ما إن أكمل إمام الجامع من صلاته، خاطب المصلين.. "نصلي بعد السنة الراتبة على الجنائز" كانت نحو ست جثث متفحمات بينهن جثة امرأة، تُوفوا بحادث مروري في طريق العبر بعد عودتهم من الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج، احترقت السيارة بعد أن انقلبت في خط العبر صافر. مغترب آخر قرر قضاء اجازته مع عائلته بقريته في العدين، لم يصل القرية بل وصل مع عائلته إلى ثلاجة مستشفى الهيئة بمارب، فقد كان الموت يتربص بهم في خط العبر أيضا. عشرات القصص ومئات الضحايا معظمهم من المغتربين في السعودية، آخر تلك المآسي انقلاب حافلة نقل جماعي أودت بحياة تسعة أشخاص وجرح نحو 40 في ديسمبر الماضي.
الجبهة السابعة نسبة إلى منطقة العبر التابعة بمحافظة حضرموت، نُسب ذلك الطريق المرعب، لكنه في الحقيقة اختصر حياة المئات من اليمنيين وعبروا من خلاله إلى المقابر وحياة البرزخ. مدير مستشفى الهيئة بمحافظة مارب، الدكتور محمد القباطي، وصف في تصريح ل "الصحوة نت" خط العبر بأنه "الجبهة السابعة" في الحرب لكثرة ضحاياه، الذين يصلون إلى المستشفى، ناهيك عن ضحايا آخرين يتم اسعافهم إلى سيئون أو إلى حضرموت، بحسب الدكتور القباطي.
يضيف الدكتور القباطي أن ما نسبته 30% من الحالات التي يستقبلها المستشفى سببها الحوادث المرورية، وأن معظمها من خط العبر، مشيرا إلى أن بقية للجبهات الست في صنعاء والجوف وصرواح والبيضاء والمخدرة والعابدية وشبوة سابقا، مشيرا إلى أن المستشفى يستقبل اصابات خطيرة تحول إلى العناية المركزة وبعضها تجرى لها عمليات كبرى.
بعد سيطرة مليشيا الحوثي على معظم المنافذ والمطارات في المحافظات لجأ المواطنون إلى السفر عبر خط صافر العبر 172 كم، والذي يربط اليمن بالمملكة العربية السعودية عبر منفذ الوديعة.
بحسب مدير مكتب الأشغال العامة بمحافظة مارب المهندس عبدالودود المذحجي، قال إن طريق مأرب- العبر يعاني من الانهيار الكامل وأنه تسبب في حوادث مرورية مروعة.
وأضاف في تصريح نشر بصفحة المكتب في الفيس بوك، إن أسباب عدة أدت إلى تهالك الخط وانهياره بشكل متسارع، وأنه خلال سبع سنوات لم تجر له أي صيانة، اضافة إلى الحمول الزائد للشاحنات التي تفوق قدرة الخط. يُفسر البعض أن السبب الأول في سقوط هذا الكم الهائل من الضحايا في هذا الخط يعود للسرعة الزائدة وعدم معرفتهم بحالة الخط التي تحولت إلى حفريات كبيرة تفاجئ السائق فيضطر للهرب منها، ليلقى حتفه ومن معه في الغالب.
في ابريل 2018، وقّع محافظ مارب اللواء سلطان العرادة اتفاقية مع احدى الشركات المحلية بإعادة ترميم خط صافر العبر عبر أربع مراحل، المرحلة الأولى 40 كم، تكلفة 2 مليار و400 مليون ريال مولتها السلطة المحلية مدة عشرة أشهر، لكن الفترة شارفت على الانتهاء ولم تكمل الشركة ما بدأته، وأن الحملة الاعلامية الأخيرة التي قام بها ناشطون في ديسمبر الماضي، حركت المياه الراكدة حيث استأنفت الشركة العمل في الخط بعد توقفها لأسباب مجهولة، بحسب مراقبين.
وفي تصريح سابق لمحافظ مارب اللواء سلطان العرادة "إن طريق العبر لا تتبع السلطة المحلية لمأرب، وأن ما قامت به السلطة المحلية بمارب يأتي من باب التعاون مع وزارة الأشغال العامة، وليس من اختصاصها".
انتقادات للحكومة... ولا جديد
بعد ارتفاع نسبة الحوادث المرورية وتحول الخط إلى مصيدة لقتل المسافرين، ملئت مواقع التواصل الاجتماعي بصور لحوادث تقلب مركبات وضحايا على قارعة الطريق خاصة حافلة النقل الجماعي التي نتج عن انقلابها وفاة تسعة أشخاص واصابة 40 آخرين في ديسمبر الماضي، تحولت قضية خط العبر إلى قضية رأي عام، حيث طالب ناشطون من الحكومة والجهات المختصة بحل جذري للمشكلة واعادة تأهيل الخط الذي يعبر منه المئات من المسافرين وعشرات الشاحنات التجارية التي تعبر منه إلى معظم محافظات الجمهورية.
ونتيجة لتلك الضغوط التي شارك فيها رجال في الحكومة، فقد قررت الحكومة بعد اجتماع لها برئاسة الدكتور معين عبدالملك، ارسال فريق فني من وزارة الأشغال العامة للنزول إلى الطريق وإعداد دراسة لتنفيذ المرحلة الثانية من المشروع وتشمل غويربان- العبر. ومنذ ذلك الحين لم ينتج شيئا عن الفريق المكلف، ولتعود الأمور إلى وضعها السابق ولربما ستعود المشكلة للظهور مع حوادث مرورية أخرى لتذكر المسؤولين في الحكومة ووزارة الأشغال العامة على وجه الخصوص في انتظار حوادث أخرى ليبدأ الحديث حول اعادة ترميم الخط أو "طريق الموت" كما أطلق عليه ناشطون مؤخرا. - الصحوة نت