يصوت الأمريكيون في الانتخابات الرئاسية طبقا لمعايير حياتهم المعيشية ومستوياتهم الاقتصادية والاجتماعية التي تتجاوز في تأثيرها كافة القضايا الأخرى للدولة الأكبر في العالم، ووفقا كذلك لما تنتهجه إدارة الرئيس الامريكى باراك أوباما في سياسات جلب الضرائب وتنفيذ الوعود الاجتماعية الخاصة بالصحة والتعليم ومعالجة البطالة وتوفير الوظائف وغيرها. مرحلة صعبة
وقد تولى أوباما رئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية رسمياً في يناير 2009، وذلك عقب مرحلة اقتصادية صعبة عاشها الأمريكيون إثر الكساد الكبير والأزمة المالية التي ضربت البنوك الأمريكية وأسواق العقارات منذ ديسمبر عام 2007، بحيث كان اختيارالأمريكيين لأوباما انعكاسا مباشرا لهذه الأزمات التي خلفتها إدارة سلفه الرئيس السابق جورج بوش الابن.
انتخابات الرئاسة الامريكية الراهنة التي تجري بين الرئيس أوباما، مرشح الحزب الديمقراطي، وبين ميت رومني، مرشح الحزب الجمهوري، لا تختلف كثيرا عن الانتخابات السابقة لجانب رصد الأمريكيين لمن هو الأقدر من وجهة نظرهم على تحسين حياتهم..
ولذا يتجه الأمريكيون إلى أمرين:
أولهما: متابعة نتائج سياسات أوباما الاقتصادية، وثانيهما: دراسة ما يتوقع من مخرجات اقتصادية وفق برنامج المرشح ميت رومني.
أرقام أوباما
في هذا السياق أعد المحلل الأمريكي، بروكس جاكسون، بمركز "أنينبرج" للسياسة العامة التابع لجامعة "بنسلفانيا"، دراسة مفصلة حول أداء الرئيس أوباما خلال فترة رئاسته، تحت عنوان "أرقام أوباما"، حيث يستند الكاتب إلى الأرقام والبيانات الرسمية الصادرة عن مختلف مكاتب الإحصائيات الأمريكية في مجالات مختلفة، ليشرح بالتفصيل إنجازات وإخفاقات أوباما، وذلك من خلال المقارنة بين المؤشرات الأساسية قبل توليه الرئاسة وبين مرحلة رئاسته للولايات المتحدة.
ونقلت وكالة انباء الشرق الأوسط عن المحلل الأمريكي، بروكس جاكسون الذى يعمل بمركز "أنينبرج" للسياسة العامة التابع لجامعة "بنسلفانيا"، فى دراسته المفصلة حول أداء الرئيس الامريكى باراك أوباما خلال فترة رئاسته أنه وفقا لإحصائيات مكتب العمل الامريكى ، فقد بلغ معدل البطالة في يناير 2009، وهو الشهر الذي بدأ فيه أوباما تولي منصب الرئاسة الأمريكية، 7.8%، وهو ذات الرقم الذي أكدته إحصائيات المكتب في سبتمبر 2012.
وكان معدل البطالة بأمريكا قد بلغ 4.9% مع بداية عام 2008، واستمر هذا المعدل فى التزايد خلال التسعة الأشهر الأولى من توليه الحكم، حتى بلغ 9% خلال العامين الأولين من رئاسته، لكنه عاد للانخفاض التدريجي حتى وصل إلى 7.8% في سبتمبر الماضي، وهو ما يعني أن إدارة أوباما لم تتمكن من تحريك نسبة البطالة لمستويات أقل عن تلك التي كانت في عهد يوش.
وفيما يخص الوظائف، فحينما بدأ الكساد الكبير في عام 2008 فقد 818 ألف أمريكي وظائفهم خلال شهر يناير 2009 وحده، وذلك قبل تولي أوباما يوم 20 يناير من نفس الشهر، وقبل هذا التاريخ فقد حوالي 5ر4 مليون مواطن أمريكي وظائفهم.
ومنذ تولي أوباما وحتى فبراير 2010 فقد 4.3 مليون آخرين وظائفهم.. لكن بدأ الانخفاض التدريجي لهذه الظاهرة منذ هذا الوقت؛ ففي سبتمبر 2012، قالت إحصائيات مكتب العمل أن عدد من فقدوا وظائفهم بشكل إجمالي منذ يناير 2009 وحتى سبتمبر 2010 بلغ عددهم 325 ألف شخص؛ وهو ما يعني نجاح إدارة أوباما في الحد من هذه الظاهرة الاقتصادية السلبية إلى حد كبير.
وحول بعض المؤشرات الاقتصادية العامة بالولاياتالمتحدة يقول المحلل الأمريكي، بروكس جاكسون إنه "من المتوقع أن يستمر أداء الاقتصاد الأمريكي في التقدم الى جانب توفير الوظائف وتحسين الوضع الاقتصادي العام". فقد بلغ معدل الزيادة في النشاط الصناعي 34.9% حينما تولى الرئيس باراك أوباما الرئاسة، فيما تزايد نمو هذا النشاط إلى 51.5% منذ توليه وحتى سبتمبر 2012 كما ارتفع معدل الثقة عند المستهلك الأمريكي وتصاعدت المؤشرات الدالة على رغبته في الإنفاق إلى 70.3% قبل سبتمبر 2012، وزاد هذا المعدل تسع نقاط مرة واحدة في شهر سبتمبر وحده ليصل إلى 86%، وذلك مقابل نسبة بلغت 37.7% فقط حينما تولى أوباما السلطة.
وبينما سجلت أسواق المال الأمريكية أدنى مستويات في تاريخها في أكتوبر 2007 وحتى أواخر عام 2008، نتيجة لأزمة الديون العقارية وانهيار عدد من البنوك الكبرى، فإن كافة المؤشرات قد عاودت الارتفاع منذ تولي أوباما الرئاسة، فمنذ يناير 2009 وحتى الآن، ارتفع مؤشر "داو جونز" الصناعي بنسبة 70%، ومؤشرا "ستاندرد أند بورز" و"ناسداك" بنسبة 81%. وعلى الرغم من أن سوق المال الأمريكي لم يسجل ارتفاعات تاريخية منذ العام 2007، إلا أن ارتفاع المؤشرات السابقة يؤكد عودة ثقة ملايين الأمريكيين في سوق المال وفي خطط الضرائب التي اعتمدتها إدارة أوباما، مقارنةً بالأيام السوداء التي عاشها الأمريكيون في عامي 2007 و2008.
وفي مقابل هذا التحسن في بعض المؤشرات الاقتصادية الامريكية العامة، فإن تدخل الحكومة الأمريكية لإنقاذ بعض البنوك ودعم المواطن الأمريكي قد أدى إلى ارتفاع دراماتيكي في الدين الفيدرالي العام منذ تولي باراك أوباما الرئاسة، والذي بلغ نحو 2ر16 تريليون دولار، بنسبة زيادة بلغت 52%، ويشمل هذا الدين الأموال التي تدين الحكومة بها نفسها مثل ما تنفقه في صناديق الأمن الاجتماعي، وهوالأمرالذي انتقده أوباما طوال سنوات حكمه.
ومن جانب آخر فقد ارتفع حجم الدين الامريكى العام (بما يشمله من المستثمرين الخارجيين داخل الولاياتالمتحدة) ليصل إلى 11.3 تريليون دولار بنسبة زيادة تبلغ 79%.
أما فيما يرتبط بالدخل الفردي ومعدلات الفقر، تشيرالإحصائيات إلى أن دخل الأسرة الأمريكية،أي العائلة المكونة من فردين يعملان ولديهما أبناء، قد انخفض خلال رئاسة أوباما بنحو 3290 دولار (يبلغ المتوسط نحو 970ر60 دولار)، أي بنسبة 5.1%، فيما انخفض دخل من يعيشون بمفردهم 249ر2 دولار (يبلغ المتوسط نحو 054ر50 دولار)، بنسبة انخفاض بلغت 4.7%.
وقد أدى استمرار ارتفاع معدلات البطالة وتناقص إجمالي دخل الأسرة إلى أن يصل عدد الأمريكيين الذين يعيشون عند حد الفقر حوالي 46.2 مليون أمريكي وفقا لبيانات الحكومة الفيدرالية؛ وهو ما يعني زيادة عدد الفقراء 6.4 مليون منذ عام 2008 .أي أن نسبة عدد الأمريكيين الفقراء تجاوزت 15% في العام الماضي مقارنة بحوالي 13.2% في عام 2008، وحوالي 11.3% في عام 2000.. ومع ذلك يبقى الأداء مقبولا قياسا بأول إحصاء أعدته الحكومة الفيدرالية في عام 1959 حيث كان يبلغ معدل الفقراء نحو 22.4%.
وربما لهذا السبب السابق ارتفع عدد الأمريكيين الذين يحصلون على بطاقات الغذاء، وهي صيغة للمساعدة يطلق عليها الآن "برنامج المساعدة للأغذية التكميلية" إلى 46.7 مليون مواطن أمريكي في يوليو 2012، وهو الرقم الأعلى في تاريخ أمريكا، إذ هناك فرد من كل سبعة أفراد يحصل على هذه المساعدة، وذلك بنسبة زيادة وصلت إلى 46% منذ يناير 2009.
قطاع الطاقة أما أسعارالطاقة والمحروقات بالولاياتالمتحدة فقد سجلت خلال فترة حكم أوباما معدلات ارتفاع هي الأعلى في تاريخ الولاياتالمتحدة، فوفقا لإدارة معلومات الطاقة، فقد كان متوسط استهلاك الطاقة الأسبوعي للفرد يبلغ 1.85 دولار حتى 19 يناير 2009، فيما وصل هذا المتوسط في 1 أكتوبر 2010 الى 3.8 دولار، بزيادة تبلغ 106%.
لكن من المهم الإشارة إلى أن السعر كان أعلى من ذلك في عام 2008 إذا ما تمت المقارنة بين أسعار الطاقة في الأسواق العالمية قبل الأزمة اللاقتصادية العالمية في 2008 وبعدها.
أما أبرز الإيجابيات في مجال الطاقة فهو أن الولاياتالمتحدة كانت تعتمد في عام 2005 على الخارج لتوفير حوالي 60% من احتياجاتها من الطاقة، وقد انخفضت هذه النسبة منذ عام 2010 إلى 50%. وبلغت 45% في عام 2011.
ويعود ذلك إلى انخفاض مستوى شراء الولاياتالمتحدة من الطاقة إلى 5ر8 مليون برميل يوميا في عام 2011، بنسبة انخفاض بلغت 23% عن عام 2008.
كما أن إدارة أوباما قد تمكنت من التوسع في التنقيب عن النفط في المياه الأمريكية بزيادة بلغت 23% عن عام 2008 وتمكنت من توليد 121.361 ألف ميجاوات في الساعة من الطاقة الكهربائية من خلال مصادر الطاقة النظيفة في العام الماضي، بزيادة تبلغ 116% عن عام 2008.