وعلى موقع العروس المطل على المدينة وعلى مطار تعز القديم والمدخل الأوسع للمدينة من جهة هجدة – الحجرية – شرعب- جبل حبشي، أكثر مناطق تعز أهمية من حيث خطورتها على المدينة. ويتمتع اللواء بترسانة عسكرية كبيرة، لذلك يسعى اللواء الأحمر بكل قوته إلى نقل الأفراد فقط وترك العتاد العسكري داخل المواقع الأمر الذي يرفضه ضباط اللواء كون اللواء 35 مدرع في الضالع والذي سيحل بديلاً في مقر لا يملك حتى 20% من قوة السلاح للواء 33 مدرع. ويهدف اللواء علي محسن إلى الظفر بالعتاد العسكري التابع للواء 33 كون أفراد اللواء 35 القادمين من الضالع غالبيتهم من أتباعه، وعليه سيضمن بذلك وجوده في محافظة تعز بعد أن تم ضم قوات الحرس الجمهوري في المحافظة إلى المنطقة الجنوبية وبذلك يعود علي محسن إلى تعز بقوة اللواء 35 في حين الطرف الآخر لم يعد له وجود بمجرد نقل معسكر الحرس الجمهوري إدارياً ومالياً إلى المنطقة العسكرية الجنوبية. وإلى جانب ذلك مازال شيخ حاشد صادق الأحمر ينتظر دوره لإكمال المخطط من خلال مطالبته بتجنيد 5 آلاف من أتباعه هو والشيوخ الموالين لتوجهاته بعد أن تم استيعاب 2000 من مقاتلي حاشد الذين قاتلوا في الحصبة ولم يكونوا مجندين من قبل، حيث أن غالبية من قاتلوا مع الأحمر في الحصبة هم جنود محسوبون على وزارة الدفاع ضمن الجيش النظامي لكنهم متفرغون لتنفيذ مهام خاصة بالشيخ. ما سبق ذكره يوضح مدى المخاطر التي تواجه عملية بناء الجيش على أسس وطنية بعيدة عن الولاءات الفرعية كما يأمل المجتمع الدولي الراعي للمبادرة الخليجية كون اللواء الأحمر قام أيضاً بتجنيد نحو ألفي فرد بدلاً عن أفراد اللواء 115 في الجوف والذي تحول إلى لواء مغلق بالكامل لصالح أفراد الإصلاح. وقد استطاع اللواء الأحمر إنجاز الكثير من مصفوفته الخاصة وبحزبه الإصلاح بكل حرية وبمباركة من الرئيس هادي ووزير دفاعه اللذين عقدا صفقة مع الإصلاح واللواء الأحمر تقاسما خلالها منافع كثيرة حصل بموجبها الرئيس هادي على مناصب كثيرة لأتباعه في الجيش والأمن والمخابرات واستطاع تأسيس مركز قوة جديد تابع له شخصياً بدون أن يعترض الثوار أو قادتهم. ويلاحظ أن اللواء علي محسن وحزب الإصلاح تركا الجنوب للرئيس هادي واكتفيا بالعسكرة وإعادة توزيع القوة في الشمال، وهذا تكتيك من الإصلاح الذي يسعى إلى السيطرة على الجيش في الشمال بطرق ملتوية ليسهل عليه بعد ذلك التهام الجنوب بالقوة إذا لزم الأمر. الرئيس هادي يعمل على تأسيس مركز نفوذ له داخل مؤسسات الجيش والأمن من خلال تعيين مقربين له في مرافق مهمة وهو يرى انه لن ينجح مادام الإصلاح وعلي محسن وشيوخ حاشد آل الأحمر غير راضين عنه لأنهم يملكون سلاح الساحات والتظاهرات المليونية والإعلام حيث وصلت سيطرتهم إلى وسائل الإعلام الحكومية التي حرص علي محسن على تغيير اسم وزير الإعلام يوم تشكيل الحكومة من عبد الملك المخلافي "الناصري" إلى علي العمراني المحسوب على اللواء الأحمر لتكتمل دائرة السيطرة على وسائل الإعلام الذي يخشاه الرئيس هادي كثيرا. وبذلك اختار الرئيس هادي إرضاء الإصلاح وأقطابه ليكمل مشوار تأسيس مركزه في الجيش والأمن دون اعتراض حتى ان قرارات تعيين المقربين منه تحولت إلى انجاز وطني كبير مع العلم ان بعض هذه القرارات غير مدروسة ولن تفيد الوطن بشيء كما هو حال تعيين رئيس جهاز الأمن القومي الذي كان بإمكان هادي إذا كان متخوفاً من الشماليين ان يعين ضابطاً جنوبياً متخصصاً في العمل الاستخباراتي كما فعل في تعيين مدير جهاز الاستخبارات العسكرية أما أن يعين شخصاً ليس له علاقة بالعمل الاستخباراتي فهذه مجازفة كبيرة ما يجري اليوم في مؤسسات صنع القرار مؤشر يحمل في طياته خطورة كبيرة على البلد كون مؤسسات عسكرية وأمنية كبيرة تحولت إلى هدف وحيد للفترة الانتقالية وتصفيتها وتفكيكها هو النجاح الذي تسوقه ماكنة إعلامية ملتهبة لا تضع أي اعتبار لمفهوم الشراكة ومقتضيات التسوية وشروطها وإبعادها المختلفة. وقد استطاع تيار الإخوان المسلمين بأجنحته المختلفة، القبلية والسياسية والعسكرية، ان يفرض أجندته على الرئيس عبد ربه منصور هادي ويبدو تأثير هذا التيار على الرئاسة من خلال نوعية القرارات التي يصدرها هادي والتي تستثني كل التيارات السياسية بما فيها حلفاء الإخوان في المشترك وتذهب غالبيتها إلى جناح علي محسن والإصلاح المستفيدين الأبرز من الفترة الانتقالية حتى اللحظة. ورغم كل العبث الذي يجري في القوات المسلحة لصالح اللواء الأحمر وشيوخ حاشد الإصلاحيين والإخوان المسلمين مازال هؤلاء يتحدثون عن ضرورة هيكلة الجيش على أسس جديدة وليس صحيحة ووطنية كما يرغب ويتمنى اليمنيون ومازال الرئيس هادي يصر على تفتيت قوات الحرس الجمهوري من خلال إلحاق وحداته بمناطق عسكرية أخرى وهذا يخدم الإخوان ومخططاتهم التوسعية.