وسط تباين في آراء المجتمع المكي، حول غياب الهوية الوطنية في تقديم المأكولات السعودية في مكةالمكرمة، أرجع عضو غرفة التجارية ذلك لتعدد الأعراق والأجناس بها، وأن المجتمع السعودي طيلة مائة عام لم يستطع تقديم هوية تنافسية غذائية، معتبرا أن الأكلات الهندية والإندونيسية تتصدر المشهد الغذائي حاليا بالعاصمة المقدسة، في ظل ضعف الثقافة الغذائية المحلية، والتي يصفها «مازحا» بأنها ثقافة لم تتعد مفهوم «كبسة حاشي». وقال تركي أحمد بدر، عضو اللجنة التجارية في الغرفة الصناعية التجارية ل«الشرق الأوسط»، إن المنطقة الجنوبية لديها 3 أكلات شأنها شأن المنطقة الشمالية والوسطى، مشيرا إلى أن المنطقة الشمالية اكتسبت نمط غذائها من العراق والأردن، والجنوبية من اليمن، والشرقية من البحرين والكويت، أما مكة فخرجت عن النسق بسبب خليط الأعراق والأجناس الذي يتزامن مع مواسم العمرة والحج. وذكر عضو اللجنة التجارية، أنه على الرغم أن مكةالمكرمة، تلك المدينة المقدسة، التي يفد إليها طوال فترات السنة الملايين من البشر، من معتمرين وحجاج وزوار، فإنها وبحسب مراقبين، تفتقر إلى الهيكلة التنظيمية التي تراعي تصميم مطاعم عالمية تستهدف دخول العائلات لها من الحجاج والمعتمرين. خالد الأنصاري، صاحب أحد المطاعم الشامية، قال إن مشاهد افتراش الحجاج والمعتمرين على جنبات الطرق الرئيسية، بغية سد جوعهم، باتت أمرا مألوفا، لافتا إلى ما تمثله تلك الصورة من انعكاس غير حضاري لوجه المملكة لدى أولئك الزوار والمعتمرين. وبين الأنصاري أن الكثير من شرائح معتمرين يبدون علامات التعجب متسائلين عن سبب افتقار مكةالمكرمة لسلسلة المطاعم العالمية، والتي تكفل دخول العائلات لها، ومشيرا إلى حاجة العاصمة المقدسة لوجود مثل تلك المطاعم العالمية لسد الحاجة الغذائية لشرائح متنوعة من ضيوف البيت الحرام بمكة. وأكثر ما يلفت الانتباه «المطاعم الشعبية» التي تعج بها شوارع العاصمة المقدسة، لا تتسق ألبتة، مع توجه مكةالمكرمة للقفز نحو العالم الأول، ناهيك بما تحويه من قائمة طويلة من الأمراض، والعدوى، وعدم التزام عامليها بمواصفات السلامة، والنظافة، فمكة تتسم بكونها مدينة ذات ثقل ديني واقتصادي مهم، يتم من خلالها حراك مالي على كل الأصعدة من النشاطات التجارية، إلا أنها تفتقر في ذات الوقت إلى التخطيط الأمثل في النشاط الغذائي المتمثل في المطاعم المنتشرة في جميع أنحاء مكة. من جانبه، أوضح علي يازجي، صاحب إحدى مؤسسات المواد الغذائية المزودة للحج والعمرة، أن الكثير من تلك المطاعم تفتقد أهم ميزة يجب أن تتوافر في نهجها التجاري، وهو أن يكون هناك قسم للعوائل يتم من خلاله استضافتهم، حيث إن أكثر من 90 في المائة من تلك المطاعم لا يوجد بها أقسام عائلية، على الرغم من المطالبات الكثيرة التي تطالب بتوفرها، لكي يتم حل معضلة افتراش الكثير من المعتمرين والحجاج في مواسم الحج والعمرة للطرقات والأرصفة المجاورة للمطاعم في مشهد غير حضاري. الأقسام العائلية على الرغم من الحاجة الملحة في وجودها لكسر ظاهرة الافتراش، فإنها مطلب الكثير من أهالي مكةالمكرمة، الذين يجبرون على قطع مسافات طويلة للخروج من مكة للذهاب إلى أحد المطاعم الفاخرة في محافظة جدة لأداء وجبة الغداء أو العشاء، نظرا لعدم أهلية تلك المطاعم، وافتقارها إلى أبسط مزايا الترفية التي تتوفر في نظيرتها مطاعم جدة. التخطيط العشوائي للمطاعم يتمحور في عدة أوجه، منها الصفة الإنشائية غير المتطورة، فتجد مباني تلك المطاعم ليست على الطراز الحديث، والذي يعد من أهم عوامل جذب المستهلكين، بل تجدها متهالكة أو متقادمة الزمن، ولا يطرأ أي تعديل في هيكلتها الإنشائية. الوجه الآخر من هذا التخطيط العشوائي، والمتمثل في عدم تطبيق الكثير من تلك المطاعم لأبسط الاشتراطات الصحية، فنسمع بين تارة وأخرى عمليات إغلاق تطال تلك المطاعم، والسبب تسمم بين مرتاديها، نظرا لعدم اهتمامها بهذا الجانب الصحي، بل طغت الجوانب الربحية على أي اهتمام آخر.