ظهرت انقسامات داخل الائتلاف الحاكم في باكستان حول من سيخلف برفيز مشرف الذي أعلن أمس عن استقالته من رئاسة البلاد. كما نشب خلاف بين شريكي الائتلاف حزب الشعب وحزب الرابطة الإسلامية حول مصير مشرف، فقيادات حزب الشعب تؤيد منح مشرف حصانة من الملاحقة القضائية. اما زعيم حزب الرابطة نواز شريف الذي أطاح به مشرف في انقلاب 1999 فيطالب بمحاكمة مشرف بتهمة انتهاك الدستور. وبغض النظر عن الشخص الذي سيخلف مشرف في سدة الرئاسة يتوقع المراقبون إجراء تعديلات دستورية تحد من صلاحيات الرئيس. و قالت فازانا راجا احدى قادة حزب الشعب الباكستاني الاثنين ان البرلمان والائتلاف الحاكم هما الجهتان اللتين ستتخذان قرارا حيال محاكمة الرئيس الباكستاني المستقيل. وقالت راجا في حديث تليفزيوني ان البرلمان هو الهيئة العليا التي يجب ان تبت في هذا الموضوع. وقرر قادة الائتلاف الذي يشكل الحكومة الباكستانية الاجتماع ثانية الثلاثاء من اجل تقرير الخطوات المستقبلية في اعقاب استقالة مشرف. وجاء هذا القرار بعد جلسة مطولية أمس استغرقت خمس ساعات الاثنين، شارك فيها قادة الائتلاف الحاكم ومن بينهم نواز شريف وآصف علي زارداري زعيم حزب الشعب الباكستاني دون ان يتوصلوا الى بيان رسمي. وقد بحث القادة في اجتماعهم مسألة اعادة القضاة الذين فصلهم مشرف من مواقعهم الوظيفية، ومسألة تسمية رئيس جديد للبلاد، حسبما قالت مصادر في حزب الرابطة الاسلامية . وكان الرئيس الباكستاني برفيز مشرف قد اعلن الاثنين في خطاب تلفزيوني عن استقالته من منصبه، وذلك قبل تحرك برلماني وشيك لبدء اجراءات عزله من منصبه، منهيا 9 سنوات كرئيس لباكستان. وتعرض مشرف، قائد الجيش السابق الذي تولى الرئاسة بعد انقلاب عسكري عام 1999، الى ضغوط كبيرة للتخلي عن منصبه، وذلك قبل ان تقوم الحكومة الائتلافية باول اجراء لعزله من الرئاسة، في سابقة هي الاولى من نوعها في تاريخ البلاد. وقد اندلعت الاحتفالات في عدد من المدن الباكستانية في اعقاب اعلان الاستقالة، ونقل التليفزيون الباكستاني رد الفعل في الشارع الباكستاني حيث وزع البعض الحلوى على المارة في الشوارع كما رقص اخرون. وقال مشرف في خطابه المتلفز " بعد مراجعة الموقف واستشارة المستشارين القانونين، والحلفاء السياسيين، قررت الاستقالة معتمدا على نصيحتهم". واضاف " اترك مستقبلي في يد الشعب". وافادت تقارير ان الايام الماضية شهدت مفاوضات بينه وبين الائتلاف الحاكم تسمح له بالاستقالة دون مواجهة تهم قانونية الا انه لم يتضح على الفور الخطوات المقبلة التي تنتظر الرئيس. ويقول مراسل بي بي سي في اسلام آباد مارك دميت ان هناك شعورا عاما بالارتياح في باكستان بسبب تجنب معركة قانونية طويلة لعزل مشرف. الا ان التحدي القائم الآن هو قدرة التحالف الحاكم، الذي سعى لعزل مشرف منذ فوزه في الانتخابات العامة في فبراير/شباط الماضي، على البقاء متماسكا لاختيار رئيس جديد. ويضيف دميت ان على الائتلاف الحاكم ايضا اقناع حلفاء باكستان، مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا، ان الرئيس الجديد سيكون ملتزما بمحاربة الارهاب والمسلحين دفاع عن حكمه مشرف الذي اصبح احد حلفاء واشنطن المقربين في اعقاب احداث الحادي عشر من سبتمبر، اعلن استقالته المفاجئة خلال خطاب طويل قال خلاله ان اي اتهامات تدعو لعزله لن تقوم لها قائمة. وأكد مشرف انه وضع بلاده دائما اولا وقبل كل شيء، وانه اتخذ قراره بعد مشاورات مطولة بهدف تجنيب البلاد مزيدا من المشكلات ودافع مشرف عن سجله في الحكم، وقال ان انجز الكثير على الصعيد الاقتصادي، وان وضع البلاد حتى اشهر قليلة مضت كان جيدا ، وقال إنه في كل ما عمل بصفته رئيسا للبلاد كانت مصلحة باكستان في المقام الأول. وفي دفاع طويل عن فترة حكمه قال مشرف انه ساعد على تأسيس القانون النظام وتحسين الحياة الديمقراطية وحقوق الانسان في البلاد وفي دعم مكانة باكستان على الساحة الدولية. وقال مشرف " على خريطة العالم، باكستان الان بلدا مهم بفضل الله". واضاف " لسوء الحظ بعض العناصر لمصالح شخصية وجهت اتهامات مزيفة ضدي وخدعت الشعب". وانتقد مشرف خصومه مشيرا الى انهم لم يفكروا في عاقبة تحركهم هذا على باكستان. يذكر ان شعبية مشرف قد تدنت العام الماضي وسط محاولاته اقالة رئيس القضاة واثر موجة التفجيرات التي شنتها طالبان وقتلت اكثر من 1000 شخص، ومن بينهم رئيسة الوزراء السابقة وزعمية المعارضة بنيظير بوتو.