تقوم علاقة الحوثية بالمجتمع اليمني على ضرب كل أواصر وروابط ووشائج يمكنها أن تؤسس لثقة من أي نوع،ليس لأن الحوثية لا تثق بالمجتمع-فحسب- بل وأنها تعترف من خلال تلك الممارسات على أن المجتمع لم ولن يمنحها ثقته، لأسباب مختلفة أولها: يتمثل في كيانية الدولة ومسألة وجودها، وعلى اعتبار الدولة هي مناط واساس توليد الثقة وأهلا لرعايتها والتعهد بها ومن خلالها، وضرب الحوثية للدولة ومصادرتها يعني أنها لا تثق بالمجتمع المعبر عنه من خلال الدولة، وصولا لنمو وتنمية شخصية الفرد وتحديد العلاقات بين المجتمع والدولة واساسا لتنمية هذه الثقة واقامة مداميكها على اسس صلبة وأنوية مجتمعية لخلقها وتعزيزها من ثم. لذا فالحوثية تجترح القطيعة وعدم خلق مناخ تواصلي وحر ومسئول بين المجتمع وفضاء الدولة، بل وترى الدولة الممثلة للمجتمع بفئاته وكافة اطيافه وقواه السياسية والمدنية والإجتماعية والإقتصادية فضلا عن الثقافية والإعلامية وما يتخلل ذلك من عوامل معززة للثقة وكيانية معبرة عن إرادة حرة وحياة عادلة للمجتمع إنما هو في العمق خنقا لغزوها للمجتمع والدولة معا، وحجر عثرة امام تغلغلها ونفوذها الأرعن، ناهيك عن أن جوهر تلكم العلاقة بين الدولة والمجتمع وتكامليتها لا تبنى الا على الثقة؛ هذه الثقة بوصفها منظومة اخلاقية تحكم المجتمع وتربطه وتقويه اخلاقيا ووطنيا بالدولة وتنمي فاعلية المجتمع وما تمارسه أو تصدره الدولة كقرارات وتتخذه كإجراء، وسلوك وموقف يحكمهما؛ أي الدولة والمجتمع. وهذا بحد ذاته وفي العمق منه أحد أهم زعزعة الثقة وضرب بنيانها وانعدامها بين المجتمع والحوثية. اذ كيف للحوثية أن تنخر المجتمع من داخله وضرب منظومته الأخلاقية وثقته بنفسه -كأفراد أو جماعات وفئات وقوى- او فيم بينها ككل، ما لم تعتمد الزبونية والفئوية القارة في تنظيمها الميلاشوي وآلياتها المدمرة دون المرور بتدمير اسس تلكم الثقة ممثلة في الدولة ومرجعيتها الناظمة،قانونية ودستورية وأيدلوجية تعلي من قيم المجتمع وتحافظ على ثوابته، وتعلي من شأنه وتوفر له كرامته، وتحفظ وتصون أمنه المجتمعي، وتدحض عنه غائلة الفوضى والمهانة التي يتجرعها يوميا وعلى مدار الساعة من جراء تغييبها بفعل الحوثية واجتثاث اسسها كعلامة فارقة لانعدام الثقة واغتيالها رمزيا ومعنويا وماديا. ناهيك عن أن ضرب تلكم المنظومة القيمية للمجتمع وانتهاك ثقته ممثلة بمصادرة وتغييب الدولة، يجعل من الحوثية أداة ووسيلة ومرتكزا لاحتلال واستعمار خارجي-وهي كذلك بالفعل- ولذا تبدو الحوثية بأساليبها وسلوكياتها ومواقفها ظاهرة مرتبطة بمحتل وعدو وقفاز لاستعمار خارجي،ولا أدل من ذلك بنسفها كل عوامل ومرتكزات واسباب اجراءات الثقة بينها والمجتمع شبه منعدمة، وما اغداقها الأموال واستخدامها المناصب كوسائل للرشوة والمحسوبية، وصولا لخلقها للمعاناة الحياتية اليومية، وقطع رواتب الموظف العام، بل وفصله واستبداله في حالات كثيرة، وتحت دعاوى شتى، من بينها أنه مع الشرعية أو لايؤمن بم تعتنقه الحوثية من افكار هدامة وليئمة، الا دليلا وشاهدا راسخا بأن الحوثية ليست من هذا المجتمع ولا تتمثل قيمه،ولا تتبع منظومته الأخلاقية، وأن ضميرها الكلي مع المحتل واساسا وأداة له ومرتكزا لمخططاته، وأن ليس بينها والمجتمع أي وأدنى روابط للثقة، او امكانية خلقها في أي مرحلة كانت. وما استخدامها للفئوية السلالية والعنصرية ونشدانها واتباعها لسياسة التطييف وادعاءاتها العرقية والمذهبية الا كسبيل لترسيخ واستيلاد ذهنية المحتل،ومحاولة منها ايجاد مشروعية واكتساب شرعية ما لعنفها،لاحتلالها،لالتحاقها بإيران،لعلاقاتها بها،لضرب مشروعية وشرعية المجتمع للدفاع عن نفسه، وشرفه،وكرامته،وكيانيته وإرادته وكينونته،في وجه هذا الصلف والعنف والإرهاب الحوثي،واستعادة ثقته بنفسه ومكانته،من خلال استعادة دولته،وتجديد ثقته بخلق مؤسساته وتنظيماته وقواه المعبرة عنه وروحه وثوابته التي تتعارض كلية مع جحيمية الحوثية التي اسقطته فيها وتبتغيه كرة من نار لا تنطفئ بيدها،واستخدامه وتجييره لضرب نفسه وثقته،وإرادته،وكينونته وكيانيته ككل. اذا فالحوثية وثقة اليماني بنفسه إن كفرد أو كمجتمع تشكله جماعات وقوى واحزاب ومنظومة اخلاقية وثوابت وطنية هو عدو الحوثية الأول، اذ ستبدو كما هي حقيقتها إرهاب محض وحركة احتلال وجزء من منظومة استعمارية خالصة، لذا تحاول التستر باسم المذهبية تارة، وأخرى باسم الطائفة ،وثالثة باسم الثورية، واخرى باسم الممانعة والمقاومة،واخرى باسم الوطنية..وهكذا،وكلنا نعلم أنها قفاز ويد لمحتل وتنظيم عابر للوطنية والحدود يتغذى على الإرهاب والدم وانتهاك العرض وضرب اسس ومقومات المجتمع وفضائله،وكيان الدولة المعبر عنه وأصل رابط الثقة ومقيم علاقاتهما ببعض.