يمنّي النازحون من أبناء "أرحب ونهم وغيرهم" أنفسهم كل عام بالعودة إلى منازلهم التي هجرتهم منها مليشيا الحوثي، وأن ينتهي نفق النزوح الذي لا يضيئه سوى شمعة أمل يدارون نورها بقلوب تتضرع مع كل صلاة لرجوع قريب. يحاولون استشعار البهجة في مناطق النزوح طمعا بتبديد مرارة الحرب، وبث القليل من السعادة في نفوس أطفالهم الذين استفاقوا على خيمة غدت بين ليلة وضحاها مسكنهم الوحيد واختنقت أحلامهم بين أوتادها. فالمخيم أصبح وطنهم الذي يجمعهم ويتشاركون فيه أوجاعهم. "أم معاذ " شردها الحوثيون وهي لا تزال تحمل طفلتها الصغيرة في أحشائها، وفي مخيّم الخانق بمديرية نهم أبصرت الطفلة النور قبل أربعة أشهر وسط 800 أسرة نازحة. تقول " بين البرد والريح والغبار نستقبل عيد الفطر كما استقبلنا رمضان والذي تلاشت أيامه , ونحن نازحين وفي أوضاع سيئة, وسيأتي العيد والفرحة لا تقارب أطفالنا ولا خيامنا. أما أم حمزة فتقول " كنا في السابق نجهز الحلويات ونزور بعضا البعض، كنت اشتري ملابس جديدة لأولادي ونخرج لزيارة الأقارب والجيران , وتبدأ مظاهر الفرح في كل أرجاء القرية.. لكننا اليوم لا نعرف أي عيد نتحدث عنه, لا ملابس و لا روائح للكعك، فقد صادرت مليشيا الحوثي فرحتنا وعيدنا". أما الأطفال بمخيم الخانق فينشغلون باللعب والجري، وقد تحدث لنا بعضهم عن مشاعرهم وذكرياتهم مع حلول العيد.. يقول الطفل محمد خالد "أذكر أنني في مثل هذه الأيام منذ أعوام كنت في قريتي ألعب وأمرح في العيد مع أهلي وأحبائي.. أخرج إلى الحي مع باقي الأطفال لنلعب لعبة الخرز ونرقص البرع ونذهب لزيارة أقاربنا.. اليوم كل شيء ذكريات." من جانبه يتذكر الطفل علي صديقه الذي فقده في الحرب، ويقول" كان أحمد ينتظرني يوم العيد لنخرج سوية للحي، كان صديقي المقرب فسرقته الحرب مني، والآن أنا وحيد في هذه الحرب بعد استشهاده فكيف سأقضي العيد بدونه". ونظر للسماء نظرة اشتياق لقريته، ولصديقه ولكل ما دمرته الحرب في عينيه.. نظرات مبعثرة خائفة من المجهول الذي ينتظره. | الصحوة نت