عصفت الازمات السياسية المتتالية التي تعيشها مصر منذ الثورة التي اطاحت بنظام حسني مبارك قبل عامين بالكرة المصرية فحرمتها من الحضور الجماهيري والموارد المالية، الا ان ابرز انديتها، الاهلي والزمالك، لا زالت تفرض سطوتها على القارة الافريقية. ويحل الاهلي، حامل الرقم القياسي في دوري ابطال افريقيا بالقابه السبعه، ضيفا على البنزرتي التونسى فى ذهاب دور ال16 الاحد، بينما يستضيف الزمالك، صاحب الخمسة القاب، سان جورج بطل اثيوبيا السبت. واستطاع الاهلي حصد لقب النسخة السابقة على حساب الترجي التونسي وذلك بعد اشهر قليلة من مقتل 72 من مشجعيه خلال مواجهات اندلعت عقب مبارته في الدوري ضد فريق المصري في مدينة بورسعيد مطلع فبراير 2012. وصدرت احكم بالاعدام بحق 21 من التورطين في ما بات يعرف ب"مجزرة بورسعيد" الا ان مشجعي الاهلي المعروفين ب"الالتراس الاهلاوي" اعتبروها غير كافية فقاموا في اذار/مارس بحرق مقر الاتحاد المصري، ومحاصرة دار القضاء العالي ومكتب النائب العام المصري للمطالبة بالقصاص لأرواح زملائهم. اما مشجعو الزمالك المعروفون ب "الوايت نايتس" فقاموا مؤخرا بمحاصرة وزارة الرياضة اعتراضا على منع حضورهم مباريات الفريق افريقيا. وتقام مباريات الاندية المصرية سواء على صعيد المسابقات الافريقية او الدوري، الذي استؤنف في شباط/فبراير، بدون حضور جماهيري منذ مأساة بورسعيد تفاديا لوقوع مواجهات جديدة. وبالاضافة الى الانجاز الذي حققه الاهلي بالفوز ببطولة الاندية الافريقية بالرغم من الازمات السياسية التي تشهدها البلاد وغالبا ما ترافقها اعمال عنف، بلغ منتخب شباب مصر نهائيات كأس العالم تحت 20 عاما المقررة في تركيا في حزيران/يونيو المقبل اثر تتويجه بطلا للقارة، بالاضافة الى تصدر المنتخب الاول لمجموعته في تصفيات كأس العالم المؤهلة الى البرازيل 2014. ويبقى الاهلي (36 لقبا في الدوري المحلي) نادي القرن الافريقي والزمالك (11 لقبا محليا) فرسا الرهان للكرة المصرية والمسيطران على اغلب الالقاب محليا وافريقيا وعربيا، اكثر الاندية تأثرا ماديا وفنيا بالاحداث التى تمر بها مصر. ويرى الاعلامي المصري أحمد شوبير نائب رئيس اتحاد الكرة السابق وحارس الأهلي ومنتخب الفراعنة سابقا "الأندية المصرية واتحاد الكرة تأثرا ماديا، وبات شبح الإفلاس يهددهما، كما أن الأندية تأثرت ايضا من الناحية الفنية باستثناء الأهلي والمنتخب الأول ومنتخب الشباب، وتفسير لذلك أن لاعبي الأهلي كانوا الأكثر راحة ولم يواجهوا اي ضغوط لمشاركتهم فى البطولة الأفريقية فقط، إضافة الى أن الجهاز الفني للمنتخب المصري الذي يقوده الأميركي بوب برادلي لم يجد أي معوقات فى إقامة معسكرات لفترات طويلة دون الدخول فى صدامات مع الأندية". وقال شوبير متحدثا عن مذبحة بورسعيد "تم استخدام الالتراس سياسيا بعد الثورة من خلال تحريضهم على التظاهر ضد المجلس العسكري ووزارة الداخلية"، منوها الى أن الألتراس بشكل جماعي "لم يكن لهم دور في ثورة كانون الثاني/يناير، وإنما كان تواجدهم بشكل فردي كأي مواطن". واضطر بعض اللاعبين الى ترك انديتهم بسبب الأزمة المالية، أمثال محمد أبوتريكة الذى أعير لنادي بنى ياس الإماراتي، وأحمد فتحب ومحمد ناجب "جدو" الذين أعارهما الأهلي لنادي هال سيتي أحد أندية دوري الدرجة الثانية الانكليزية، ومحمود عبدالرازق "شيكابالا" الذى أعاره الزمالك لنادي الوصل قبل أن يعود في نصف الموسم بسبب مشاكله مع النادي الإماراتي. ورغم أن إحتراف اللاعبين يعد مكسبا للكرة المصرية، إلا أن الأندية لم تحقق عائدا ماديا كبيرا من وراء إعارتهم نظرا لضعف المقابل المادي. واعتبر عضو مجلس إدارة نادي الزمالك إبراهيم يوسف أن الأندية تأثرت ماديا بعد توقف النشاط، حيث تراجع الرعاة عن سداد أقساط رعاية النادي، الأمر الذى أدى الى إلغاء تعاقد النادي مع الوكالة الإعلانية فى الموسم الماضي بعد توقف النشاط، ما جعل نادى الزمالك يعانى بشكل كبير. واضاف "كانت قيمة عقد الرعاية فى الموسم الماضي قبل توقف الناشط 25 مليون جنيه (3,5 مليون دولار)، تضاءل المبلغ فى الموسم الحالى الى 4 ملايين جنيه فقط 0,6 مليون دولار) عن النصف الثانى من الدوري". وأوضح "أن الفارق بين المصروفات والواردات لفريق الكرة يبلغ 35 مليون جنيه تقريبا (6 مليون دولار) وهو ما يمثل عجزا فى ميزانية الفريق، حيث تبلغ الميزانية فى الموسم الحالى فقط حوالي 60 مليون جنيه (8,5 مليون دولار)، بينما تمثل الايرادات 25 مليون جنيه فقط (3,6 مليون دولار)". وقال يوسف أن :الثورة المصرية بريئة مما يحدث للكرة المصرية، مؤكدا أن الدور السلبي للالتراس بمختلف انتماءاته هو السبب، خاصة بعد تفشي ظاهرة العنف فى تصرفاتهم، الأمر الذي انعكس سلبا على اللاعبين والأجهزة الفنية وإدارات الأندية، وأشار أن النتائج الجيدة للأندية والمنتخبات المصرية افريقيا ترجع لمعدن اللاعب المصري الأصيل الذى يظهر وقت الشدائد". أما الناقد الرياضي حسن المستكاوي، فقال "بالتأكيد الكرة المصرية تأثرت سلبا بالظروف التى تمر بها مصر منذ ثورة يناير مرورا بتوقف نشاط كرة القدم عقب أحداث مذبحة بورسعيد، فقد غابت المتعة والمنافسة الشريفة بعد أن اختلط الهتاف السياسي بالهتاف فى المدرجات"، مضيفا "اقامة المباريات بدون جماهير أفقد الكرة المصرية متعتها الحقيقية، فباتت الملاعب أشبه بمسرح بلا جمهور أو فيلم سينمائي بدون موسيقى تصويرية، وبعد أن كانت مباراة القمة بين الأهلي والزمالك عيدا للأسرة المصرية باتت مصدر قلق وتوتر لما قد يحدث من عنف وسباب". وقال المستكاوي "مباريات الكرة كانت الإهتمام الأول عند المصريين فهى تجسد الإنتماء والوطنية، رغم أن هذا غير طبيعي إلا أنه بعد ثورة 25 يناير إهتمام المواطن المصري بات سياسيا فى المقام الأول". وأكد المستكاوي أن فوز الأهلي ببطولة أفريقيا الموسم الماضي وتأهل منتخب الشباب لنهائيات كأس العالم بتركيا بعد فوزه بأمم أفريقيا بالجزائر وتصدر المنتخب الأول لمجموعته فى التصفيات المؤهلة لكأس العالم بالبرازيل 2014 جاء "نتاجا لجهد جيل موهوب أراد أن يرسم البسمة على وجوه بائسة، فى وقت اختفى الضحك عن وجه الانسان المصري".