تتسارع الأحداث في الدول العربية بشكل كبير يجعل من الصعب توقع نتائج محددة ، وإن كانت كل المقدمات تؤدي إلي أوضاع أكثر صعوبة من الموجودة علي الأرض في الوقت الراهن، فالوتيرة التي تسير عليها الانتفاضات الشعبية في البلدان العربية تتسع وتأخذ منحنى خطير تهدد معها الأنظمة الحاكمة لتلك البلدان. وتأتي دول سوريا واليمن وليبيا في مقدمة الدول العربية التي يتوقع المحللون تغييرا في رأس السلطة السياسية الموجودة بها، ورغم صعوبة التوقع بالدولة التي ستحظى بشرف نيل هذا التغيير، تبقي الاحتمالات مقصورة داخل الدول الثلاث مع عدم إغفال مفاجآت اللحظات الأخيرة. وتتنافس الدول الثلاث السابقة في استحواذ اهتمام وسائل الإعلام العربية والعالمية نظرا لاتخاذ الأحداث بها منحيات خطيرة ومتسارعة وغير متوقعة، وإن كانت الجماهيرية الليبية تتصدر الدول الثلاث في تسارع مجريات الأحداث فيها نظرا للقوة الضخمة التي يواجهها نظام العقيد القذافي سواء داخليا من قبل الثوار أو خارجيا بعد قرار مجلس الأمن بفرض حظر جوي امتد لشن غارات عنيفة علي أنحاء مختلفة من البلاد. كل ذلك لا يعني أن يكون القذافي هو الرئيس الثالث الذي سيختفي من المشهد السياسي العربي بعد نجاح ثورتي تونس ومصر في الإطاحة بزين العابدين بن علي وجسني مبارك، حيث ينافس الرئيس اليمني علي عبد الله صالح القذافي في احتمالات خروجه من المشهد مبكرا، خاصة بعد حدوث انشقاقات داخل المؤسسة العسكرية اليمنية حول طريقة تعامل الجيش مع المتظاهرين السلميين أدت لوقوع قتلى وجرحي بالمئات وهو الأمر الذي وصفه الرئيس صالح بأن نتائجه هو العودة لمربع يناير. وربما يفجر الرئيس السوري بشار الأسد المفاجأة ويسبق كلا من القذافي وصالح في الرحيل عن سدة الحكم ،خاصة مع اتساع الاحتجاجات الشعبية ضده وعدم استطاعة قوات الأمن السيطرة عليها رغم استعمالها القوة المفرطة والرصاص الحي ضد المتظاهرين.
الوضع الليبي
القذافي شكل ظهور العقيد الليبي معمر القذافي مجددا وسط القذف المستمر من قبل قوات التحالف إشارات عدة للداخل والخارج، وربما أنه يراهن علي طول المعركة العسكرية وحدوث تحولات في الوضع الدولي المنشق بالفعل حول معالجة الأزمة الليبية.
وظهر القذافي لأول مرة في مقر إقامته في باب العزيزية بطرابلس بعد أربعة أيام من القصف الجوي لبلاده معلنا أنه صامد ومستعد للمعركة سواء "كانت قصيرة أو طويلة"، مؤكدا أنه "سينتصر في نهاية المطاف.
ويأتي ظهور القذافي في وقت تشتد فيه المعارك بين القوات الموالية له والثوار في مناطق عدة في ليبيا رغم إعلانه وقف إطلاق النار ويأتي ذلك علي وقع القصف الجوي لقوات التحالف الدولي الذي استطاع حتى الآن إقامة منطقة حظر جوي فوق ليبيا لمنع استخدام القذافي الطيران الليبي في قصف المدنيين.
ورغم ذلك ما زالت قوات القذافي تسيطر على الوضع في مناطق عديدة من الأراضي الليبية ، بل وتقوم بقصف البلدان التي تحتوي علي مقاومة مسلحة من الثوار وهو ما يحدث حاليا في مصراتة وأجدابيا والزاوية وأدي لسقوط العشرات من القتلي بين صفوف المدنيين.
وتشترط قوات التحالف لوقف القصف التزام القذافي بقرار مجلس الأمن والموافقة على وقف إطلاق النار وعدم مهاجمة المدنيين.والانسحاب من اجدابيا ومصراتة في الشرق، ومن الزاوية في الغرب، حيث أقر الكولونيل تيري بوركار المتحدث باسم رئاسة أركان الجيش الفرنسي إن "الوضع صعب ومعقد" ، خاصة بعد الخلافات الموجودة بين الدول المشاركة في التحالف من جهة وبين حلف الأطلنطي من جهة أخرى حول العمليات في ليبيا .
الوضع اليمني الرئيس اليمنى على عبد الله صالح تتصاعد الأحداث بشكل كبير في اليمن بعد سقوط المئات ما بين قتيل وجريح برصاص قوات الأمن اليمنية، وقد أدى تعامل السلطات مع الأزمة بشكل عنيف إلي حدوث انشقاقات كبيرة داخل النظام اليمني سواء العسكري منه أو المدني ، حيث انشق عدد كبير من قيادات الجيش عن الرئيس معلنين تضامنهم مع الشعب وحدثت اشتباكات عنيفة بين قوات الحرس الجمهوري والمنشقين من الجيش في عدة مدن يمنية أدت لسقوط قتلى وجرحى من الجانبين، كما انشق العديد من قيادات الحزب الحاكم والسفراء اليمنيين في العديد من دول العالم والمنظمات الدولية وهو ما وضع النظام اليمني في وضع دولي حرج، حيث خرجت تصريحات من قوى دولية كبيرة أكدت ضرورة رحيل الرئيس اليمني عن السلطة ودعت جماعات يمنية معارضة المحتجين إلى تنظيم مسيرة يوم الجمعة القادمة إلى القصر الرئاسي لمطالبة الرئيس علي عبد الله صالح بالتنحي ودعت المعارضة إلى اعتبار "الجمعة القادمة جمعة الزحف إلى القصر الرئاسي .
يأتي هذا في الوقت الذي حذر الرئيس اليمني من أن البلاد قد تنزلق إلى حرب أهلية أو تقسيم إذا أجبر على التنحي عن السلطة من خلال ما وصفه بانقلاب.
وقال صالح في كلمتين أمام كبار قادة الجيش ولقاء مع زعماء القبائل والعشائر إن اليمن قد يواجه حربا أهلية أو التفكك بسبب ما قال إنها محاولات للقيام "بانقلاب" على حكمه.
الوضع السوري
الرئيس السورى بشار الاسد حملت الساعات الماضية تصعيدا خطيرا في الأزمة السورية بعد قيام قوات الأمن بقتل ستة أشخاص على الأقل وإصابة العشرات في هجوم على المسجد العمري في مدينة درعا الواقعة بجنوب سوريا، حيث جرت احتجاجات واسعة على مدى الأيام الستة الماضية، ليرتفع عدد المدنيين الذين قتلتهم القوات السورية إلى 12 في سادس يوم من المواجهات مع المحتجين المطالبين بإصلاحات سياسية والقضاء على الفساد.
ويطالب المحتجون بإنهاء ما يقولون إنه قمع من جانب الشرطة السرية التي يرأسها في محافظة درعا أحد أقارب الرئيس بشار الأسد الذي يواجه أكبر تحد لحكمه منذ خلافته لوالده حافظ الأسد عام 2000.
وأحرق المحتجون خلال تحركاتهم عددا من المراكز بينها مقر حزب البعث الحاكم، ومنزل المحافظ، ومقر القصر العدلي، ومركز للشرطة.
وامتدت المظاهرات أيضا إلى المدن القريبة من درعا مثل جاسم ونوى، حيث قال شهود عيان إن أكثر من ألفي متظاهر تجمعوا لحضور اجتماع حاشد قبل أن تفرقهم قوات الأمن بسرعة.
وتخضع سوريا لقانون الطوارئ منذ استيلاء حزب البعث على السلطة عام 1963، ويطالب المعارضون بتقييد سلطات الأجهزة الأمنية والإفراج عن آلاف السجناء السياسيين، والسماح بحرية التعبير، والكشف عن مصير عشرات الآلاف من المنشقين الذين اختفوا في الثمانينيات. محيط