جون كيري يعود مرة أخرى الى المنطقة بعد تعثر محاولته الأخيرة في سلطنة عمان وعلى صدى الانفجارات المتكررة في معسكر الصولبان في محافظة عدن والمجزرة الرهيبة التي تشهدها حلب الشام وأحداث كبيرة مؤلمة تعيشها المنطقة، يتعجب الكثيرون من أمر الوزير كيري!! عجيب هذا الإصرار والمثابرة والعناية بالملف اليمني!! عجيب أن آخر لحظاته ودقائقه وساعاته يقضيها في المحاولة تلو المحاولة فيما يُزعم انه وقف الحرب في اليمن!! والحقيقية ان سلسلة التعجب لا تنتهي مع هذه الادارة الامريكية ووزير خارجيتها العجوز مع هذه المواقف الأخيرة!! وبالرجوع قليلا الى مواقف الولاياتالمتحدةالامريكية إزاء الملف اليمني سيجد ان أمريكا هي من تبنت منذ اللحظات الاولى في عام 2004م الحركة الحوثية وهي تحمل السلاح في وجه الدولة ووقفت ممانعة لأي تصنيف لهذه الحركة يعرقل نموها وانتشارها!! وراحت هذه الادارة تدفع بالحركة لتبني العمل السياسي مقابل الظمان ان ترعى أمريكا هذا التوجه!! وتسمح له بتحقيق اكبر المكاسب، ورأينا ما جرى في مؤتمر الحوار الوطني ونجاح هذه الحركة في الحصول على تمثيل يتجاوز حجمها ومناطق انتشارها الجغرافي!! ثم رأينا بعد ذلك عودة الحركة لاستخدام السلاح لفرض خياراتها والذي جاء تعبيرا عن رفضها لمخرجات الحوار الوطني في أوائل عام 2014 وبدأت بالتصعيد العسكري واجتياح المناطق الواحدة بعد الاخرى في ظل مباركة أمريكية، تختلق الحجج والتبريرات والتأويلات، إنها حركة أقلية يجب على الدولة استيعابها وعدم الوقوف في وجهها، وان استخدام حركة الحوثي للعنف ليس موجها ضد الدولة بل هو ضد أطراف بعينها ترفض منح المظلومين والمقهورين حقوقهم. واستمرت المواقف الامريكية العجيبة وهي تحاول الالتفاف على أي توجه حقيقي للحد من خطر هذه الحركة وبالذات بعد أن باشرت عملية الانقلاب بشكل واضح وبعد تحرك الاقليم القوي والمفاجئ ووجدت أمريكا نفسها مرتبكة في مجلس الأمن وهو يصدر قراره 2216 فما كان منها الا ان التفت على قرار مجلس الأمن بمباحثات جنيف الاولى لتطبيق قرار مجلس الأمن ليجد الحوثيون أنفسهم في منصة دولية، يطلون من خلالها على العالم، لم يحلموا بها في يوم من الايام ولكنه الكرم الامريكي العجيب!!
وكان ما كان من لقاءات سرية بين الادارة الامريكية والحركة الحوثية في ظلال المباحثات النووية الايرانية ليفاجئ العالم والإقليم واليمنيون بمزيد من العجائب الامريكية وبينما كان العالم ينتظر إجراءات شديدة ضد هذه الحركة وهي تعرقل مباحثات الكويت بذلك الصلف العجيب اذا بأعجوبة أمريكية جديدة وهي تدللهم بالتنقل بين عواصم المنطقة وتوكل الى الروس اكل فصوص الثوم واعتراض اي إجراءات لمجلس الأمن. لم يكن في حسبان الادارة الامريكية الديمقراطية ان الانتخابات الامريكية ستكون ايضا مصدرا للعجائب وخاصة وهم يتابعون مناورات المرشح الجمهوري بخصوص ايران وملفها النووي ولكن عندما وقع الفأس بالرأس وكسب ترامب الانتخابات فوجئ العالم بجون كيري يهرع الى سلطنة عمان ليقابل وفد حركة مدانة بقرارات مجلس الأمن ولا يحملون اي صفات رسمية امام كل كاميرات العالم!! ويعلن من هناك مبادرته المخجلة! واليوم ها هو يعود ثانية وبوابة الصولبان تفجر المرة تلو المرة، ليصحح الأخطاء التي ارتكبها في سلطنة عمان محاولا الوصول الى مبتغاه عبر باب الاقليم الرئيسي المملكة العربية السعودية، معتقدا ان بعض الإجراءات الغليظة من استمرار التمدد الطائفي في المنطقة، ومن ضربات الاٍرهاب في عدن، ومن تأخر الشرعية في حسم معاركها، كل ذلك سيساعده للوصول الى مبتغاه، ولم ينس هذه المرة ان يناور بصياغة عباراته مؤكدا حرصه على المرجعيات الثلاث ومطمئنا دول الاقليم برفضه للتدخل الايراني وحرصه على أمن المملكة محذرا من داعش وكارثية الوضع الإنساني. الوقت آخذ في النفاذ امام مفاجآت العجوز كيري!! وآبناؤنا لا يزالون يتساقطون ضحايا امام بوابة الصولبان!!