ألفت كثير من مساجد حضرموت قراءة القرآن وختمه والإكثار منه ولاسيما في شهر القرآن وذلك في الليالي الفاضلة الوترية ابتداء من أول الشهر إلى آخره ، وبعض المدن تعتاد في أثناءه أو أواخره . وقد يقرأ أرباب المسجد ذلك قبل الفجر في وقت السحر إلى حين ختمهم القرآن كاملا على حسب تعاونهم أو في سائر الأوقات موزعا ؛ وهذه التنظيمات قد فُعلت في عهد السلطان الصالح عبد الله بن راشد الحضرمي فتقرأ في ليالي رمضان الشريفة والقصائد المدائحية النبوية والوعظية تذكيرا باغتنام هذا الشهر وتنشد بأزجال تشد السامعين إلى مرضاة رب العالمين بعد التراويح والوتر وقراءة الجزء الأخير من سورة الضحى إلى الفاتحة ودعاء الفصول المأثورة في ختم القرآن في كل مسجد ولا يزال هذا باقيا إلى اليوم . وهذه أفعال تعبدية يثاب عليها الإنسان ما دام معتكفا في بيت الرحمن نهايك عما تحدثه هذه التظاهرة الإيمانية من انفعالات وتشجيع للأجيال في إحياء ذكريات العبادة من صلة الأرحام وسنة التفطير وتبادل البسمات واللقاءات بين الأهل والجيران والأحباب في حارة ذلك المسجد المألوف ختمه بيوم ما . ونرى زمرالأطفال والشباب يحملون المشاعل ليلا ويطوفون بها على الديار وينشدون أشعارا تليق بحلول هذا الشهر في يوم الختم وغيره ويوهبون حفنة من الدراهم أو الحلويات أو غيرها وتعقد الأسواق من بيع وغيره للصبيان قرب المسجد التي يكون ختمها موافقا لذلك اليوم من العشية إلى أثناء الليل في بعض المدن الكبرى وتقام الموائد للعشاء والإفطار . ونظرا لما سبق لا يجوز بأي حال أن نصف ما سبق بالبدع المحرمة فضلا عن المكروهة ولا يصح أن نؤصل هذه الختومات المذكورة كمنكر ما دام أن علماء الوادي والساحل القدماء قد مضوا عليها وأيدوها من غير نكير وأنها خالية عن المحظور الشرعي المجمع عليه ، ولو لم يكن من فعلها إلا الاجتماع في بيت الله لتلاوة الآيات وإنشاد الأشعار وقراءة الدعاء المشهور في الختم لكفى . أما دعوى اختلاط النساء بالرجال وتشبه الرجال بالنساء وغيره فغير مألوف فيها البتة ، وإن وجد فلا ينكر الختم وينكر المنكر الذي أضيف إليه من قبل بعض العوام والجهلة الواردين من البوادي وغيرها هذا باختصار والله أعلم .