وزير التجارة يكشف أسباب تعافي الريال ويؤكد أن الأسعار في طريقها للاستقرار(حوار)    ردود أفعال دولية واسعة على قرار الكابينت الصهيوني احتلال غزة    السهام يقسو على النور بخماسية ويتصدر المجموعة الثالثة في بطولة بيسان 2025    واشنطن: استقلالية البنك المركزي اليمني ضرورة لإنقاذ الاقتصاد ومنع الانهيار    هبوط العملة.. والأسعار ترتفع بالريال السعودي!!    مليونية صنعاء.. جاهزون لمواجهة كل مؤامرات الأعداء    الفاو: أسعار الغذاء العالمية تسجل أعلى مستوى خلال يوليو منذ أكثر منذ عامين    إعلاميون ونشطاء يحيون أربعينية فقيد الوطن "الحميري" ويستعرضون مأثره    القبض على 5 متورطين في أعمال شغب بزنجبار    الأمم المتحدة تعلن وصول سوء التغذية الحاد بين الأطفال بغزة لأعلى مستوى    رباعية نصراوية تكتسح ريو آفي    200 كاتب بريطاني يطالبون بمقاطعة إسرائيل    الأرصاد يتوقع أمطار رعدية واضطراب في البحر خلال الساعات المقبلة    أبين.. مقتل وإصابة 5 جنود بانفجار عبوة ناسفة استهدفت دورية عسكرية بمودية    الشهيد علي حسن المعلم    المكتب الاعلامي للفريق السامعي يوضح حول شائعات مغادرته صنعاء    الذهب يسجل مستويات قياسية مدعومًا بالرسوم الجمركية الأمريكية    الإدارة الأمريكية تُضاعف مكافأة القبض على الرئيس الفنزويلي وكراكاس تصف القرار ب"المثير للشفقة"    صحيفة روسية تكشف من هو الشيباني    اشتباكات مسلحة عنيفة بين فصائل المرتزقة في عدن    بايرن ميونخ يكتسح توتنهام الإنجليزي برباعية نظيفة    تفشي فيروس خطير في ألمانيا مسجلا 16 إصابة ووفاة ثلاثة    فياريال الإسباني يعلن ضم لاعب الوسط الغاني توماس بارتي    اكتشاف معبد عمره 6 قرون في تركيا بالصدفة    ما سر قرار ريال مدريد مقاطعة حفل الكرة الذهبية 2025؟    دراسة تحذّر من خطر شاشات الهواتف والتلفاز على صحة القلب والشرايين!    الراجع قوي: عندما يصبح الارتفاع المفاجئ للريال اليمني رصاصة طائشة    باوزير: تريم فضحت تهديدات بن حبريش ضد النخبة الحضرمية    لماذا يخجل أبناء تعز من الإنتساب إلى مدينتهم وقراهم    في تريم لم تُخلق النخلة لتموت    إنسانية عوراء    يحق لبن حبريش قطع الطريق على وقود كهرباء الساحل لأشهر ولا يحق لأبناء تريم التعبير عن مطالهم    المحتجون الحضارم يبتكرون طريقة لتعطيل شاحنات الحوثي المارة بتريم    وتؤكد بأنها على انعقاد دائم وان على التجار رفض تسليم الزيادة    وسط تصاعد التنافس في تجارة الحبوب .. وصول شحنة قمح إلى ميناء المكلا    كرة الطائرة الشاطئية المغربية.. إنجازات غير مسبوقة وتطور مستمر    تغاريد حرة .. عندما يسودنا الفساد    القرعة تضع اليمن في المجموعة الثانية في تصفيات كأس آسيا للناشئين    إب.. قيادي حوثي يختطف مواطناً لإجباره على تحكيمه في قضية أمام القضاء    الرئيس المشاط يعزي في وفاة احد كبار مشائخ حاشد    كنت هناك.. وكما كان اليوم، لبنان في عين العاصفة    محافظ إب يدشن أعمال التوسعة في ساحة الرسول الأعظم بالمدينة    عصابة حوثية تعتدي على موقع أثري في إب    الصراع في الجهوية اليمانية قديم جدا    وفاة وإصابة 9 مواطنين بصواعق رعدية في الضالع وذمار    الفصل في 7329 قضية منها 4258 أسرية    جامعة لحج ومكتب الصحة يدشنان أول عيادة مجانية بمركز التعليم المستمر    خطر مستقبل التعليم بانعدام وظيفة المعلم    دراسة أمريكية جديدة: الشفاء من السكري ممكن .. ولكن!    أربع مباريات مرتقبة في الأسبوع الثاني من بطولة بيسان    هيئة الآثار تنشر قائمة جديدة بالآثار اليمنية المنهوبة    اجتماع بالمواصفات يناقش تحضيرات تدشين فعاليات ذكرى المولد النبوي    مجلس الوزراء يقر خطة إحياء ذكرى المولد النبوي للعام 1447ه    لا تليق بها الفاصلة    حملة رقابية لضبط أسعار الأدوية في المنصورة بالعاصمة عدن    رئيس الوزراء: الأدوية ليست رفاهية.. ووجهنا بتخفيض الأسعار وتعزيز الرقابة    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جديد الكتب: كوكب الأرض في القرن الحادي والعشرين
نشر في المنتصف يوم 06 - 05 - 2013


جديد الكتب:
كوكب الأرض في القرن الحادي والعشرين
تفاؤل وتشاؤم بشأن زيادة سكان الأرض في القرن ال 21
**
يتسم هذا الكتاب بميزات عديدة يأتي في مقدمتها أنه يتعامل مع أهم القضايا التي ما زالت تؤرق العالم في المرحلة الراهنة، ومنها مثلاً قضايا زيادة السكان، والتكنولوجيا الجديدة والمسائل البيئية وما يتصل بها من ظواهر الاحتباس الحراري وأسلوب التعامل مع الموارد الكوكبية، فضلاً عن قضايا الهوة الفاصلة على مستوى كوكبنا «بين الذين يملكون والذين لا يملكون» حسب تعبير فصول الكتاب. وتتمثل الميزة الأساسية الأخرى لهذا الكتاب في أنه لا يعتمد منهجاً يقضي بطرح الأفكار من جانب أصحابها.
ولكن المنهج الذي تفّرد به جاء من خلال صدوره ضمن سلسلة تحمل عنوان «وجهات النظر المتعارضة» وبمعنى أن كل قضية يتم طرحها ضمن أبواب الكتاب الثمانية وفصوله التي بلغت 32 فصلاً، من خلال وجهتي نظر: واحدة مؤيدة وأخرى معارضة، وهو ما يشكل إثراء للمادة العلمية التي تم طرحها على شكل حقائق ونتائج بحثية فضلاً عن أرقام وإحصاءات موثوقة، إلى جانب تدريب القارئ كما قد نقول- على ما أصبح يُعرف في الخطاب السياسي والمجتمعي بأنه أسلوب «عصف الأفكار» بمعنى الرأي المطروح والرأي المعارض ولكن بأسلوب علمي ونهج موضوعي ينأى بحكم التعريف عن الانغماس في المهاترات أو الإغراق في المبالغات فيما ينشد الحقيقة البنّاءة والمعلومة المفيدة في كل حال.
وأخيراً يتميز هذا الكتاب بأنه يصدر عن منطق شامل في التعامل مع القضايا المطروحة، وبمعنى أنه يطل على قضاياه من منظور كوكبي أو عولمي يعني جميع سكان العالم وكل أحوال الأرض بعيداً عن الاهتمامات القطرية أو عن المنظور الضيق في التعامل مع القضايا والمشكلات.
هذا الكتاب جدلي في كل سطر من سطوره. كيف لا وقد صدر منذ سنوات ضمن سلسلة تحمل عنواناً لافتاً بحق هو: «سلسلة وجهات النظر المتعارضة».
من هنا فالفصول الاثنان والثلاثون التي يتألف منها متن هذا الكتاب تحاول أن تصل إلى الحقيقة، أو ما يقرب من الحقيقة، من خلال طرح آراء متعارضة وتصورات متباينة سبق وأن قالت بها كوكبة من المتخصصين في شتى فروع المعارف والنشاطات البحثية والدراسات العلمية، حيث يعمد مؤلف الكتاب «ديد بيندر» مع زميله «برونوليوني» إلى إدارة أطروحات الكتاب على محورين:
الأول : محور الزمان.
الثاني: محور المكان.
محور الزمان هو القرن الواحد والعشرون الذي لا يزال على نحو أو آخر يجتاز عقوده الاستهلالية.
أما محور المكان فهو كوكب الأرض الذي نعيش على سطحه ونعتمد بداهة على ما يحفل به من موارد وما يضمه من إمكانات.
من هنا يمكن التعامل مع أهمية هذا الكتاب من منظور مساهمة 32 عالماً ومفكراً وباحثاً في طرح مادته مع اختلاف المشارب والاتجاهات والتخصصات.
ومن هنا أيضاً تحرص هذه السلسلة المتعارضة من الآراء (والتي نأمل أن نحاكيها بشكل موضوعي على مستوى وطننا العربي) على أن تصّدر الصفحة الأولى من كتابنا بمادة التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة التي تنص على ما يلي:
« ليس للكونغرس أن يصدر أي قانون من شأنه الحدّ من حرية التعبير أو حرية الصحافة» وبعدها يحيل محررا الكتاب إلى الفيلسوف الإنجليزي الشهير «جون ستيوارت مِلْ» (1806-1873) حين قال: السبيل الوحيد الذي يمكن أن ينهجه أي كائن بشري من أجل الإحاطة بموضوع ما، يتمثل في سماع ما يمكن أن يقال عن الموضوع من جانب أشخاص ينادون بآراء مختلفة.
مشكلة سكان العالم
مع هذا كله، وفي ضوء ثراء المادة المستفيضة التي يحويها الكتاب، فربما يتعين علينا أن نتبع نهج الانتقاء كي نسلّط ما نستطيع من الأضواء على أهم ما يناقشه من قضايا وما يحفل به من آراء وأطروحات.
وبديهي أن تتصدر هذه القضايا مشكلة السكان في العالم الذي نعيش فيه. وحسب منهج كتابنا فالمشكلة مطروحة في الفصول الأولى من منظورين مختلفين إن لم يكونا متعارضين: المنظور الأول يقول بأن «زيادة السكان» تهدد مستقبل كوكب الأرض.
والمنظور الثاني المعارض بالطبع- يترافع من جانبه على الأساس التالي: زيادة السكان لا تهدد مستقبل كوكب الأرض
المنظور الأول مطروح من قبل اثنين من أهم الشخصيات الدارسة أو المهتمة بقضية البيئة والكوكب والسكان. وهنا نطالع المقال المهم الذي تم اقتباسه من أعمال كل من المؤرخ السياسي «بول كيندي» والسياسي والمثقف الشهير «آل غور» النائب الأسبق لرئيس الدولة الأميركية، والحاصل على جائزة نوبل الدولية الرفيعة نظير إسهاماته في ميدان البيئة وصونها على وجه الخصوص.
تستعرض آراء الرجلين مسار زيادة السكان في العالم على مدار 46 سنة فقط لا غير من الزمن الراهن، حيث بدأت الزيادة من ملياري نسمة لتصل حاليا إلى أكثر من 6 مليارات إنسان، وإذا قُدّر لهذا الجيل أن يعيش نحواً من 50 سنة أخرى فمن المقدر علمياً أن يصل حجم سكان المعمورة إلى 9 مليارات نسمة.
ما معنى هذا إذن؟ معناه علمياً أن كوكب الأرض يضاف إليه «المكسيك» أي شعب المكسيك، الذي يزداد كل 12 شهراً- بمعدل يضاهي معدل ازدياد عدد سكان «الصين» نعم «الصين»- كل 10 سنوات.
هنا يعلق هذا الفصل من الكتاب قائلاً: لقد استغرق الأمر عشرة آلاف جيل من البشر كي يصل سكان العالم إلى تعداد المليارين. لكن ها نحن في مدى عمر الإنسان العادي، وقد أصبح من المتوقع أن يتحول تعداد الستة بلايين نسمة الأحلى ليصل خلال المدى الزمني السابق، إلى 9 مليارات إنسان.
السكان والفقر
المشكلة كما تقول هذه الدراسة- تكمن أيضاً في أن قوام هذه الزيادة لا يتم بصورة متكافئة على مستوى أرجاء كوكبنا: والواقع أن 95 في المئة من هذا التضاعف المتوقع لسكان العالم جدير بأن يتم في أفقر أصقاع كوكبنا، ما بين الهند إلى أفريقيا، وما بين الصين إلى أميركا اللاتينية. ثم يزيد من غرابة، وربما قتامة المشكلة أيضاً، حقيقة مناقضة تقول ما يلي: في معظم المجتمعات الأغنى، نجد أن السكان معرضون لمعدلات زيادة متباطئة أو أنهم حتى معرضون لانخفاض مطلق في عددهم (على نحو ما تشهده حاليا أقطار مثل إيطاليا أو فرنسا أو اليابان) ، تصوروا ذلك!
ولنا أن نتصور يواصل هذا المنطق التحذيري: كيف يتم إنهاك كوكبنا، وكيف تؤدي هذه الزيادات البالغة إلى مزيد من تحميل كاهله بما ينوء به هذا الكاهل من أعباء، سواء من خلال زيادة العدد، أو من خلال ما يتطلبه هذا العدد - المتضاعف بمتوالية رياضية كما سبق وحذر المفكر الإنجليزي المتشائم طبعاً «مالتوس» في سالف الأيام، لكن للعملة وجه آخر، كما يمكن أن نقول.
المنظور المعارض
للقضية منظور مختلف، بل متعارض يحتاج إلى الإطلالة من خلاله على قضية زيادة السكان على سطح كوكب الأرض نفسها، وتلك هي الميزة النسبية للكتاب الذي نتصفح فصوله في هذه السطور.
هنا نصل إلى دراسة الكاتب الأميركي»توماس لامبرت» الذي نشرت له «جمعية تقدم التعليم في أميركا» بحثاً اختاروا له العنوان التالي: إن زيادة السكان لا تهدد مستقبل (كوكب) الأرض.
وقد عمد الباحث إلى تصدير دراسته بسطور لا تخفي أي دلالة، بل لا تخفي غمزاً من قناة جماعات المنذرين أو المحذرين من أمثال «آل غور» أو «بول كيندي» وأتباعهم.
وهنا يستهل «لامبرت» مرافعته المضادة بسطور يقول فيها بغير مداراة: هؤلاء المبشرون بالكارثة (الكارثيون كما يسميهم)، طالما يتصورون أن كوكب الأرض قد وصل إلى أقصى حدود قدرته على التحمل، وهو يطلق عليهم أوصافاً قاسية من قبيل أنبياء النذير أو دعاة السلبية أو جماعة الروافض كما يمكن أن نقول.
وهو يذهب في هذا السياق إلى أن الموارد الطبيعية في كوكبنا ليست إلى نفاد. وفي هذا المضمار أيضاً يحث على أهمية التعامل مع الموارد، لا بوصفها «مواد» بل باعتبارها «خدمات» وبمعنى أنه بقدر العمل على ترشيد الانتفاع من هذه الخدمات يزيد جدواها ويصبح من المستبعد نضوبها، كيف؟ إذا ما حرصنا مثلاً على تقليل الفاقد من الموارد بعد استخدامها، ثم جهدنا في ابتكار واستخدام سبل إعادة التدوير وإعادة الانتفاع وإحلال مواد جديدة ومتاحة محل المواد الأقل إتاحة.
وهنا، وفيما يتصل بنذر التحذير من نفاد مساحات الأرض القابلة للاستخدام لتعزيز معيشة البشر. ويعمد المفكر الأميركي إلى تأكيد هذا المنحى من التفكير، موضحاً أن الإنسان مازال أمامه فوق هذه البسيطة مساحات شاسعة بحق لم يستخدمها من قبل، ويسوق في هذا المقام مثلاً نراه فريداً في بابه حين يمضي قائلاً: لو جاء كل سكان العالم ليعيشوا في ولاية «ألاسكا» (الأميركية القطبية الشمالية) فلسوف ينال كل فرد نحو 3500 قدم مربع من مساحتها، وهو ما يساوي نصف مساحة الأرض التي يقوم عليها حاليا بيت المواطن الأميركي في مزرعته شاملاً ذلك الفناء الأمامي والباحة الخلفية.
والحاصل أنه وعلى الرغم من أن «ألاسكا» هي أكبر ولاية في أميركا، إلا أنها لا تشكل سوى واحد في المائة من الكتلة البرية على سطح الأرض. زد على ذلك وفق هذا المنطق- حقيقة أن زيادة السكان، عندما يتم التعامل معها بمنطق ناضج وذكي ومستنير، يصبح معناها زيادة قوى العمل وقدرات الإنتاج والإبداع وخاصة إذا ما تم هذا كله انطلاقا من الوعي بحماية البيئة والتعقل في التعامل مع إمكاناتها وحسن استثمار مواردها وطاقاتها (الطاقة الشمسية مثلاً).
زيادة الإنتاجية هي الأمل
وهنا يختتم هذا الفصل من الكتاب مقولاته قائلاً: أثبت التاريخ أنه في ظل مناخ من حرية الإبداع الإنساني تصبح الأرض قادرة باستمرار على إعالة المزيد من البشر، ومنذ عام 1800 للميلاد تضاعف عدد البشر ست مرات لكن ظل هذا التضاعف مصحوباً بزيادات في الإنتاجية، فما بالنا إذا ما واكب ذلك حوافز التشجيع على المزيد من الابتكار والتجديد والاختراع.
الفقراء والأغنياء
ثم ينتقل كتابنا في فصل محوري آخر إلى قضية محورية أخرى تتمثل فيما أصبح يعرف بأنه الهوّة الفاصلة بين الذين يملكون والذين لا يملكون. هنا يحيل كتابنا إلى مقولات «روبن رايث» الكاتبة الأميركية المعروف عنها اهتمامها بقضايا الشرق الأوسط والعالم العربي والإسلام.
وهي ترى في هذا السياق وجود ثغرة واسعة بين الفقراء والأغنياء في هذا العالم، وفي هذا الصدد تحيل بدورها إلى عبارات سبق إلى طرحها الزعيم الإفريقي الراحل «جوليوس نيريري» الذي تولى رئاسة تنزانيا ثم ترك منصب الرئاسة في «دار السلام» ليحمل لقباً ظل ملازماً له فيما تبقى من حياته واللقب هو « حكيم أفريقيا».
«نيريري» عمد إلى تحليل فترة ما بعد الحرب الباردة أي من التسعينات إلى القرن الواحد والعشرين ومضى قائلا: ما زالت الأقطار الغنية المتقدمة تحقق المزيد من الثراء والتقدم بينما ظلت الدول الفقيرة على معاناتها للفقر. ولقد شهدت العقود الأخيرة شعوب أميركا اللاتينية وأفريقيا وأجزاء عديدة من عالمنا وهي تعاني من مستويات متدنية من المعيشة، وهي مستويات ظلت تتدنى باطراد، ومن هنا يزداد اتساع الهوة الفاصلة من حيث الدخل والتكنولوجيا وبشكل لم يسبق له مثيل من قبل.
أغنياء العالم وفقراؤه
في هذا السياق أيضاً يشير هذا الفصل من الكتاب إلى ما أصبح يوصف بأنه «مؤشر التنمية البشرية» الذي تقف على قمته أقطار مثل كندا ثم سويسرا واليابان والسويد وما في حكمها، فيما يقبع عند قاعدته أو في قاعه أقطار سيئة الحظ مثل الصومال أو مالي أو تشاد أو غينيا وأفغانستان وغيرها.
لكن على الجانب الآخر من هذه المعادلة الصعبة يذهب كاتب ومفكر آخر هو «ماركوس غي» ليقول: إن الثغرة الفاصلة بين الذين يملكون والذين لا يملكون أصبحت في حال من الانكماش. ويقول أيضاً: الحياة بالنسبة للغالبية من مواطني العالم تتحسن باطراد فيما يكاد يكون كل مجال.
ثم يحاول «ماركوس غي» أن يستعرض شريط تطور الأحداث على مدار الحقبة الزمنية السابقة من القرن العشرين.
يقول إن هذه العقود السابقة ظلت تشهد باطراد تحسناً متواصلاً في صحة البشر وفي مستويات التعليم والبحث العلمي وفي التغذية وطول عمر الإنسان. ومنذ عام 1950 بالذات تضاعف حجم الاقتصاد العالمي كما يؤكد الباحث الأميركي المذكور- خمس مرات مما رفع مستويات المعيشة حتى في أفقر البلدان، مما جعل إنتاج الأغذية يفوق كثيراً زيادات السكان.
ثم يضيف قائلاً: لقد اتسعت أيضاً ظواهر التحول الديمقراطي فيما يكاد يكون في كل ركن من أركان البسيطة، وبرغم أجراس النذير، وكثير منها جاء مجللاً بنظرات تشاؤمية إلى مستقبل كوكبنا، فقد أصبح الكوكب أغنى وأوفر أمناً وصحة عما كان عليه منذ 10 سنوات مضت، وهو ما يشكل برأيه كذلك- ردوداً على فريق المتشائمين الذين بدأت دعواهم مع نظرية «مالتوس» بشأن خطورة تزايد السكان وقد نشرها كما هو معروف- في عام 1799 وردوداً على تحذيرات «نادي روما» الشهير في عام 2000 بشأن أحوال العالم.
وصولاً إلى ما حذر منه كاتب أميركي آخر هو «روبرت كابلان» في دراسة نشرها بمجلة «أتلانتيك منثلي» الشهرية (عدد فبراير 1994) تحت عنوان لا تخفي دلالته بطبيعة الحال وهو: الفوضى القادمة.
ثم يواصل كتابنا عرض الآراء، والآراء المناقضة أو المعارِضة المطروحة في مجالات شتى، ومنها مثلاً أثر التكنولوجيات الجديدة وهل تُفيد الإنسانية أو تضرها، ومنها أيضاً التغيرات السلبية، وأيضاً التغيرات الإيجابية التي يمكن أن تطرأ على البيئة الكوكبية وخاصة ما يتعلق مثلاً بظاهرة التسخين الكوكبي: بين تأثيرات سلبية يمكن أن تنجم عنها أو تأثيرات إيجابية قد تؤدي إليها، ناهيك عن عدم نشوء تأثيرات سلبية أو إيجابية من الأساس. وقضايا الكتاب عديدة. وقد يثير اهتمامنا مثلاً ما نوقش في الفصول الأربعة التي احتواها الباب الرابع من الكتاب وقد حمل الباب العنوان التالي: مستقبل العلاقات الدولية.
في هذا الخصوص نجد من يقول إن الدول الديمقراطية سوف تحكم (أو تنظم) الشؤون العالمية، فيما نجد أيضاً من يقف عند الضفة المقابلة من هذه المعادلة ليقول إن المدن المناطق (الإقليمية)- سوف تتجاوز الدول في إدارة الشؤون العالمية.
ثم نجد أيضاً من ينطلق من موقف التشاؤم حين ينذر حسب عنوان الفصل الثالث من الباب الرابع: «بنشوب صراعات فيما بين الدول» (أو الأمم)، ولكن يأتي الفصل الرابع من الباب نفسه لنجد من يبشر بأنه سيخيّم السلام على العلاقات فيما بين الديمقراطيات التي نعايشها.
المؤلف في سطور
بدأ المؤلف «يفيد بيندر» حياته الصحافية في سن مبكر للغاية عندما طلب إجازة من الانتظام في الدراسة الثانوية لينضم إلى فريق المتطوعين لصالح حملة «روبرت كيندي» في خوض انتخابات الرئاسة الأميركية.
وقد شهد مشهد اغتيال المرشح الرئاسي المذكور في عام 1968. وبعدها تفرغ في بدء حياته العملية لتغطية العديد من حملات انتخابات الرئاسة الأميركية وشارك في الجهود الأولى لتنظيم حملات المطالبة بقوانين وأعراف حقوق الإنسان والحريات الأساسية في الولايات المتحدة.
وعمل أيضاً في مجال الإعلام التلفزيوني وقدم العديد من البرامج الحوارية على شاشة التلفاز. وعندما أسس «جون كيندي» الابن، وهو نجل الرئيس الأسبق «جون كيندي» الذي تعرض للاغتيال في نوفمبر 1963- مجلة «جورج» الطليعية في عام 1995- اختار «ديفيد بيندر» رئيساً لتحرير المجلة وممثلاً لها على الساحل الغربي للولايات المتحدة في كاليفورنيا.
وعلى مدار التسعينات عاد للمشاركة في عدد من الحملات الرئاسية مستشاراً إعلامياً كما أصدر عدة كتب بالمشاركة مع مفكرين آخرين ومنها كتابه مع زميله الكاتب الباحث «برونوليوني».
عدد الصفحات: 288 صفحة
تأليف: ديفيد بيندر وبرونوليوني
الناشر: مطبعة غيرين هاين برن، سان دييغو- الولايات المتحدة، 2013
عرض ومناقشة: محمد الخولي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.