تشهد الأسواق اليمنية شللا شبه تام في الحركة للمرة الأولى في هذا الوقت من العام، زادت حدة عن الأعوام السابقة بعد أن جرت العادة أن يكون شهر شعبان هو موسم الذروة في التسوق والحركة والزحام استعدادا لشهر رمضان المبارك، نتيجة للأوضاع الاقتصادية المتهالكة لخمس سنوات من الانقلاب والحروب، بالإضافة إلى حالة الهلع التي سببها فيروس كورونا العالمي، والذي أدى إلى مكوث العديد من الناس في منازلهم وعدم الخروج منها إلا للضرورة القصوى "من باب الوقاية". مخاوف من الكساد يعتبر سوق (الزمر) الواقع في حي شعوب بأمانة العاصمة، من أكثر الأسواق ازدحاما وحركة في المواسم السنوية وخصوصاً مواسم رمضان والأعياد، ولكنه يبدو هذا العام شبه خالي من الناس، ولا تكاد تشاهد فيه إلا بعض النسوة اللاتي خرجن لشراء الاحتياجات اليومية في عجل. يقول أحد أصحاب المحلات في سوق الزمر ويدعى (عصام رزق) للصحوة نت: " كنا نقول كل عام بأن الوضع أسوأ من العام الماضي .. ولكن هذا العام هو الأسوأ على الإطلاق.. فالحركة ضعيفة تماماً والسوق شبه خالي والاسعار غالية ايضا...وذلك بسبب الوضع المالي المزري ورعب فيروس كورونا الذي اجتاح العالم". بضاعتنا ردت إلينا ويؤكد " سيف غانم" تاجر المواد الغذائية، بأن المخاوف هذا العام من الخسارة والكساد بلغت ذروتها لدى البائعين والتجار، نظرة لما تشهده حركة البيع من تباطؤ كبير وإحجام الكثير من الناس عن التسوق بسبب غلاء الأسعار. ويحمل الحاج "غانم" جماعة الحوثي مسؤولية الاوضاع الراهنة. "لا حكمونا سوى ولا رحمونا ...المسكين يموت والغني يزداد غنى وعليها والوضع من سيء الى اسوء. وقد ارسل الله الاوبئة والجراد والفيروسات على الناس عسى يعقلوا ويتوبوا ومع ذلك الدنيا فساد لأن الرأس فاسد ويعلم الله كيف الآخرة... هذه بضاعتنا ردت الينا ولا مشتري ولا حد يقلنا من كم". وفي المقابل، يعتقد المواطن " ربيع" قلة الحركة وخلو الأسواق من الزبائن بأنه بسبب فيروس كورونا الذي اجتاح الكرة الارضية وقلب عاليها سافلها -حد قوله-لأن الناس أصبحوا يمتنعون عن الخروج من المنازل، وكذا عن شراء البضائع التي يعتقدون بأنها مستوردة من دول موبوءة بالفيروس. بينما يمضي المواطن " بسام" لأبعد من ذلك بالقول بأن على اليمنيين الاحتياط أكثر من أي دولة أخرى من كورونا، ليس بسبب ضعف الامكانيات الصحية وقلة المعدات، بل لأن " خبطتين في الرأس توجع" حسب تعبيره. " يكفي كل دولة أن تأخذ فيروس كورونا واحد مش اثنين، احنا اليمنيين معانا كورونا من 2014 وضحاياه اكثر من ضحايا كورونا العالمي، وهو فيروس دخل الدماغ لأول مرة باسم " القضاء على الجرعة،" وهكذا يتطور هذا الفيروس تلقائيا ويجد لنفسه دائما مبررات للبقاء والفتك بالجسم اليمني". واضاف: " لذلك اقول لليمنيين ابقوا في بيوتكم رجاء ... مش ناقصنا "كورونات" يكفينا كورونا واحد" ! الموت بكورونا أفضل وعن التوقعات لشهر رمضان هذا العام، يقول " عبدالمغني" بعد عودته الى المنزل خالي اليدين، حيث لم يتمكن من شراء اي من مستلزمات رمضان بسبب الغلاء الفاحش في الاسعار: " تفاجأت بالأسعار الخيالية للمواد الأساسية رغم ندرة الزبائن وقلة الطلب فعدت الى البيت على أمل ان يتم صرف نصف راتب اضيفه الى المبلغ الذي معي وعندها قد أتمكن من شراء السكر والدقيق والزيت لرمضان. لكني أخشى ان لا يتم صرف نصف راتب. أو ان يتم صرفه بعد أن استهلك المبلغ الذي معي فاضطر بعد ذلك لانتضار نصف راتب اخر لمدة عام" . مضيفاً بالقول: " للأسف هذا حالنا الذي لا يخفى على القريب والبعيد..ذل بعد عز وخوف بعد أمن ...وهؤلاء الناس الذين في السلطة يحدثوننا عن يزيد ومعاوية وكأنهم يعيشون في كوكب آخر ...لكننا ما زلنا بانتظار العناية الإلهية لأن الفرج يأتي بعد الشدة". من جانبه، يرى " دارس" الذي يعمل سائق دراجة نارية، أن الموت بكورونا افضل من الموت جوعاً هو وأطفاله، قائلاً:" يطلبون منا المكوث في البيوت بسبب كورونا ورمضان على الأبواب، ولا يوجد معنا شي من مستلزماته التي تنقرض عندما يدخل الشهر الكريم.. في الدول الأخرى يطلبون من المواطن الجلوس في البيت ويتكفلون بتأمين احتياجاته، أما هنا فالجلوس في البيت يعني الموت جوعاً، وأنا شخصياً أفضل الموت بالفيروس على الموت جوعاً أنا وأطفالي".