حذرت أوساط اقتصادية في اليمن من مخاطر كبيرة ستلحق بالاقتصاد المحلي في القريب العاجل. وجاءت تحذيرات الخبراء بعد إعلان البنك الدولي تعليق المدفوعات المرتبطة بمحفظته في اليمن ابتداء من 28 يوليو/ تموز الماضي بسبب ما سماه الوضع السياسي والأمني المتردي.
ويرى الخبير الاقتصادي أستاذ المحاسبة المالية بجامعة صنعاء محمد جبران أن قرار البنك الدولي بوقف تمويل المشاريع التنموية ستكون له آثار سيئة على القطاعين التنموي والاستثماري إلى جانب رفع معدل البطالة باعتبار أن هذه المشاريع عادة تستقطب عمالة كثيفة.
وقال جبران للجزيرة نت "إن توقف النشاط الاستثماري وتجميد الإنفاق الاستثماري المحلي والتمويل الداخلي من قبل الحكومة -التي لم تستطع تغطية نفقاتها الجارية والتشغيلية- سوف يلقي بظلال قاتمة على سوق العمالة الذي يشهد في الأصل تناميا مضطردا في البطالة".
وأرجع قرار البنك الدولي إلى التراجع الكبير في التصنيف الائتماني لليمن وهو ما دفع قيادته إلى وقف الإقراض لليمن خوفا من انهيار الدولة أو انتهائها أو دخولها في فوضى متوقعة. ويعتقد أن عودة هذه القروض مرتبطة بالاستقرار السياسي والأمني والرؤيا الواضحة لمستقبل اليمن.
الوضع الأمني
وكان البنك الدولي قد علق مدفوعاته المتعلقة بتمويل 21 مشروعا تنمويا تبلغ كلفتها الإجمالية 882 مليون دولار بما في ذلك مبلغ 542 مليون دولار من المدفوعات لم يتم توزيعها بعد.
وأفاد بيان صادر عن البنك "أن هذا القرار يأتي تماشيا مع قوانين البنك التي تسمح بهذا الإجراء في ظل أوضاع غير عادية في البلد المعني مما يؤثّر سلبًا على قدرة البنك في تطبيق برامجه". وأوضح البيان أن البنك الدولي مستعد للتحرّك بسرعة وبفعّالية عندما يستقر الوضع الأمني في اليمن ويكون ملائماً لاستئناف عملياته.
وتتيح برامج البنك الدولي في اليمن تمويل مشروعات كبرى في قطاعات الطاقة والكهرباء والصحة والطرق والإنشاءات والتعليم والزراعة والقطاع العام والمياه والتطوير الحضري وإصلاح المالية العامة والخدمة المدنية وتمويل مشاريع الصندوق الاجتماعي للتنمية.
جذب الاستثمارات
وفي معرض تعليقه على إعلان البنك الدولي تعليق محفظته أكد مدير مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر أن هذا الإجراء سيضر بسمعة اليمن وقدرتها في الحصول على المساعدات والهبات من المجتمع الدولي. وبحسب نصر فإن القرار سيعمل أيضا على تعطيل جذب الاستثمارات الأجنبية خلال الفترة الراهنة لأن البنك الدولي مؤسسة دولية لها ثقلها وتعليق نشاطه في دولة ما يعني أن البلد يمر بمشكلة كبيرة، على حد تعبيره.
محمد جبران: قرار البنك الدولي له آثار سيئة على القطاعين التنموي والاستثماري ، وأضاف في حديث للجزيرة نت "هناك تأثير مباشر لتعليق تمويل المشاريع على الاقتصاد حيث تشكل مساعدات البنك عاملا مساعدا للنمو الاقتصادي لأنها تستهدف قطاعات ذات ارتباط مباشر بالمواطنين كالتعليم والصحة والمياه وهي القطاعات الأكثر احتياجا في اليمن.
وفي وقت سابق رجح رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في اليمن حسن الأطرش أن يرتفع التضخم في اليمن إلى 30% في العام الجاري نتيجة الاضطرابات السياسية. وأعلن في اجتماعه مع مسؤولين يمنيين أن النمو الاقتصادي سيكون سالبًا هذه السنة متوقعًا ارتفاع العجز في الموازنة اليمنية إلى نحو 10% من الناتج المحلي، وهو أعلى كثيرا من 6.4% توقعتها الحكومة في أبريل/ نيسان الماضي.
ويربط الخبراء الاقتصاديون في اليمن بين هذه الأرقام وقرار البنك الدولي الذي جاء نتاجا طبيعيا لهذه المؤشرات التي أفرزتها الاحتجاجات التي تعصف بالبلاد منذ ستة أشهر وعدم تجاوب النظام لتسليم السلطة بطريق آمن. وحمل محمد جبران الرئيس اليمني علي عبدالله صالح مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية من تدهور وطالبه بالتنحي حتى تستقر الأمور وتصل اليمن إلى بر الأمان. المصدر: الجزيرة نت