سيشكل القرار الألماني بوضع حزب الله اللبناني على قائمة الإرهاب، صدمة كبيرة بالنسبة للحوثيين في اليمن. فألمانيا هي الدولة التي احتضنت يحيى الحوثي قبل الانقلاب بأعوام كمعارض للنظام السابق، ومنحته ترخيصا لفتح أول مكتب لمليشياته في الخارج. اليوم بات "حزب الله" ضمن شبكة التهديد الإيراني والإرهاب العالمي بالنسبة لبرلين، وسيكون الحال كذلك مع الحوثي، وإن في مرحلة لاحقة وقريبة. ما زالت ألمانيا تنظر للحوثيين كأقلية مضطهدة تثير دواعي الشفقة والمساندة الدولية لحماية الأقليات، لكنها بقرارها الأخير المتعلق بحزب الله اللبناني اقتربت من وضع الحوثيين على قوائم لائحة الإرهاب جنبا إلى جنب مع داعش وغيرها. لأن ما بين "حزب الله" في لبنان و"أنصار الله" في اليمن لا يقتصر على تشابه المسميات والعناوين فحسب، وإنما هو تناسخ وتخادم على كافة المستويات فجماعة أنصار الحوثي نشأت في كنف جماعة حزب الله وكان ملفها إلى عهد قريب بيد الضاحية، ولا زالت الآلة الإعلامية للحوثي تنطلق من بيروت، كما أن الحبل السري الذي تتغذى منه الجماعتين واحد. لا يؤرق إيران وأدواتها في المنطقة أكثر من تراجع علاقتها بدول الغرب. إذ أنها تعتمد على تلك العلاقات لتوسيع نفوذها الإقليمي. ومنذ غزو العراق في 2003م تعلقت بأذيال الاحتلال الأمريكي والبريطاني، وتأمل منذ ذلك الحين أن تهيمن على كل الخليج واليمنوالعراق وسوريا. الحقيقة أن نظام خامنئي لا يراهن كثيرا على أدواته وأذرعه المسلحة، بقدر مراهنته على كسب ود الغرب، باعتبار أن إيران تقدم بحروبها العبثية في أكثر من قطر عربي خدمة للقوى العظمى من خلال ضرب الاستقرار في المنطقة وتقويض عدد من الدول التي كان مخططا لضربها ومحاولة تفكيكها. تظن إيران وأدواتها أنها ستحقق مكاسب خاصة من خلال العمل كوكيل حصري للقوى الغربية في تخريب المنطقة العربية وتقسيمها. في كتابه المهم "صحوة الشيعة" قال عضو مجلس السياسيات الخارجية بوزارة الخارجية الأمريكية "فالي نصر" إن الغرب معني أكثر من أي وقت مضى بنسج علاقة وطيدة واستراتيجية مع إيران وأذرعها في العراق والبحرين ولبنانواليمن، لمواجهة ما أسماه ب"الإسلام السني" المهيمن على السلطة في المنطقة العربية منذ قرون طويلة. تلقف إعلام حزب الله اللبناني الكتاب عند صدوره واحتفى به على نحو لافت، وروجت قنواته وصحفه لكاتبه الأمريكي من أصول إيرانية ولمضامين الكتاب. لكن يبدو أن الغرب بدأ يراجع علاقته بإيران على نحو يضعها في خانة التهديد، فقد باتت الدول الغربية تضع "حزب الله" الذراع الأهم لإيران على قوائم الإرهاب العالمي تباعا. على إيران اليوم أن تجني عواقب سياسة قصر النظر هذه، والجروح العميقة التي أحدثتها في المنطقة العربية بحروبها الغبية والهوجاء.