كان بطرس الناسك أبرز محرضي الحملة الصليبية الأولى التي دعا لها البابا أوربان الثاني، والتي كانت تستهدف بلاد الإسلام عامة، و بيت المقدس بصورة خاصة. كان البابا أوربان الثاني فرنسي الجنسية، كما كان بطرس الناسك أيضا، ويبدو أن الرئيس الفرنسي مايكرون يريد أن يظهر بوضوح أنه الوريث الحصري لكل من البابا و الناسك.
الفارق أن مايكرون الناسك يختلف عن بطرس الناسك، بأناقة مظهره - و ربما - بنظافة جسده و ملابسه، وهذه النظافة هي أهم ما استفادته الحملات الصليبية التي عرف أفرادها الصابون لأول مرة في بلاد الشام، و تعلموا هناك أهمية الاستحمام. لكن ( ناسك) اليوم و (ناسك ) الأمس لا يختلتفان من حيث أنهما يمتلئان كراهية و حقدا على الاسلام و المسلمين.
الرئيس الفرنسي مايكرون ، و إن شئت قل مايكرون الناسك، لم يستطع أن يكتم أزمته النفسية التي يعيشها، ولا نوازعه الداخلية السوداء التي يحملها تجاه الإسلام. لم ينتقد مايكرون الناسك، أو بطرس الناسك الجديد سلوكا معينا من آحاد المسلمين، أو أفراد منهم، و هو سلوك لا يقتصر على أتباع ديانة معينة، و لا مجتمع معين، و لكن مايكرون الناسك ، راح بكل ما يحمله الصليب من حقد و كراهية منذ لويس التاسع ( الملك الفرنسي الذي قاد الحملة الصليبية السابعة فانهزم و أسر بمصر) يعيد حديث الغل و الحقد على الإسلام والمسلمين. فهو يعمّم العداء الصريح للإسلام، و ليس لأفعال أفراد ظهروا هنا أو هناك، بل هاجم الإسلام بمجمله. إنها إذن حرب صليبية، هكذا قال قبله جورج بوش الإبن، كما قال عندما قرر غزو العراق أنها حرب من أجل الله و الصليب !!
من يعيش الأزمة إذن ؟ من يستجر أحقاد القرون !؟
تعالوا - يا عالم - نتعلم السماحة و التسامح و رقي الروح الحضارية من الخلفية الثقافية والفكرية و العقدية من مايكرون الناسك؛ حيث البراءة، و الطيبة، و النبل، و الإنسانية التي تذوب رقة و رحمة .
لنطرح أحقاد الفرنسيين : البابا أوربان الثاني، و بطرس الناسك، و لويس التاسع، و ليس انتهاء بالجنرال غورو ... ثم لنسأل مايكرون الناسك، ما هي أزمة الساسة الفرنسيين المتأصلة فيهم، و التي سكنتهم، و لم يستطعوا الفكاك منها، بل قام يتمثلها الناسك الجديد جهارا نهارا !؟
من الصعب أن تلم هذه السطور بذكر ( محاسن ) الساسة الفرنسيين، لكن دعونا - فقط - نتحدث عن محاسنهم في دولة الجزائر التي احتلتها فرنسا ما بين سنة 1830 إلى 1962م . كان من نتائج الأزمة النفسية التي عاشها و يعيشها الساسة الفرنسيون أن الاستعمار الفرنسي بروح ( حضارية !!) عالية المستوى الإنساني ؛ أنها سعت بكل وسائل الأزمات النفسية إلى تدمير هوية الشعب الجزائري، كما دمرت المساجد، و مدارس القرآن الكريم، و منعت تعلم اللغة العربية. الروح المأزومة للساسة الفرنسيين- التي يمثلها اليوم( مايكرون الناسك) قتلت في يوم واحد فقط خمسة و أربعين ألفا من الشعب الجزائري، فيما عرف بمظاهرة 8 مايو 1945م.عندم خرج الشعب العربي المجاهد مطالبا بالاستقلال !! قام الساسة الفرنسيون بإجراء العديد من التجارب النووية على أرض الجزائر، حيث اعترفت فرنسا ب 17 تجربة، بينما يقول المؤرخون الجزائريون أن التجارب التي أجريت على أرص الجزاىر أكثر من ذلك العدد .. و الأهم أن التجربة النووية الأولى كانت أكبر من قنبلة هيروشما بثلاث مرات، و أن تلك التجربة وحدها تسببت بقتل 42 ألف جزائري، إضافة إلى إحداث عاهات مستدامة بسبب الإشعاعات النووية التي لاتزال آثارها السيئة مؤثرة في المكان إلى اليوم !! جرائم الساسة الفرنسيين أكثر من أن تتحدث عنها مساحة مقالة صغيرة، و إنما هذه الأمثلة ، مجرد إشارات لمدى أزمة الحقد الذي سكن قلوب كثير من الساسة الفرنسيين. فمن الذي يعيش أزمة طويلة الأمد يا سيد ميكرون الناسك !؟ لقد غرّ السيد مايكرون زيارته الثانية للبنان و ذلك الخطاب المتعالي الذي لم يخلُ من توبيخ لقيادات سياسية لبنانية. ما يتفوه به الرئيس مايكرون تجاه الإسلام اليوم، لا يختلف عما كان يقوله أسلافه منذ أوربان الثاني و بطرس الناسك، فهل معنى ذلك أن العقلية هي العقلية؟ و أنه كما حارب جورج بوش الابن من أجل الله و الصليب، سيحارب بطرس الناسك الثاني !!