[email protected] لكل ظالم نهاية، ولكل طاغية جزاء، سنة ماضية وإن ظل الطغاة في سكرتهم يعمهون، يطمئنهم المتزلفون، الذين يزعمون أن الطاغية ملهم، لا ينطق إلا بالحكمة، جبروته رحمة، واستبداده حزم، وتنكيله عدل، أفعاله منجزات، وحركته معجزات...!! معمر القذافي أحد هؤلاء الطغاة، غريب الأطوار، فهو زعيم قومي، وثائر دولي، وملك ملوك أفريقيا، لكنه قائد لا يملك سلطة، دولته جماهيرية وليست جمهورية، لكنها عظمى تصدر الشر والأذية إلى كل أنحاء العالم، هو عميد الحكام العرب والعجم، لا يقبل التبعية لذلك عند حضوره مؤتمرات في بلاد الغرب يصطحب معه الإبل العربية ليشرب من ألبانها، ولا يتنازل أن يشرب من ألبان أبقارهم، هذه هي العزة التي يراها!! عجائب القذافي لا تنتهي وما يهمنا أنه بعد أكثر من أربعين عاماً من الحكم دنت ساعة رحيله، وخرج الشعب الليبي يطالب بالتغيير، فاتهم مواطنيه بالعمالة، واعتبرهم جرذاناً، وتوعدهم بالقتل والملاحقة، فرداً فرداً، وداراً داراً، وزنقة زنقة، وقد كان في غنى عن هذا التحدي، وبإمكانه أن يخرج معززاً مكرماً، لكنه اختار القتل والقتال والفوضى والدمار، وعلى نفسها جنت براقش والمرء حيث يضع نفسه، فأبى إلا أن يخرج من أسوأ أبواب التاريخ! قد يهون في نظر المواطن العربي رؤية الطغاة والمستبدين، ولكنه ما كان يتصور أن حكامه لصوص محترفون، ينهبون الثروات، ويراكمون الأرصدة في الخارج، ويتركون شعوبهم تعاني الفقر والحاجة والمسغبة والتخلف، وقد كانت عشرات المليارات من الدولارات التي نهبوها تكفي لإحداث نهضة شاملة في أوطانهم تنقلها إلى مصاف الدول المتقدمة!! وبقدر فرحتنا بسقوط طاغية جديد نشعر بالأسى أن يكون في أمتنا زعماء يتصفون بهذا القبح المفزع، لهم صور البشر، وقلوب الحجر، تصرفاتهم ماكرة، وأفعالهم فاجرة، يتلذذون بتعذيب شعوبهم، ويستمتعون بسفك دماء إخوانهم، كنا نتمنى أن لا نذكرهم بسوء أعمالهم، ولا نشمت بهم بعد أن تجردوا من السطوة والنفوذ، لكن المرء حيث يضع نفسهَ و"كل نفس بما كسبت رهينة". انتصار الثورة الليبية سيعطي دفعة قوية للثوار في اليمن وسوريا، لكنه سيضيف عليهم أعباء جديدة، حيث تستفيد الأنظمة المستبدة من تجارب من سبقها فتزيد من كلفة التغيير لكنها لا تستطيع أن تمنع السقوط، أو أن تحول دون تحقيق الشعب لأهدافه في الحياة الحرة الكريمة.
في وداع الأستاذ عبد العزيز عبد الغني انتقل إلى رحمة الله الأستاذ عبد العزيز عبد الغني -رئيس مجلس الشورى، وكنت أتمنى أن يموت الرجل في ظروف طبيعية لينصف وينال ما يستحق من التقدير، فقد عرفناه مؤدباً، صاحب خلق، لا يتصف بالجشع والطمع الذي عرف به كثير من كبار مسئولي الدولة، مشهود له بالعقل والإتزان، كثير الاستماع، قليل الكلام، يتجنب الصدام بالآخرين، كانت كلمته مسموعة لكنه نادراً ما كان يقولها، ورغم أنه كان يبدي عدم رضاه عن سير الأحداث إلا أنه توفي وأسراره في نفسه، نسأل الله أن يغفر له ويرحمه وتعازينا لأهله وجميع أفراد أسرته، "إنا لله و إنا إليه راجعون".