في مستهل حياتي العملية، كنت قبل حوالى خمسة عشر عاماً من الآن مستقرا في مدينة الشحر (سعاد) مدينة الشاعر الكبير المرحوم حسين المحضار ومدينة (الشهداء السبعة)، وحينها كنت أتولى إدارة مكتب الإعلام والعلاقات العامة بمديرية الشحر والمناطق الشرقية قبل تقسيمها إلى مديريات جديدة، وأتذكر أنني كنت ليلتها أقدم احتفائية رائعة أقيمت للابتهاج والاحتفاء بالذكرى الثامنة لقيام الجمهورية اليمنية التي تحققت بإعلان الوحدة اليمنية في ال22من مايو 1990م، وكان حفلا رائعا، شرفه العميد/ صالح عباد الخولاني محافظ محافظة حضرموت الأسبق احتضن الفعالية نادي سمعون الرياضي والثقافي بالشحر وقبل أن يلقي المحافظ الخولاني كلمته بالمناسبة أبى الشاعر الكبير الراحل حسين أبوبكر المحضار إلا أن يتحفنا(كان حاضرا بيننا) بقصيدة شعرية رائعة ألقاها بصوته، إذ قال فيها: استقبلت في ثوبها الباهي سعاد العاشق المغرم بها (صالح عباد) وهي لها تاريخ في حفظ الوداد ومن حبها أحبته وأعطته الفؤاد فاهنا أبا عمار بالحب والولع واقبل جميع الغنج منها والدلع والشيب ذي في رأسها هو والصلع غض النظر وغطه بالسواد إلى أن يقول -رحمه الله: لكن بعض الناس يبغوا التفرقة وقلوبهم بأشياء أخرى متعلقة يخفون نور الشمس لو هي مشرقه وينفخوا والنفخ كله في الرماد ويقول كذلك: واليوم بالوحدة بلغنا كل شأن ما بقى إلا بعض شطحان الأمان يزعزعونه كان ما فيهم حنان على الوطن (ولفوا)*على حب الفساد في عيدها الدائم لنا فرحة وعيد كل القوم اليوم بالوحدة سعيد وبوحدة الأمة قرب ما هو بعيد ماشي كما حب الوطن والاتحاد وسلام للشعب اليماني من هنا والقائد المشهور ذي قام البنا وللحكومة كلها وأهل الثناء الله يهديها إلى سبل الرشاد ويديم وحدتنا ويصلح أمرنا أيضاً ويفرحنا بها ويسرنا ... وبعد مرور (15) عاماً منذ تاريخ تلك الاحتفائية والحضور البهي للشاعر حسين المحضار والمحافظ الأسبق الخولاني ومرور سنوات طوال، إلا أن والى اليوم يستطيع المتلقى لتلك الأبيات والمتمعن لما جاء في مضامينها وإسقاطها على واقع الحال اليوم يجد دهاء وفراسة وتنبؤ المحضار بما قد يحصل مستقبلاً من تغييرات وطفرات وتنازعات وكأني بالشاعر حسين المحضار المتوفى منذ ما يقارب ثلاثة عشر عاماً يتحدث بتشخيص للواقع واستشراف للمستقبل، ويقول في نصح وإرشاد لأبناء جلدته (...ماشي كما الوحدة والاتحاد)!! نعم لكن بعض الناس (وليس كلهم) يبغون التفرقة وقلوبهم بأشياء جم متعلقة؟! لا حول الله ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . ...ولعلني أسأل وأتساءل: ترى ما هي هذه الأشياء التي لا تزال قلوب هؤلاء القلة بها متعلقة ؟ مثل ماذا؟ هل هو التنكر من الهوية اليمنية؟ وإذا افترضنا ذلك ما نوع تلك الهوية التي يتعلقون بها؟ مثلما خاطبهم المحافظ خالد الديني قبل أيام قليلة في أحد الاجتماعات التي عقدت مؤخرا في مدينة المكلا!! لماذا أصبح هؤلاء البعض لا يتقبلون الرأي ويصرون على الأخطاء... يا ترى هل هم من عناهم المحضار بقوله: (...إنهم يريدون أن يخفوا نور الشمس ولو هي مشرقة؟!)..؟! ربما أجاد التوصيف شاعرنا المرحوم، وإلا بماذا نفسر احتفاءهم المزعوم ب(التصالح والتسامح) واختير له ذكرى أليمة وحزينة يوم ال13من يناير.. ولا حول ولا قوة إلا بالله مرة أخرى!! * صحيفة المنتصف