( لطائف): سادت، مؤخراً، في تعز موجة عنف جديدة تصور هشاشة الإنسانة فيها وركاكة البنية الأخلاقية لدى البعض، ووصلت هذه الموجة اللاأخلاقية مداها القذر إلى أبعد ما يمكن تصوره، ولكنها نشزت إلى درجة وضيعة ومقلقة بعد أن اتخذت من النساء مسرحاً جديداً، فأصبح من الممكن أن ترى امرأة على الطريق يضربها رجل لا يمت لها بصلة، وفتاة جامعية تمتد عليها أيدي الرجال بالأذى والتنكيل داخل أسوار الجامعة دون ذنب اقترفته أو فاحشة ارتكبتها إلاّ أن الانفلات الأمني أدى إلى وجود الانفلات الأخلاقي، فامتدت الأيدي وتطاولت الألسن وفسدت النوايا وظهر العفن الذي كانت تخفيه أعراف زائفة وكأن المرأة لا يكفيها ما عانته وما تعانيه في ظل مجتمع للذكر فيه مثل حظ الانثيين في كل شيء حتى في تلك القبلة أو اللمسة أو الدعم الأبوي. وفي نهاية المطاف تثبت المرأة اليمنية الحكيمة، دائماً، أنها الأقوى والأجدر بالثقة، لكننا نستثني هنا نساء عبثت بأفكارهن رؤى مستوردة وفتنت أعينهن زينة كاذبة تدعو المرأة للمدنية والتمدن لتمتص قواها وتستغل فطرتها لأهداف مرسومة بدقة لا تقصد المرأة فقط بل تقصد مجتمعاً مسلماً هو قوام الأمة المحمدية برمتها. إن ظهور تلك الثلة المنحرفة فكرياً في تعز على خلفية سياسية قاسية وأحداث مجتمعية غاية في التعقيد لا يبرر لأفعال عنف من طراز جديد تستهدف المرأة اليوم بعد أن استغلت كل مقومات مجتمعنا من بنية عقائدية ونسيج قيمي وأطفال باعتهم واشترتهم أيدي خفية حتى جعلت من أطفال اليمن بضاعة ومن مجتمعنا سوقاً ومن وطننا منتزهاً سياحياً لمن لا يستحق أن يتنشق هواءه أو يستظل دون دوحة أو يطعم من خير أرضه. نساء تعز اليوم يناشدن الرئيس الأب المسؤول عن رعيته إيقاف هذه الموجه العاتية من الطغيان الذكوري الذي لا نستبعد أن يكون بادرة مفتعلة تقف خلفها أياد ملطخة باستغلال الدين كمبرر لما تفعل وتقول، غير أننا نؤمن أن ديننا دين تسامح وسمو وبناء ولو أن المرأة اليوم وجدت في رجال المجتمع الأسري من يصون كرامتها ويحفظ أنوثتها ويكرم فطرتها ويجود عليها حباً وعطفاً ما خرجت تلتمس لقمة العيش مغمسة بالتعب والأذى والضنك، ولكن قلة الشهامة وانعدام المروءة وشحة الرجولة في أبسط معانيها جعلت نساء مجتمعنا اليمني يخرجن عن نطاق المعقول النسائي ويتخطين حواجز الواقع الذكوري ويصلن إلى مرحلة متقدمة من فهم الذات قد لا يدركها رجال هذا المجتمع ذي التركيبة المزدوجة. نساء تعز يستغثن بالوالد الرئيس لينظر في قضايا الاعتداء بالضرب على نساء تركن منازلهن إما لتحصيل العلم أو للبحث عن تحقيق الاكتفاء المادي وتأمين الحياة الكريمة لهن ولأبنائهن تحت مظلة اقتصادية رديئة وظرف وطني استثنائي يتطلب أن تكون المرأة شريكة للرجل في كل ميادين الحياة. فهل يكون هذا جزاء من حرمها التاريخ والجغرافيا من ترف المعيشة ورفاهية العيش؟! هل تستحق المرأة التعزية هذا الجزاء ممن لا نعده إلا دخيلاً على مجتمع تسوده مبادئ التسامح والعفوية كمجتمع تعز؟! *عن: صحيفة المنتصف