[email protected] تعيش اليمن ثورة لم يسبق لها مثيل, احتجاجا على الظلم, وطلبا للحرية والكرامة,والثورة تمرد على الطغيان, وخروج عن المألوف, واستهانة بالأهوال, ولذلك فإنها لا تحتاج إلى ترخيص من أحد, ولا تنتظر إذنا من الظالم,ولا تتوقع رضا ممن انتفضت ضده.. ثمانية أشهر والثوار في الساحات والميادين, أعطوا وقتا طويلا وكافيا للحلول السياسية, زادت المعاناة, وعجزت الجهود السياسية عن إخراج البلاد إلى بر الأمان, وربما راهن النظام على أن طول الفترة ستنسي الناس ما خرجوا من أجله, فإذا برمضان يحمل زادا روحيا عظيما ظهر أول أيام عيد الفطر المبارك ليعود الحماس والزخم الثوري إلى أوج قوته حين قرر الثوار التصعيد السلمي حتى تحقيق مطلبهم في التغيير وإسقاط النظام.. هذا الأسبوع خرجت الساحات تؤكد على مطلب التغيير, في تصعيد سلمي قرر أن يتخطى الحواجز والموانع والمناطق المحظورة, وقد واجههم أنصار النظام ليس بالرصاص الحي فحسب, وإنما بالأسلحة الثقيلة : بالرشاشات والبوازيك ومضادات الطائرات, وروت الدماء الطاهرة الأرض لتبعث الحياة , وتغسل أدران الذل والهوان, ومع بشاعة الجريمة إلا أنها تدل على مدى الخوف والهلع المسيطر على أعداء الشعب.. ومن السخرية المقيتة أن تصرح وزارة الداخلية أن هذه المسيرات غير مرخصة, وهو اعتراف صريح بالجريمة واستباحة الدماء, ترى من رخص لكم أن تقتلوا المتظاهرين المسالمين, وبأي قانون, وعلى أي مادة دستورية تستندون, وأي شريعة وضعية أو سماوية تسمح لكم إزهاق الأرواح وسفك الدماء وقمع المتظاهرين؟! ورغم أن الإعلام الرسمي يحاول - عبثا – قلب الحقائق, وتبرير الجريمة, إلا أنه يقع في أخطاء قاتلة تؤكد استحلال القتل والعدوان , وهي جرائم لا تتم في السجون السرية, وإنما في الشوارع والساحات؛ يشهدها مئات الآلاف ويصعب إنكارها, زعموا أن الجثث نُقلت من (أرحب) ومع أن الواقع يكذّب ذلك إلا أن استباحة الدماء في أرحب جريمة أخرى, ونعلم أن ما يتم في أرحب أكثر فضاعة حيث لا وسائل إعلام ولا مراسلين ولا صحافة, وهل قتل أبناء أرحب جائز وهم يدافعون عن أنفسهم وأولادهم ونسائهم وبيوتهم؟! لم يعد هناك أدنى شك أن النظام يتهاوى وقد اقترب موعد رحيله, وليس أمام الثوار إلا السير في الطريق الإجباري الذي اضطرهم النظام إليه, بعد أن أعطوه أكثر من فرصة ليخرج بسلام, وأما حملة المباخر, والمتسابقين لتبرير الجرائم فعليهم أن يرحموا أنفسهم, ويتوقفوا عن هذا الملق المذل, والمغالطات المكشوفة, ونأمل أن ينظروا أين مصير أعوان الظلمة عبر التاريخ. أما المجلس الوطني فنتوقع منه مواكبة هذا الزخم الثوري حتى يصل مبتغاه ويحقق أهدافه, ولا يهولنكم عدد الشهداء والجرحى فإن القتل والتنكيل لم يتوقف لحظة منذ اندلاع هذه الثورة السلمية بل صار النظام يستمتع بالعقاب الجماعي للشعب وينقل جرائم القتل من ساحة إلى أخرى.