تتقاطع الحوثية مع مفهوم وفكرة السلام في اليمن ليس لأن السلام في اليمن نابع من الدولة وقائم عليها،ناهيك عن أن كون السلام كفكرة يتجاوز مفهوم التسامح وينبذ فكرة السلالة العنصرية المخضبة بالعنف والدم والإرهاب المريع. اذ السلام ولتحقيقه في اليمن وجعله ممكنا قائم على الدولة ، الدولة هنا بوصفها من الشعب وإلى الشعب تنتمي وتخدم قضاياه وترتبط بمصيره ومستقبله، والحوثية هنا قائمة على ضرب العلاقة بين الشعب والدولة ابتداء،ليس بفكرتها العنصرية -فحسب- بل وكل ما يتعلق ويترتب على تلكم الفكرة من مواقف وسلوكيات وسياسات تجعل من فكرة السلام وحيثياته ومحدداته لا اصل لها ولا هدف سوى خلق الحوثية ككنتون مغلق على المجتمع والدولة؛أي جعل الحوثية هي المقررة لماهية السلام وطرائق اشتغاله وحتى طريقة التفكير به. فالحوثية لا تتعارض مع السلام كفكرة فقط،بل ومع كل اجراءات وسياسات يمكنها أن تجعله ممكنا،فالعنصرية والعنف الممنهج والإرهاب والدم الذي تجترحه الحوثية يجعل من السلام الذي تتغنى به ويلوكها اعلامها مجرد هذيان،بل وتعبير جلي عن عصابية الحوثية مع أسسه وحيثياته ومحدداته واهدافه وماهيته ككل. اذ السلام يبدأ من الدولة وينتهي إليها ولا يتجاوزها في كل مرحلة من مراحله،وأولى تلك الرهانات على جعله ممكنا تبدأ من بناء الثقة والإحتكام للسلام كإرادة وتمثل،والخطوة الأهم في ذلك ينصب من الدولة اليمنية بثوابتها المجتمعية وافكارها الكلية والشاملة والضامنة،وتتأتى على رأس تلكم الثوابت المجتمعية فكرة الجمهورية والوحدة،من حيث الأولى تقوم وتنشأ على اساس الحرية والعدالة،كما تشكل تلكم القيم والثوابت الوطنية محددات تبنى عليها فكرة السلام وتتأسس بهما وترمي وتهدف إلى تجذيرها لا إلى تجاوزها،والحوثية هنا تتعارض مبدئيا وماهية ووجودا مع تلكم الثوابت والقيم والمحددات برمتها،اذ أن خلاف الحوثية مع الدولة كثابت ومع الجمهورية كأساس متين مرتبط بقيمتي الحرية والعدالة والوحدة كأسلوب حياة وتاريخ من النضال المشرف والبهي مرتبطة جميعها بمصير الشعب،وأساس لتقوية علاقة الشعب بالدولة لا ضربها،لذا فخلاف الحوثية مع كل ذلك خلاف في الماهية وليس خلافا بالكيفية ،أي خلافا من حيث المبدأ والصيرورة والمستقبل،جوهرا واجراءا ككل. وعليه فالأساس الذي تبتغيه الحوثية من السلام كفكرة تقوم على ضرب المحددات تلك والقيم والثوابت الوطنية وصولا لفكرة السلام في العمق،اذ تروم تعويم فكرة الدولة والشعب وثوابت اليمنيين وقيمهم الإنسانية والفاضلة في تابوت فكرة السلام التي تتبناها هي،أي جعل السلام هنا عنوانا ويافطة تتخفى ورائها كل قيمة وعامل اسقاط لفكرة الدولة والشعب وعلاقة بعضهما ببعض وصولا إلى فصلها عن اسسها الجوهرية ومراميها المستقبلية وقيمها الدينية والإنسانية التي تحكمها، الأمر الذي يعني وينطوي على مزيد من الإرهاب وخلق الفوضى وانتظام العنف،وديمومة العنصرية ،واستصناعها وتنميتها وتبيئتها من خلال فكرة السلام الموهومة حوثيا. وإذا كان السلام ممكنا في اليمن فإنه يبدأ من اضمحلال وتلاشي وضعف الحوثية كفكرة قائمة على الخراب والدم والعار والتنكيل،وليس بجعلها ترسا في خراب ودمار ندعوه سلاما وهو اقرب إلى الوهم من أي شيئ آخر،مع العلم أن نبل فكرة السلام تلك تجعلنا بهذه الأفكار التي نصبو ونتطلع لها نحمي فكرة السلام ذاتها من الإستغلال البشع حوثيا،وجعله ممكنا يمنيا من ثم،وليس كما يراد له حوثيا متعاضدا بمواقف وسلوكيات اقليمية ودولية متذبذبة ومراهنة على ذبح فكرة السلام على شرف الدولة وقيم الشعب العليا وثوابت اليمن والعالم الأصيلة..وشرط السلام هنا وممكناته وحيثياته ومحدداته ومنطلقاته اصبحت واضحة للعيان.