سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أوباما أجرى محادثات «متوترة» مع بوتين حول سورية: لا جدوى من التدخل العسكري والحظر الجوي... والتسليح قمة الثماني تؤيد «جنيف - 2» وتعبر عن قلقها من تنامي التطرف ومن الطابع الطائفي للصراع
بعكس ما كان مأمولا، اسهم لقاء الرئيسين الاميركي باراك اوباما والروسي فلاديمير بوتين، مساء اول من امس في ايرلندا الشمالية، في تعمق الخلاف حول الازمة السورية، فيما لم يخرج اوباما باي بديل للتسوية السياسية، حين شكك في ان يؤدي اي تحرك عسكري اميركي كبير في سورية مثل اقامة منطقة حظر جوي الى انقاذ ارواح او تغيير مسار الصراع. وبدا التوتر على الزعيمين كليهما وهما يتحدثان الى الصحافيين بعد محادثات استمرت نحو ساعتين على هامش قمة مجموعة الدول الثماني الكبرى، حيث كان بوتين يحملق معظم الوقت في الارض وهو يتحدث بشأن سورية بينما كان اوباما ينظر من وقت لاخر نحو الرئيس الروسي. وقال بوتين: «مواقفنا غير متطابقة تماما لكن توحدنا نيتنا المشتركة لانهاء العنف ومنع زيادة عدد الضحايا في سورية وحل المشكلات بالطرق السلمية ومن بينها محادثات جنيف». وأضاف: «اتفقنا على دفع عملية محادثات السلام وتشجيع الطرفين على الجلوس الى مائدة المفاوضات وتنظيم المحادثات في جنيف». وحاول اوباما تلطيف الجو في نهاية المحادثات بينهما بالحديث عن لعبة الجودو لكن بوتين الذي يحمل الحزام الاسود في اللعبة رد بأن الرئيس الاميركي كان يحاول فقط تهدئته. وقال اوباما: «في ما يتعلق بسورية لدينا وجهات نظر مختلفة بشأن المشكلة، لكننا نشترك في الاهتمام بخفض العنف وتأمين الاسلحة الكيماوية وضمان عدم استخدامها أو انتشارها». وأضاف انه ونظيره الروسي أصدرا تعليمات الى معاونيهما للترتيب لعقد مؤتمر «جنيف - 2». وفي مقابلة اجراها معه الصحافي تشارلي روز وبثتها شبكة «بي بي اس» العامة مساء اول من أمس، رد أوباما على منتقديه الذين يحضونه على التدخل في النزاع السوري، مؤكدا انه ليس هناك حل سهل، وحذر من انه «اذا أقمنا منطقة حظر جوي، فقد لا نكون نحل فعليا المشكلة». وكان اعضاء في مجلس النواب الاميركي أعلنوا الاسبوع الماضي عن خطط لتسليح المعارضة السورية بعدما خلصت ادارة اوباما الى ان نظام الرئيس بشار الاسد استخدم اسلحة كيماوية. واتهم بعض اعضاء الكونغرس اوباما بالتردد في الملف السوري، لكن الرئيس الاميركي حذر من مخاطر كبرى قد تواكب العمل العسكري المباشر مكررا التعبير عن تصميمه على عدم التورط في حرب اخرى في الشرق الاوسط. وردا على دعوات لاغلاق المجال الجوي للطائرات الحربية السورية عبر القوة الجوية الاميركية، قال اوباما: «الواقع ان 90 في المئة من القتلى لم يسقطوا بسبب الضربات الجوية التي شنها سلاح الجو السوري». واضاف: «سلاح الجو السوري ليس جيدا بالضرورة، لا يمكنهم التصويب بشكل دقيق جدا»، مشيرا الى ان معظم التحركات تتم «على الارض». وحول احتمال اقامة «ممر انساني» لانقاذ مدنيين في مناطق تسيطر عليها المعارضة، قال اوباما ان مثل هذه الخطوة ستتطلب غارات جوية لا تعرف عواقبها بما يشمل التسبب بالمزيد من القتلى في صفوف المدنيين. واوضح: «اذا تمت اقامة ممر انساني، فهل هذا يعني بالواقع الالتزام ليس فقط بوقف الطائرات من الوصول الى الممر لكن ايضا الصواريخ؟». وتابع في المقابلة التي اجريت قبل مغادرته الى قمة مجموعة الثماني: «في حال حصل ذلك، هل يعني انه يجب ضرب الاسلحة في دمشق وان نكون على استعداد حينئذ لقصف دمشق؟ وماذا سيحصل اذا سقط ضحايا مدنيون؟». وفي تصريحات علنية غير معتادة بخصوص الخيارات العسكرية، قال اوباما ان القصف سينطوي على مخاطر بضرب موقع للاسلحة الكيماوية عن طريق الخطأ ما يمكن ان يؤدي الى انتشار عناصر كيماوية في الهواء». وتساءل: «هل قمنا بمسح كل منشآت الاسلحة الكيماوية داخل سورية للتأكد من اننا لا نلقي قنبلة على منشأة اسلحة كيماوية تؤدي الى تبعثر اسلحة كيماوية ومقتل مدنيين، وهذا تحديدا ما نحاول منعه». واوحى اوباما بانه حذر ازاء امداد المسلحين بالمزيد من الاسلحة المتطورة ورفض حجج بعض أعضاء الكونغرس والمعلقين بان مثل هذه الخطوة يمكن ان تغير مسار النزاع. واضاف: «اي مفهوم يقول بأن الامر يتطلب مجرد بضع مضادات للمروحيات او مضادات دبابات لعكس مسار الامور، اعتقد انه لا يتسم بالواقعية في تحليل الوضع»، مضيفا ان بعض منتقدي الموقف الحالي اقترحوا «ان نتدخل بقوة عبر اقامة مناطق حظر جوي وممرات انسانية وامور اخرى»، مشيرا الى ان ذلك «مجرد حل تبسيطي». وفي اشارة الى الاجتماعات في البيت الابيض مع ضباط عسكريين قال اوباما: «سيكون من الصعب عليكم ان تفهموا تعقيد الوضع وكيف انه يجب علينا عدم المسارعة للدخول في حرب اخرى في الشرق الاوسط، اذا لم تشاركوا في مثل هذه الاجتماعات». لكن اوباما رفض ايضا طرح ألا يكون للولايات المتحدة اي دور تلعبه في هذا الخصوص. وقال ان واشنطن «لديها مصالح جدية هناك وليس فقط مصالح انسانية»، مضيفا: «لا يمكننا السماح بوضع حيث تستمر الفوضى في بلد كبير يقع على حدود دولة مثل الاردن الواقعة ايضا على حدود اسرائيل». واوضح اوباما انه يعارض الوقوف الى جانب السنة في النزاع السوري كما تطالب بعض الاطراف في المنطقة، معتبرا ان ذلك لن يخدم المصالح الاميركية. واضاف ان الادارة الاميركية تريد وجود حكومة متسامحة «غير طائفية» في سورية. وبعد ان هيمنت الخلافات على اجتماعات مجموعة الثماني بشأن سورية حيث رفض بوتين التوقيع على بيان باسم المجموعة يدعو الى رحيل الاسد، اعرب قادة المجموعة في بيان اتفقوا عليه لاحقا عن تأييدهم الشديد للدعوة لعقد «جنيف - 2» لحل الازمة في سورية «في اقرب وقت ممكن». ودعا القادة كذلك الى التوصل الى اتفاق بشأن حكومة انتقالية سورية «يتم تشكيلها بالموافقة المتبادلة» مشيرين الى ضرورة الحفاظ على القوات العسكرية واجهزة الامن. كما اكدت الدول الاعضاء انها «قلقة جدا» من «الخطر المتنامي للارهاب والتطرف في سورية»، معبرين ايضا عن اسفهم لان الطابع «الطائفي» يطغى بصورة اكبر على النزاع. واكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان عقد مؤتمر «جنيف 2» يجب الا يعني «استسلام» نظام الاسد. وقال لافروف في حديث لوكالة «كونا» نشرت نصه وزارة الخارجية الروسية: «نرفض قطعيا القول ان المؤتمر يجب ان يكون نوعا من الاستسلام العلني للوفد الحكومي، يليه نقل للسلطة في سورية الى المعارضة». وشدد على انه «من المهم للغاية ان يخلق اللاعبون الخارجيون للنزاع مناخا ملائما لتحضير هذا المؤتمر». وحذر لافروف من «الاستبدال» او «التفسير العشوائي» للافكار الواردة في البيان الذي تم اقراره عقب مؤتمر جنيف في يونيو 2012 والذي ينص خصوصا على تشكيل حكومة انتقالية تضم ممثلين عن النظام والمعارضة.