استمات المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث لإيقاف تحرير مدينة الحديدة، حيث كان الميناء على وشك أن يتم تحريره من قبضة مليشيا الكهنوت الحوثي. كان سعادة المبعوث هو الصوت الواضح، و القفاز الظاهر لرغبات مستترة، و مبيّتة، عملت - جميعها - على منع تحرير الميناء، و مما لا شك فيه أنها رغبات و مشيئات لا تريد لليمن خيرا، و لا تعطي للمبادئ الإنسانة أي وزن أو قيمة ، و الأدهى من ذلك أنها تنفذ مخططات ماكرة و مشبوهة تحت مبررات الحالات الإنسانية. تتحول القيم النبيلة - بيد النفوس الشريرة - إلى مجرد عناوين فضفاضة، و مبررات لممارسات قاتلة كاذبة خاطئة .
كانت مبررات المتربصين باليمن، و التي تولّى المبعوث الأممي مارتن جريفيث، الإفصاح عنها نيابة عمن( وراءه و أمامه !) أن عملية تحرير الميناء ستؤدي إلى كارثة إنسانية . هذه الروح الإنسانية، غابت في مواقف كثيرة قبل هذا، و كانت تستدعيها الحالات الإنسانية حقا، و كان أولى بها أن تبرز حينها، فهي روح لم تظهر حين وقفت تلك الرغبات المتربصة تتفرج بصمت مريب تجاه عمليات مليشيا عصابات مسلحة تستهدف عاصمة دولة عضو في مؤسسات المجتمع الدولي، التي تشدد أدبياته ( النظرية) على أهمية الحفاظ على السلم و السلام العالميين، و عدم التفريط بشرعيات الدول ! و مع ذلك وقفت تلك الرغبات و المشيئات تمضغ كلاما؛ يفيد التمرد و المتمردين، و يضر بالشرعية و يخادع الشرعيين . و ما مشكلة اليمن و اليمنيين اليوم إلا بسبب عصابة التمرد المسلح لمليشيا الحوثي، و التي فرضت وجودها بقوة السلاح من جهة، و بصمت الرغبات النتربثة التي ابتلعت ألسنتها - يومذاك - و وَلْوَلت و ناحت لتحوْل دون تحرير ميناء الحديدة، و ليقول قائلها أن التقدم لتحرير الميناء خط أحمر !!
لماذا حين أحاط الغدر بالعاصمة صنعاء ، لم تتذكر تلك الرغبات المتربصة، وربما المشيئات الشيطانية أي خط أحمر، و حين أرادت الشرعية بسط نفوذها، و أداء واجبها الوطني و القانوني الذي تخولها إياه كافة الشرائع و القوانين السماوية و الدولية، فتقوم بتحرير مدينة الحديدة كأرض من أراضي الدولة، و كميناء رئيس لها، تذكرت تلك المشيئات أن من بين الألوان الطبيعية لونا أحمر، يُمتهن و يتحول إلى خطوط حمراء مانعة لوصول أهل الحق إلى حقوقهم !؟ و برروا لذلك بالحالة الإنسانية التي امتُهِنت هي الأخرى ؛ لتتحول كمبرر لاستلاب الحق و الحقوق ؛ بهدف إفادة التمرد المسلح من عصابة الحوثي من بقاء الميناء كمنفذ يدرّ لها المال و يؤمّن إليها وصول السلاح !!
هذا السرد لأمور قد مضت، ليس لمجرد الرغبة في السرد، و إنما لنقف بتلك المشيئات، و الرغبات المتربصة، و النوايا السيئة، و بالمبعوث الأممي وجها لوجه أمام كارثة إنسانية حقيقية، متمثلة بخزان صافر .
و مادام أن تلك المشيئات و معها المبعوث الأممي قد تذكروا أن هناك خطوط حمراء، و أن هناك حالات إنسانية يجب مراعاتها و حمايتها والتنبه لها و المحافظة عليها ... و ما إلى ذلك من مبررات وصلت لديهم إلى حد الاستعانة بدموع التماسيح..!! فها نحن و العالم كله نتحدث بكل لغات الدنيا أن خزان صافر يمثل كارثة إنسانية لا يقف ضرره و خطره على مدينة الحديدة فحسب، و إنما يمتد على طول الساحل اليمني، و الجزر اليمنية و غيرها، و يعرض عشرات الآلاف من الأسر لأضرار بالغة و مخاطر مفجعة . فما موقف السيد مارتن جريفيث و من وراءه و أمامه أمام هذه الكارثة الإنسانية !؟
رجل الشارع العادي يقول : ما لم يقف المبعوث الأممي مارتن جريفيث و من حوله بنفس الاستماتة التي وقفها للحيلولة دون تحرير ميناء الحديدة، و أن يهدد بالخطوط الحمراء تلك ، فمعنى ذلك أن مخطط تلك المشيئات ماتزال تعمل بنفس تلكم الوتيرة الشيطانية السابقة، مستهدفة حاضر اليمن و مستقبله، جاعلة من الحوثيين - كعصابة متمردة و مسلحة - مجرد رأس حربة ليس إلا ! هذا ما يقوله رجل الشارع البسيط، فما بالك لو تكلمت النخب السياسية و كسرت محاذير الحسابات المحاصَرة بالخطوط الحمراء القاتلة !!