لم يكن الصحفي المختطف عبدالخالق عمران هو الصحفي الأول الذي يحرم من النظرة الأخيرة لوالده وإنما سبقه زملاء أخرون ، غادر أباءهم وأمهاتهم الحياة دون أن يتمكنوا من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليهم، بسبب استمرار اختطافهم في سجون مليشيات الحوثي الانقلابية. الزميل عمران الذي يقبع في سجون الحوثي منذ ست سنوات بسبب عمله الصحفي، تعرض للتعذيب الجسدي من قبل عناصر مليشيا الحوثي ، التي أصدرت قرار بإعدامه مع أخرين من زملائه، وها هو والده يودع الحياة دون أن يتحقق حلم الأب برؤية فلذت كبده حراً طليقاً. رحل الشيخ أحمد عمران إلى ربه ، فيما لا يزال ولده يقبع في السجن يترقب مع زملاء سطوع شمس الحرية واسدال الستار على سنوات من السجن والظلم والتعذيب والحرمان . هادي هيج عضو مجلس الشورى ورئيس مؤسسة الاسرى والمحتجزين قال أعزي بطل القلم وسجين إظهار الحقيقة الصحفي المناضل عبدالخالق عمران في وفاة والده كمدا من الحزن عليه. ودعا هيج المبعوث الاممي الى تحمل مسؤوليته بجدية في خراج الصحفيين وسجناء الراي حتى لا يكون شريكا بتقصيره في بقائهم وراء القضبان دون وجه حق، مهيبا بمجلس الامن والمجتمع الدولي في تحمل مسؤوليتهم. الصحفي هشام طرموم من الصحفيين المفرج عنهم من سجون مليشيا الحوثي في صفقة تبادل أسرى بعد خمس سنوات من السجن والتعذيب، طالب بإنهاء معاناة الصحفي عبدالخالق وبقية زملائه القابعين في سجون الحوثي، ودعا المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالضغط على مليشيا الحوثي لإخلاء سبيل زملائه المختطفين وإنهاء سنوات من المعاناة المتراكمة والمتسلسلة والتغييب القسري التي يعيشها الصحفيون، عبدالخالق عمران' وأكرم الوليدي' وتوفيق المنصوري' وحارث حميد. وأكد الصحفي طرموم أن سجون مليشيا الحوثي ليس كمثلها سجون ، يقيم على إدارتها أشخاص تشربوا ثقافة قائمة على الحقد والكراهية' يعتقدون أن في إيذاءك وتعذيبك و قتلك فوزا وفلاحا' بل الأسوأ من ذلك أنهم يرون مهنتك خطرا تزلزل عروش أسيادهم وتقض مضاجهم' وأضاف طرموم : هذا وضع زملائنا الأربعة الذين ليس لهم ذنب سوى أنهم صحفيون كانوا يوما ما يقومون بعملهم المهني فأخذتهم ميليشيات الحوثي إلى السجن وهاهم منذ أكثر من ستة أعوام ونصف في السجون. وقال: بالأمس توفي والد الزميل عبدالخالق عمران' ولا شك أن هذه المصيبة طامة عظمى ستحل عليه وستضيف له حقلة جديدة من المعاناة والقهر والحزن والوجع، متمنيا من كل شخص أن يضع نفسه مكان الزميل عبدالخالق عمران' بعد هذه السنوات من المعاناة والتعذيب والحرمان والقلق والشوق لأهله ووالده بالذات الذي لطالما كان كثير الذكر له ولطالما زفر بتنهدات الاشتياق له يصله هذا النبأ الساحق لما تبقى من معنويات يتجاوز بها ضيق السجن. وطالب طرموم المدافعون عن حقوق الإنسان بالعمل من أجل إطلاق سراح عبدالخالق وأكرم' حارث وتوفيق' كفاهم معاناة. وقال طرموم : أين صحفيو العالم ليعلنوا صوتهم وتضامنهم بإطلاق سراح عبدالخالق وتوفيق وحارث الذين مات آباؤهم وهم في السجون رحل آباؤهم بأمنيات اللقاء والعناق لأبناهم مؤكدا أن أمهات الصحفيين المختطفين فقدن أزواجهن وهن يقفن كل هذه السنوات منتظرات فرحة خروج أولادهن' ويهتفوا بإطلاق سراح الزميل أكرم الوليدي ليواسي أمه التي تكاد أن تفتك بها هشاشة العظام والسكري وأمراض كثيرة' ويحظى بلقاء والده الذي أضناه سجن ولده وأنهكته الأمراض. وختم طرموم رسالته بمناشدة الأممالمتحدة ومبعوثها إلى اليمن متسائلاً : لماذا لا يكون للأمم المتحدة موقفاً تجاه الصحفيين والضغط على الحوثيين لإطلاق سراحهم' إن لم يكن لكم موقف إنساني تجاه الزملاء فمتى تتجلى إنسانيتكم؟!!! حسن عناب وهو من الصحفيين الذين اختطفتهم مليشيا الحوثي وتم الإفراج عنه في ضفقة تبادل أسرى كتب رسالة للصحفي عبدالخالق عمران معزياً في وفاة والده قائلا : أخي وزميلي / عبدالخالق عمران .. المحترم بعد التحية والتقدير لا أدري ماذا أقول لك ؟! ولا كيف سأوصل إليك الخبر؟! فأنت هناك تقضي عامك السابع بين تلك الجدران الخرسانية الخرساء ، وتلك الأبواب الفولاذية الصلبة ، المحاطة بقلوب أكثر قسوة وصلابة ، ونفوسٍ أشدّ ضيقا وظلمة. غير أني أعلم علم اليقين أن عزمك وصمودك أقوى وأشد من ذلك كله . ولطالما كنت لمن حولك من الأحرار معزيا ومثبّتا عند المصائب والنوائب التي لاتكاد تغادر تلك السجون . لا شك أن إيمانك ورباطة جأشك ستمنح قلبك القوة والصبر ، عندما يصلك الخبر. صحيح أنها فاجعة أليمة .. لكنها قدر محتوم ليس فيه رأي أو خيار. صحيح أنه عزيز عليك وعلى الكثير.. لكنه وصل إلى محطته الأخيرة التي تفرض عليه المغادرة. لقد ناضل وانتظر كثيرا حتى تعب وآن له أن يستريح. كان فقط يود أن يراك قبلها ، لكنه لم يستطع.. فأستودعك الله ليرعاك بعينه التي لاتنام.. وأغمض عينيه. ومادام أنجب مثل عبدالكريم وعبدالخالق وربما آخرين أيضا لا أعرفهم.. فهو مازال على قيد الحياة. ولو كنت أعلم أن الحوثيين لديهم بقايا ضمير ، أو مزعة إنسانية لتعلقت بها أناشدهم وأناشد كل مهتم أن يناشدهم السماح لك أن تلقى النظرة الأخيرة عليه وتودعه ، ولكن أنت تعلم جيدا أنهم ماجاؤوا إلا لتوزيع الأوجاع والأحزان والإفساد في الأرض. أكثر من الدعاء له.. فذلك الشيء الوحيد الذي تعجز الميليشيات أن تمنعه من الوصول إليه. الصحفي علي الفقيه كتب معزياً الصحفي عبدالخالق عمران قائلاً : أريد أن أعزيك أخي عبدالخالق عمران ولا أدري أي مفردات يمكنها أن تصف حجم هذه المصيبة. رحل أبوك عن الدنيا.. نعم رحل إلى الدار الآخرة وحدث ما كنت تخشاه منذ ست سنوات ونصف بالتمام والكمال هي فترة تغييبك في سجون أسوأ مليشيا مرت على التاريخ البشري. رحل والدك الشيخ السبعيني وعيناه تفتش عنك في المتعلقين على السيارات القادمة من السوق، وتلتمسك مع كل حركة لقادم في مدخل البيت يظنك قادماً لتوديعه، شم رائحتك في ثياب كل الذين حضروا لعيادته في مرضه الأخير، حتى بعد مواراة جثمانه لا أشك أنه كان يسمع صوت حشرجتك وأزيز البكية المكتومة في صدرك من زاوية السجن. ليمنحك الله صبراً يعينك على تجاوز هذه المصيبة. أراك اللحظة بعد أن بلغك نبأ وفاة والدك وأنت في زاوية الزنزانة تجلس القرفصاء وتحاول مداراة الحزن والدموع بيديك النحيلتين، وتوفيق يجلس بجوارك ويحس بحزنك كما تحس به أنت فقد ذاق نفس الحزن ومر بنفس التجربة حين بلغه نبأ وفاة والده المكلوم عاجزاً عن رؤيته أو تقبيل يده. وختم الصحفي علي الفقيه تعزيته للصحفي عمران بحثه على الصبر والتماسك وخاطب الصحفي الفقيه الزميل عمران قائلاً : لقد اختاركم الله لهذا البلاء مع رفاقك لأنكم الأصدق والأكثر صلابة وإخلاصاً. لم يكن الصحفي عبدالخالق عمران الصحفي الوحيد الذي حرم من توديع والده والقاء النظرة الأخيرة عليه وسبقه الصحفي المختطف توفيق المنصوري والذي توفي والده في يونيو الماضي مغلوبًا مقهورًا مشتاق لرؤية نجله توفيق، المختطف في سجون ميليشيا الحوثي منذ خمس سنوات". وكانت مليشيا الحوثي قد أصدرت حكمًا يقضي بإعدام أربعة صحفيين من بينهم الصحفي "توفيق المنصوري "، بعد أن وجهت لهم التهم الباطلة والتي من أبرزها الخيانة والتعاون مع يسمى بالعدوان على حد قولهم. وفي 19 ديسمبر 2019م توفيت والدة الصحفي حسن عناب عندما كان مختطفاً لدى مليشيا الحوثي ، دون أن يستطيع تحقيق حلمها بأن ترى نجلها المختطف، وهو حر طليق؛ بعد أن رفضت المليشيا الإفراج عنه وعن زملائه للعام الخامس على التوالي. و توفت والدة الصحفي "عناب"، بعد يوم واحد من مثوله وزملائه، أمام ما يسمى بالمحكمة الجزائية" التي تديرها وتشرف عليها مليشيا الحوثي بصنعاء..