5 أعوام من الغياب، ومن فشل المجتمع الدولي في تخليص أستاذ السياسة في اليمن من إخفاء قسري بلا نهاية، وخلاص أهله من حياة على حافة الانتظار الأبدي. قولوا لكل العالم إن رجل الحوار "محمد قحطان" ما يزال في دائرة المصير المجهول منذ ال 4 من إبريل 2015م. وأن الحوثي الذي أنتج كل مسببات الموت في اليمن، يخفي "قحطان" الذي فعل كل ما يجب لوطن ينعم بالحياة الكريمة والدولة العادلة. تغيبه مليشيا الحوثي بمنتهى الإجرام لغاية لن تبلغها أبدا، تعتقد أنها ستغيب أي تأثير له على العمل السياسي والكفاح الوطني ضد الشرذمة الإمامية، لكنما "قحطان"الرمز الجمهوري الذي أوقظ فينا الكبرياء لأعوام مديدة، يحضر اليوم بذكرى غيابه في قلب المقاومة ويبث روح النضال في كل أرجاء الوطن. تحويله إلى مزيد من أسئلة المصير المقلقة، لن يقي الشرذمة الإمامية من قلق المثول أمام العدالة وخوف العقوبة الرادعة، ولن يحميها من مصير أسود يفتح عليها كل أبواب الجحيم. اليوم تقف اليمن وراء "قحطان" بمختلف مكوناتها، فهو مهندس الحوار الوطني الذي أسهم بفعالية في نقل العمل السياسي من حالة التجاذبات إلى أفق وطني جامع. فيه ثورية الزبيري ودهاء النعمان وجمهورية السلال وحكمة القاضي الإرياني. لأعوام طويلة حمل قحطان أشواقا لبناء دولة المؤسسات، الدولة التي تكون امتدادا للمجتمع ومعبرا عن إرادته، لا كيانا منفصلا عنه وعن تطلعاته.. والتي تصون كرامة اليمني من الامتهان والأذى، وتؤسس لنظام سياسي يضمن تحقيق مبدأ التكريم الإلهي للإنسان، ويحارب التمييز والعنصرية وخرافة التفوق السلالي.
قحطان زعيم لمشروع وطني جامع مناهض لكل مشاريع الهويات القاتلة والعابرة، وفي المقدمة منها مشروع السلالة الكهنوتي الذي يراد فرض منطقه بالقوة، وبكلاميات كهنة المعبد والإمامة الذين سوقوا أنفسهم للأتباع على أنهم أنصاف آلهة وظل الله في الأرض، واستعانوا بملالي طهران ومالها وسلاحها لتحويل الناس إلى جموع طيعة لها سمات العبودية. قحطان أيضا عدو للاستبداد بكافة أشكاله، الفردية منها والسلالية، ناضل لعقود لضمان مبدأ التداول السلمي للسلطة، ومن أجل أن يكون الاختيار الشعبي الحر سندا لشرعية السلطة والقبول بها، لا الانقلاب وادعاء الحق الإلهي بالحكم وسلطة الأمر الواقع. وقد حارب فكرة الدولة الشمولية واحتكار مقومات القوة والثروة ، ووسائل الإعلام والمعرفة، وتوريث السلطة، ودعا لسلطان المجتمع. حشد "قحطان" اليمنيين خلف مشروع بناء الدولة بالمنطق والإقناع وبخطاب وطني جامع، وليس كما تفعل الشرذمة الإمامية التي تفرض أفكارها بالقوة وبخطاب مذهبي غارق في الأحقاد والبكائيات ودعوات الثأر، وتغييب العقل وإباحة دماء المخالفين. يحمل قحطان مشروعا يرى في الإنسان والاهتمام بالإنسان أساسا للتنمية والنهضة، ولا ترى الشرذمة الإمامية في الفرد سوى صرخة مبندقة يموت نيابة عن السلالة وفي سبيل تحقيق الأطماع الفارسية. قحطان بكل ذلك العطاء الإنساني والسياسي مغيبا في السجون، والحوثي بكل ذلك الإجرام والفاشية حرا وحاكما، والمجتمع الدولي مع كل هذا الصلف يقف واجما للفرجة، بعد أن تخلى عن مسؤوليته في توفير الحماية القانونية الكاملة وردع المتورطين في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية كاختطاف السياسيين وإخفائهم قسرياً.