ندوة علمية في جامعة صنعاء حول ثورة 21 سبتمبر ودورها في نصرة فلسطين    استقرار المنطقة يبدأ من الاعتراف بالجنوب وتحقيق تطلعات شعبه    الأمين العام للانتقالي الجنوبي يبحث مع رئيس فريق منظمة نداء جنيف آفاق تعزيز التعاون المشترك    مقتل وإصابة 8 أشخاص بانفجار 4 قنابل يدوية في شعوب    بن الوزير يتابع تأهيل مبنى الإدارة المحلية في شبوة    وقفة شعبية في مديرية الثورة احتفاءً بعيد ثورة 21 سبتمبر وإسناداً لغزة    المساوى يدّشن مشروع التمكين الاقتصادي لأسر الشهداء    القسام تدعو لركعتين (ليلة الجمعة) بنية الفرج لمرابطي غزة    الأرصاد يتوقع أمطارًا متفاوتة الشدة على عدة محافظات    تعز.. المعتصمون يصعدون في وجه السلطة المحلية بعد محاولة تفكيك خيام الاعتصام    انفجار قرب سفينة تجارية في خليج عدن    هكذا يتغير الشرق الأوسط.. الصراع السعودي الإسرائيلي    مركز الملك سلمان يوزّع خيام وحقائب إيواء للمتضررين من السيول بمحافظة حجة    إتلاف 5.5 طن من المواد الغذائية منتهية الصلاحية في البيضاء    القائم بأعمال رئيس الوزراء يزور وزارة الكهرباء والمياه    صنعاء: مناقشة دور وزارة الداخلية في جذب الاستثمارات    البقوليات وسيلة فعّالة لتحسين صحة الرجال والتحكم في أوزانهم    الديوان الملكي السعودي : وفاة المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ    أمن العاصمة عدن يضبط متهمًا بسرقة 100 جرام ذهب بالمنصورة    نائب وزير المياه يبحث ترتيبات إحياء يوم اللغة المهرية    في مهرجان خطابي وفني.. إصلاح الحديدة يؤكد أن تحرير المحافظة مفتاح لانتصار الجمهورية    ديمبيلي ثالث مسلم يتوج بالكرة الذهبية وحضور لافت للاعبين مسلمين بالقائمة    الذهب عند ذروته: ارتفاع قياسي في الأسعار    قوات الإصلاح في تعز تحمي قتلة "افتهان المشهري"    تعرف على هوية الفائز بجائزة الكرة الذهبية 2025    احترام القانون اساس الأمن والاستقرار ..الاجراءات تجاه ماموري الضبط القضائي انموذجا    الرئيس الزُبيدي يلتقي رئيس اللجنة الدولية للإنقاذ ويشيد بجهودها الإغاثية والتنموية في بلادنا    يامال وفيكي يتوجان بجائزة «كوبا».. ودوناروما الحارس الأفضل    ديمبيلي.. المهرج الأنيق يتوج بالكرة الذهبية    بعد 14 عاما.. مارسيليا يُسقِط باريس في ال«فيلودروم»    الإمارات تدعو مجددًا مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته لردع إسرائيل    الدوري الايطالي: نابولي يواصل انطلاقته المثالية بانتصار مثير على بيزا    غموض يكتنف اختفاء شاعر في صنعاء    حين تُغتال الكلمة.. وداعاً عبدالعزيز الشيخ    إلى أرواح أبنائي الشهيدين    في تقرير لها حول استهداف مقر صحيفتي " 26 سبتمبر " و" اليمن ".. لجنة حماية الصحفيين الدولية: "إسرائيل" تحولت إلى قاتل إقليمي للصحفيين    في مهرجان شبابي كشفي شهدته العاصمة صنعاء احتفاءٍ بالعيد ال 11 لثورة 21 سبتمبر..    عبقرية "سورج" مع برشلونة جعلته اقوي جهاز فني في أوروبا..!    حين يُتّهم الجائع بأنه عميل: خبز حافي وتهم بالعمالة..!    رئيس مجلس القيادة يصل نيويورك للمشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة    منارة عدن المنسية.. إعادة ترميم الفندق واجب وطني    صحة بنجلادش : وفاة 12 شخصًا وإصابة 740 آخرين بحمى الضنك    التحويلات المالية للمغتربين ودورها في الاقتصاد    القاتل الصامت يودي بحياة خمسة أطفال من أسرة واحدة في محافظة إب    صحة البيئة بالمنصورة تشن حملة واسعة لسحب وإتلاف "شمة الحوت" من الأسواق    نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة ومدير صيرة يتفقدان أعمال تأهيل سينما أروى بصيرة    لقاء تشاوري بين النيابة العامة وهيئة الأراضي لمناقشة قضايا أملاك الدولة بالوادي والصحراء    عدن.. البنك المركزي يكشف عن استخدامات المنحة السعودية ومستقبل أسعار الصرف خلال الفترة القادمة    هبوط جماعي للأسهم الأوروبية!    الراحلون دون وداع۔۔۔    السعودية تسرق لحن زامل يمني شهير "ما نبالي" في عيدها الوطني    التعايش الإنساني.. خيار البقاء    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    في محراب النفس المترعة..    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دمّاج.. الأديب السبتمبري وسادن الثورة المخلص
نشر في الصحوة نت يوم 04 - 01 - 2017

في وطن يقايضك على صوتِك ليبقي لك أنفاسك المتقطّعة؛ يصبح الموتُ ملاذا أخيرا، ومنفى رحيما، يحفظ لك ماء وجهك، واحترامك لذاتك كمبدع ومثقف تعتّقت المبادئ في تكوينك حتى صرتَ كأنك هي أو كأنها إياك، أو كأنكما أنتما المتوحِّدة روحا وجسدا.
في حياة الأستاذ أحمد قاسم دماج – وفي موته أيضا- ما يؤكد مثل هذه الفرضية أو على الأقل يعزّز من طرحها، خاصة وأنَّ مفاهيم الحياة وكذا مفاهيم الموت تتشكل في رؤية المثقف وفق ثنائية الحضور والغياب، والإبداع والعدمية، ومن ثم فإن الحياة الحقيقية في أعمار المثقف الصادق هي تلك اللحظات المشرقة التي تماهى فيها الموقف مع المبدأ.. وما سواها فيباس وهشيم.
مات الأستاذ أحمد قاسم دمّاج.. فطويتْ بموته صفحة من صفحات اليمن الحديث، اجتمع فيها الثقافي بالثوري بالسياسي بالإنساني، حتى كأن المتأمل في مسيرته يقف على سمفونية تتجاور فيها أنساق موسيقية مختلفة لتنسج بالمجمل نموذجا فريد من الحياة لا يصنعها غير المثقفين، والحقيقيين منهم على وجه التحديد.
ومنذ يفاعة سنه انفتح وعيه السياسي على موجات الاستقطاب الحاد في يمن ما قبل الجمهورية، حيث كانت الاتجاهات الأيدلوجية تتسابق فيما بينها لتأطير الشباب، فكان أن انضم إلى حركة القوميين العرب، ثم تنقل في أطواره السياسية في عدد من الفضاءات السياسية، وهو في كل ذلك يعد الأيدلوجيا وسيلة لا غاية، ومن هنا فقد وقف مع سبتمبر الثورة مدافعا ومنافحا: بقلمه وبسلاحه، حتى تأتى لها أن تقف على قدم راسخة، تتأرجح بين الحين والآخر بفعل المعاميل السياسية المختلفة، وكان له في كل ذلك مواقف ثابتة، ينتصر فيها لمفهوم الثورة، ويعزز تواجدها، ويقف في وجه كل الانحرافات التي كانت تشوبها بين الحين والآخر، فخاصم في سبيل ذلك، وصادق، وقاطع وواصل.
ثم كان له إسهاماته في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، حيث تولى رئاسته خلفا للمرحوم الشاعر عبدالله البردوني ثلاث دورات متتابعة، كان فيها أبا للجميع، مؤمنا بأهمية التعايش والتآلف الفكري بين مختلف الاتجاهات الأدبية والفكرية والسياسية، مشددا على احترام الآخر، وحقه في التعبير عن نفسه بالطريقة التي يراها مناسبة مالم تكن صامة للمسار الذي يحكمه الذوق العام.
كان دمّاج سادنا مخلصا للثورة حتى وهو يمارس دوره كأديب، فليس ثمة حد بين الأدب والسياسة في التجارب الناضجة، وبموجب ذلك كان يسعى في بث جماليات الثورة وعنفوانها في نفوس طلابه ومريديه، ينظر إلى الجميع بعين واحدة، مؤكدا غير مرة على أنَّ تماسك المجتمع إنما ينبع من روح الثورة التي تجمع ولا تفرق، وتجعل الناس مواطنين على السوية، لا وجود بينهم لسيد ولا مسود، فالكل سواء أمام النظام والقانون، سواء في الحقوق والواجبات.
وكان كغيره من الأدباء يرى بعينه الناقدة ما يعتور الطريق من انتكاسات وانحرافات؛ لكنه وهو المتشرب لقيم الثورة والمجايل لأعلامها الأفذاذ كالزبيري والنعمان وغيرهم، ماكان يتوقّع أن يرى بأم عينه صفحة الجمهورية تطوى في تراجيدية صادمة ذابحة، ولم يكن يتوقع للأمس أن ينبجس من أمسه الرجعي، وأن يعود الظلم في طبعة ثانية تتدارك كل ما أُهمل ونسيَ في الطبعة الأولى من أشكال الامتهان وضروب الإذلال.
لقد صدم بالواقع الجديد كما صُدم غيره، فاختبأ خلف أوجاعه مكابرا ومصابرا على مدى عامين ذابحين، وكان له أن يشاهد قبل رحيله قصيدته (إلى آخر القتلة) تتجاوز نبوءة الشاعر إلى رسم القادم الذابح بكل تفاصيله الشنعاء.. لقد مُني قبل موته بانطفاء شعلة الثورة في صنعاء عاصمة الثورة، وتحويلها إلى غسق مفزع، تهوي إلى الأعماق مثخنة بجراح الغدر، وبجراح الظلم، وبجراح التخاذل.
ولا شك أنه قبل أن يغمض عينيه الإغماضة الأخيرة راح يستذكر قصيدته تلك ويتمتم في صوت حزين:
الليل يهبط كل ثانية, زمانٌ من رحيل في العذاب.
الصمت سجن ناهض الأسوار ملتف على وجه
المدينه..
والرعب يقتحم الشوارع وهي تبكي بالغبار.
وعلى النفوس, على انهيار الكون في الغسق
الذي لا ينتمي
وجْلاء تضطرب النفوس
هذا ارتداد مفزع لليل يا قلب المغني
لذْ بالشجا
فشناعة الطوفان تجتاح الجميع
والحزن يهبط أخرسا
ردد تراتيلَ انغماسِك في الأسى.
وزفير روح مدينة تهوي إلى الأعماق مثخنةً,
وناس في القرارة يرزحون
الجوع جلاد يعلِّقهم على سقف السكينة والسواد
خذ من نياط القلب أوتادا
مدينتنا معبأة بذعر لا يحد
والخلق مقسوم إلى قسمين:
جلادون يلتهمون في شرهٍ ثمار الجنتين
ومكبلون بفاقة تفضي لمسغبة
نعاج في فلاة من ذئاب.
غَنِّ لعلك تبعث الموتى
لعل الأفق يشرب فيض هذا الليل
أو ينخطُّ نبع من شفق
أنا مثخن يا صاحبي أنا.في انهيار الكون خيطٌ من أرق
وأنا وأنت وهُمْ على الجنبات أسمال مزق.
أقسى من الليل الذي ولَّى
هو الليل الذي يأتي
وأرحم من تضورنا الغرق
الأرض سيّجها الأنين
ونحن نسغ في الشفق
هلا أحلت وجيب هذا القلب ألحانا
وحشرجة النفوس قصائدا لا تستقر وهل؟
هلا ابتكرت لنا ابتداءً لا يغال
ولا يفاجئه الغسق؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.