تزامناً مع إعلان تحقيق الوحدة اليمنية كانت الساحة السياسية اليمنية على موعد مع ميلاد حزب التجمع اليمني للإصلاح في 13 سبتمبر 1990م في نفس الشهر الذي تحرر فيه اليمنيون من الحكم الإمامي الكهنوتي وعلى مقربة من 14 أكتوبر الذي تحرر فيه جنوب الوطن من الإستعمار البريطاني. ولد الإصلاح كبيراً كاسمه وهذا ما أكدته الأحداث المتسارعة التي توالت على البلاد وأثبت الإصلاح قدرته الفائقة على التعامل معها بحنكة وتروي بعيداً عن الشطحات والإنفعالات الوقتية. 27سنة مرت على ميلاد التجمع اليمني للإصلاح غنية وثرية بالعمل الدؤوب في الحياة السياسية ، عرف عن الإصلاح منذ إعلان تأسيسه مرونته في التعامل مع الأحداث ، ومنذ تأسيس الحزب وحتى اليوم يخوض الحزب معركة البقاء مع خصوم العمل السياسي وأعداء الديمقراطية أثبت الإصلاحيون خلالها براعتهم في التعامل مع الأحداث وامتصاص الصدمات ومواجهة عمليات الإقصاء بالصبر والمصابرة ، وأثبتوا من خلال مقاومتهم لعملية التجريف السياسي بإن الإصلاح عصي على الإستستلام وبأن حزب أصوله متجذرة في أوساط الشعب لا يمكن أستئصاله بالسهولة التي كان يعتقدها أعداء الديمقراطية والتعددية السياسية ، ونتيجة لإدراك الإصلاح لأهمية أدوات الديمقراطية في تحريك عجلة الديميقراطية والتعددية السياسية عمل الإصلاح على ترسيخ الإحتكام إلى صناديق الانتخابات، ولم يترك فرصة من فرص العملية الديمقراطية إلا وشارك فيها من أجل ترسيخ ثقافة التعددية في أوساط الشعب اليمني الذي كان ولا يزال بأمس الحاجة إلى إعادة الإعتبار لمؤسسات الدولة التي أفرغها الرئيس المخلوع وحزبه من محتواها . لم تمر على ولادة حزب الإصلاح سوى ثلاث سنوات حتى وصل إلى السطلة من خلال المشاركة في حكومة الإئتلاف الثلاثي مع لمؤتمر الشعبي العام والحزب الإشتراكي اليمني أستمرت تقريباً لمدة سنة وفي صيف 1994م شارك الإصلاح في حكومة ثنائية مع المؤتمر الشعبي العام أستمرت حتى العام 1997م قدم فيها وزراء الإصلاح نموذجاً رائعاً في أدائهم الوظيفي رغم عملية التهميش ورمي تبعات القصور عليهم من قبل الرئيس المخلوع وحزبه ، وفي العام نفسه غادر حزب الإصلاح السلطة ليكون أول حزب سياسي يمني يصعد إلى السلطة ويعود إلى المعارضة عن طريق صندوق الانتخابات، ورغم المؤامرة المستمرة على الحزب من قبل الرئيس المخلوع وحزبه في تقليص وتحجيم دوره إلا أن الإصلاح حرص على المشاركة في الانتخابات التي تلت إنتقاله من السطلة إلى المعارضة من أجل الحفاظ على الهامش الديموقراطي البسيط التي سمحت به السلطة حينها ، وأثبت الإصلاح مع كل انتخابات نيابية أو محلية أو رئاسية بأنه يستمد تواجده في الحياة السياسية من الشعب مصدر السلطة ومالكها وليس لأحد على حزب الإصلاح من فضل سوى الشعب الذي منحه الثقة من خلال صندوق الانتخابات ورغم ما كان يشوب الانتخابات من عملية تزوير والتفاف على نتائجها إلا ان حزب الإصلاح كان حريصا ًعلى المشاركة فيها حفاظاً على الهامش الديمقراطي الموجود، على أمل أن يتم تلافي السلبيات عبر الحوار مع المؤتمر الشعبي العام الذي كان مهيمنا على الدولة ، وأدواتها وعلى اللجنة العليا للإنتخابات ، كما كان يمتلك القدرة الفائقة على تزوير الانتخابات ، وشراء الأصوات وضمان نتائج الانتخابات قبل إعلانها ، ولأن حزب الإصلاح ولد مع ميلاد الوحدة اليمنية المباركة ومع بزوع شمس الديمقراطية التي جاءت مع الوحدة حرص الإصلاح على أن يكون نموه نمواً طبيعياً من خلال الإعتماد على الإنخراط في صفوف المواطنين بكافة تخصصاتهم وأعمارهم ومناطقهم ولم تعد هناك عزلة أو قرية من القرى اليمنية لم يصلها الإصلاح ومع كل تجربة في صفوف الجماهير و ممارسة جديدة للعمل السياسي كان الإصلاح يستفيد منها في توسعه وانخراطه في أوساط الشعب . وعقب انتقال حزب التجمع اليمني للإصلاح للمعارضة، وحتى تؤتي المعارضة أكلها وتقوم بواجبها الوطني على أكمل وجه عمل الإصلاح ومعه عدد من الأحزاب الفاعلة في الساحة على إنشاء تكتل اللقاء المشترك المعارض وتم الإعلان عنه رسمياً في العام 2003م لتصبح تجربة هذا لتكتل من أهم التجارب للحفاظ على التعددية السياسية وتماسك الأحزاب الفاعلة في قالب واحد مع إحتفاظ كل حزب سياسي بخصوصيته ، كان للإصلاح دوركبير في تفعيل هذا التكتل كتكتل معارض تحكمها لائحة تنظم عمله وتوزع الأدورا بين الأحزاب المشاركة فيه ويتم الإستناد إليها في إدارته وتحديد مواقفه من خلال الناطق الرسمي ، وحرصاً من حزب الإصلاح على بقاء اللقاء المشترك وتفعيل دوره عمل الإصلاح على تعزيز العلاقة مع جميع الأحزاب السياسية المنضوية فيه وقدم الكثير من التنازلات لغرض تعزيز الثقة المتبادلة بين جميع الأحزاب وبالفعل وصلت هذه الأحزاب إلى مرحلة متقدمة من التعاون ووصل التنسيق مع بعضها إلى ان وصلت إلى الاتفاق على رؤية وطنية موحدة حول الإصلاح السياسي الشامل . وفي العام 2006م أتفقت أحزاب اللقاء المشترك على ترشيح المهندس فيصل بن شملان رحمه الله لرئاسة الجمهورية ولعب الإصلاح من خلال قاعدته الجماهيرية العريضة على دعمه وشكلت المهرجانات الانتخابية التي شارك فيها ملاييين اليمنيين قلقا كبيراً للرئيس المخلوع وكانت أول انتخابات يشعر فيها بأنه لم يعد مرغوباً شبيعا حيث مثلت المهرجانات الانتخابية الكيرة استفتاء جماهيرياً شعبياً على رغبة الشعب اليمني في التغيير وتعتبر المشاركة الفاعلة لحزب الإصلاح في الانتخابات الرئاسية من خلال حشد أعضائه إلى المهرجانات وصناديق الانتخابات من أهم مراحل النضال السلمي الذي دشنه الحزب في مؤتمره العام للعام 2004م حيث تم عقد المؤتمر العام تحت شعار النضال السلمي طريقنا لنيل الحقوق والحريات . توجه الإصلاحيون إتجاه الفعاليات الجماهرية لإيصال رسائلهم إلى السلطة الحاكمة من خلال المشاركة الفاعلة في الفعاليات الجماهيرية والحقوقية للمطالبة بحقوق المواطنين و إيصال رسائلهم للسلطة عن طريق تلك المهرجانات والفعاليات السلمية التي كفلها الدستور والقانون . وتتويجاً وللنضال السلمي قرر الإصلاح الوقوف إلى جوار مطالب الشعب اليمني في الحفاظ على النظام الجمهوري وإسقاط مؤامرة التوريث و منظومة الفساد فخرج في ثورة 11 فبراير الشعبية الشبابية السلمية وقدم التضحيات الكبيرة في سبيل إنجاح الثورة والحفاظ على سلميتها وتحقيق أهدافها مستخدما كافة إمكانياته وانتشاره التنظيمي في جميع محافظات الجمهورية وحضوره الكبير في أوساط النسيج الاجتماعي اليمني بجميع فئاته. عقب الانتخابات أو الإستفتاء الشعبي الذي أطاح بالرئيس المخلوع شارك الإصلاح في مؤتمر الحوار الوطني والذي أستمر لمدة ثمانية أشهر وخرج بوثيقة الحوار الوطني الشامل ، وفي الوقت التي كانت القوى السياسية تتحاور لإخراج وثيقة الحوار الوطني إلى الضوء كان الرئيس المخلوع وجماعة الحوثي يعدان العدة للإنقلاب على مخرجات الحوار الوطني رغم مشاركتهما فيه وهو ما حدث بالفعل من خلال إنقلبهما الدموي .
وحين هب الشعب اليمني ضد الإنقلاب كان الإصلاح في المقدمة في الوقوف إلى جوار الدولة ومساندتها في إستعادة بسط نفوذها، مشكلا مع كافة القوى الوطنية جبهة واحدة ضد عصابة الإنقلاب التي أنقلبت على الدولة والنظام الجهوري وقدم الإصلاح لأجل ذلك التضحيات الكيبرة ولا يزال يقدم في هذه المعركة الوطنية خيرة رجاله وشبابه .