كشفت مسودة تقرير أعده المرصد اليمني لحقوق الإنسان تراجع العملية الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان بنسبة تجاوزت 50% ومن ذلك انتهاك الحق في حرية التجمع السلمي والحق في حرية التنظيم وحرية الرأي والتعبير أو الحق في التعددية والتنوع. وكان الحق في حرية التجمع أكثر الحقوق انتهاكا عام2009م, ونظمت 49.24% من التجمعات السلمية للمطالبة بحقوق مدنية وسياسية أهمها الحق في الحرية والأمن الشخصي والحق في حرية الرأي والتعبير والحق في المحاكمة العادلة والحق في الوظيفة العامة, و25.18% للمطالبة بحقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية أهمها الحق في العمل والضمان الاجتماعي والحصول على الخدمات الاجتماعية الأساسية من تعليم وصحة وطاقة ومياه ونظمت 14% من إجمالي التجمعات السلمية على خلفية القضية الجنوبية وبقية التجمعات تعلقت بقضايا خاصة أو فئوية. وأشار التقرير إلى تراجع عدد التجمعات السلمية على خلفية القضية الجنوبية عام2009م إذ بلغت 308 تجمع بينما بلغت عام 2008 وفقاً لمت سجل في المرصد 535 تجمعا إلا أن مساحتها الجغرافية ازدادت توسعا بشمولها محافظة شبوة والمهرة. وذكر التقرير انه خلال الأعوام الثلاثة سقط حوالي 63 قتيلا و373 جريحا منهم 49قتيلا 271جريحا عام2009, ووصل عدد المعتقلين خلال العام2009م إلى(2273) معتقل أي بزيادة عن عام2008م مقدارها (1279) حاله اعتقال. ومثلت نسبة المعتقلين عام2009م بالمقارنة مع العامين السابقين 61%, والمفارقة الأخرى هو أن زيادة انتهاك حقوق الإنسان ناجم عن سياسة معتمدة لدى السلطة باستخدام العنف والاستخدام المفرط للقوة وممارسات خارج القانون, إلا آن التنفيذ صار عشوائيا وارتجاليا يمارسه كل من يرغب في الانتقام تحت شعار الإخلاص المفرط واستغلال السلطة وازدراء بالقانون. ومرد انتهاك سياسة القمع وانتهاك حقوق الإنسان هو مسعى الاحتفاظ باحتكار السلطة والثروة وعدم الاستعداد من قبل القائمين على السلطة إلى دفع كلفة الديمقراطية وإخراج البلاد من أزمة الشراكة التي نجمت بصورة حادة عن نتائج حرب عام1994م التي أخرجت احد شريكي الوحدة – الحزب الاشتراكي من السلطة والشراكة ومعه خرج الجنوب من الشراكة في السلطة والثروة, وما لحق الحرب من تصرفات المنتصر فاقد المشروع السياسي ومنها التسريح ألقسري لعشرات الآلاف من الموظفين المدنيين والعسكريين واستيلاء المتنفذين على أراضي الدولة والمؤسسات الاقتصادية والتعاونيات الزراعية ومزارع الدولة واحتكار الوظيفة العامة والمركزية الشديدة وتركيز السلطة والثروة في العاصمة, وتوقف العملية التنموية مما أدى إلى اتساع مساحة الفقر والبطالة. وأعاد التقرير فوضى القمع إلى ما وصلت إليها الدولة من حالة رخوة وفشل في الحفاظ على أي مستوى من مصالح المجتمع وشيوع الفساد, مما جعل الدولة في حالة فقدان مقومات الدولة العصرية, المتمثلة بالديمقراطية والمواطنة وحكم القانون والتنمية. لقد ترتب على انتهاك الحق في التجمع السلمي انتهاك طائفة واسعة من الحقوق ومنها الحق في الحياة والسلامة الجسدية والحرية والأمن الشخصي, بسبب تعرض المشاركين في التجمعات السلمية للقتل والاعتقالات التعسفية ومن ذلك اعتقال الأطفال وحالة الاختفاء ألقسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمة غير العادلة, آذ أنشئت عام2009م أربع محاكم استثنائية إلى جانب محكمة أمن الدولة في العاصمة صنعاء, وهي محكمة امن الدولة في عدن, ومحكمة امن الدولة في الحديدة, ومحكمة أمن الدولة في حضرموت, ومحكمة أمن الدولة الخاصة بالصحافة وهذه المحاكم قصد بإنشائها إخضاع نشاء الحراك الجنوبي , والمعارضين للحرب في صعده وذلك عبر التجمعات السلمية أو الصحافة لمحاكمات استثنائية وبلغ عدد من اخضعوا للمحاكمات من السياسيين وأصحاب الرأي بسبب التجمعات السلمية عام2009م (223) ضحية بزيادة مقدارها 129 حالة بالمقارنة مع عام2008م . وأشار التقرير إلى أن عام 2009 م شهد ميلاد نواة لكتلة تاريخية للتغير بتشكيل اللجنة التحضيرية للحوار الوطني والتي تشمل إلى جانب أحزاب اللقاء المشترك أحزاب أخرى ومنظمات مجتمع مدني غير سياسية وممثلين عن فئات المجتمع المختلفة ,وأصدرت في أغسطس " مشروع رؤية للإنقاذ الوطني " . أما التضييق على الصحافة فقد شهد عام 2009 تضييقا واسع النطاق على الصحافة والصحفيين ومن ذلك إغلاق الصحف الأهلية وتلفيق التهم الجنائية للصحفيين المعارضين على خلفيتهم الحزبية أو بسبب التعبير عن أرائهم ونشر وقائع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان باستخدام العنف ضد نشطاء الحراك الجنوبي أو فضائع الحرب في صعده وتجري محاكمتهم أمام محاكم استثنائية. واضاف التقرير: لقد أدى مسعى تعطيل التعددية السياسية والحزبية إلى نكران التنوع الثقافي والحق فيه ونكران الحق في التعدد المذهبي ومحاولة فرض الواحدية الثقافية والدينية والفكرية مما جعل عام 2009 حافلاً بالإرهاب الفكري والثقافي والعرقي وشمل ذالك المؤسسات التعليمية والدينية وخلف مناخاً معادياً للتنوع في ضل الوحدة, إذ أن إنكار السلطة للحق في التنوع والاختلاف أوجد بالمقابل دعاوي بالتميز والاختلاف المطلق , خاصة بين الشمال والجنوب, وقابل محاولة تسييد الواحدية, رفض التنوع في ظل الوحدة وهو خطر ليس على الاندماج الاجتماعي فقط , بل وعلى وحدة التراب الوطني . في ظل هذه الأوضاع كان من الطبيعي أن تزداد الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان خلال العام 2009م إذ سجل المرصد خلال هذا العام (3582) واقعة انتهاك بزيادة عددية قدرها (1179) واقعة بالمقارنة مع العام 2008 م, والحقوق الأكثر عرضة للانتهاك هي الحقوق السياسية, كما سبق البيان ومجموعة من الحقوق المدنية في مقدمتها الحق في الحرية والأمان الشخصي, الحق في السلامة الجسدية, والحق في المحاكمة العادلة, والحق في الحياة, علاوة على التدهور الحاد في التمكين من ممارسة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية , وبسبب الرفض الواسع للحكم القائم من قبل سكان المحافظات الجنوبية تصل نسبة ضحايا الانتهاكات في هذه المحافظات إلى 86% من إجمالي ضحايا الانتهاكات عام 2009م . وقال التقرير ان الأسباب والدوافع الواقفة وراء تنظيم التجمعات السلمية تتنوع وتتعدد ومن ذلك المطالبة بحقوق قانونية او للاحتجاج على إجراءات وسياسات وممارسات رسمية غير قانونية. وتظهر إحصائيات المرصد أن (49,24%) من التجمعات السلمية المنظمة خلال العام 2009م سواء كانت تجمعات مطلبيه او احتجاجية قد نظمت على خلفية المطالبة بحقوق مدنية وسياسية أهمها الحق في الحرية والأمن الشخصي والحق في حرية الرأي والتعبير والحق في المحاكمة العادلة والحق في الوظيفة العامة و (25,18%) من التجمعات السلمية نظمت للمطالبات بحقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية أهمها الحق في تقاضي الأجر العادل أو الحق في العمل والحق في الصحة والحق في الضمان الاجتماعي والحق في التمتع بالخدمات الأساسية تعليم / صحة / مياه / كهرباء) تأتي بعد ذلك التجمعات لطرح القضية الجنوبية لتمثل نسبة (14%) من إجمالي التجمعات السلمية، ثم تجمعات على خلفية مطالب خاصة إما لفئات أو أفراد محددين أو لمناطق محددة أو فعاليات احتفالية. تظهر الأرقام أن نسبة الفعاليات المنظمة على خلفية القضية الجنوبية قد تراجعت كثيرا عن ما كانت علية خلال العام 2008م. وسجلت محافظة لحج أعلى نسبة في عدد التجمعات المنظمة خلال العام 2009م تليها أمانة العاصمة / أبين / الضالع / عدن. وفيما يتعلق بالجهات المنظمة للتجمعات السلمية وصلت نسبة التجمعات التي نظمتها النقابات ومنظمات المجتمع المدني إلى (21,80%) من إجمالي عدد التجمعات و(19,73%) من التجمعات نظمتها هيئات وقوى الحراك الجنوبي . وقال التقرير انه خلال العام 2009م أخذت الاحتجاجات امتدادا جغرافيا أوسع ليشمل محافظات مثل المهرة وشبوة, وتصاعد متسارع للاحتجاجات في كل من الحوطة وزنجبار اللتان قفزتا إلى الواجهة منذ النصف الثاني عام 2009م. وفي أواخر هذا العام أيضا شهدت الفعاليات الاحتجاجية ميلا نحو العصيان المدني, من خلال الدعوة إلى الإضراب العام وان لم يكن يلقى تجاوبا في بعض المدن, فان مدن أخرى استجابت بنسب مقبولة خاصة في أبين التي شهدت تجمعات سلمية شبة يومية بالإضافة إلى إقامة مهرجان يوم المعتقل وهو مهرجان أسبوعي يجري تنظيمه كل يوم خميس.
* الاعتقالات التعسفية وحسب التقرير فان العام 2009 سجل زيادة عددية ملحوظة في حالات الاعتقال التعسفي حيث بلغت نسبة الزيادة (1279) حالة اعتقال مقارنة بالعام 2008م ، كما تعرض ناشطون من الحراك السلمي الجنوبي للاعتقال التعسفي، خصوصا في مظاهرات 13يناير و21 مايو و7 يوليو و30 نوفمبر 2009م. تعرض بعضهم الى الضرب بالهراوات وإعقاب البنادق في الشوارع والأزقة كما تعرض المعتقلون للتعذيب وللسب والتهديدات في السجون. بحسب معلومات المرصد يتعرض المعتقلون لممارسات قاسية وانتهاكات عديدة منها التعذيب النفسي والمعنوي والمادي والمعاملة اللاإنسانية حيث يتم حشر أعداد كبيرة من المعتقلين في زنازين ضيقة سيئة التهوية فضلا عن احتجازهم لفترات طويلة دون إحالتهم إلى النيابة في المدة المحددة وفقا للقانون ومنع الزيارة عنهم وحرمانهم من الرعاية الصحية. وفي عام 2009م إستحدثت 4 محاكم إستثنائية إلى جانب محكمة أمن الدولة في صنعاء العاصمة، وذلك في محافظات: عدن ، الحديده ، حضرموت، ومحكمة أمن الدولة الخاصة بالصحافة وبهدف محاكمة نشطاء الحراك الجنوبي أو من يشتبه تأييدهم للحركة الحوثية والمعارضين للقمع في الجنوب والحرب في صعده عبر التجمعات السلمية والصحافة . * التوصيات وخرج التقرير بعدة توصيات منها دعوة قادة الحراك وفصائله المختلفة أن تدين صراحة التعرض لممتلكات وأرواح مواطنين شماليين وان يتم التحقيق في هذه القضايا وكشف الفاعلين وتقديمهم للعدالة. ودعوة السلطة إلى احترام حق التجمع السلمي واحترام الدستور اليمني في التعامل مع الاحتجاجات السلمية ولابد من وقف العنف ضد المتظاهرين واللجوء إلى الحوار في حل المشكلات السياسية وإيجاد حلول فعلية للأزمة اليمنية عبر الحوار والوفاق الوطني وإحداث تغيير يحقق الشراكة في السلطة والثروة . كما دعا التقرير الى إطلاق سراح المعتقلين في مختلف السجون واحترام حقوق الإنسان، وذلك بنبذ استخدام سجون غير شرعية ووقف سجن الأطفال ووقف الاعتداء على حرمة المستشفيات ووقف محاكمات نشطاء الحراك السلمي في قضية تتطلب حلا سياسيا، وإلغاء المحاكم الاستثنائية . واتخاذ التدابير التشريعية والسياسية ، الإقتصادية والإجتماعية والإدارية لإزالة التهميش والشعور بالغبن ، وكفال حقوق المواطنة المتساوية.وإزالة معوقات ممارسة الحق في التجمع السلمي وحمايته من العنف وإنفاذ أحكام الصكوك الدولية التي يلتزم بها اليمن . ودعت التوصيات إلى تشكيل هيئة وطنية مستقلة ومحايدة للمصالحة والإنصاف لجبر ضرر الأفراد، وإنهاء حالة الصراعات السياسية والاجتماعية، جراء الصرعات السياسية والجهوية. وتوفير مناخات آمنة لممارسة حقوق الإنسان ، ومن ذلك الحق في التجمع السلمي ، وحرية التنظيم والتعبير ، وحرية الفكر والمعتقد والحق في الإختلاف والتنوع. كما دعا التقرير إلى تعديل الدستور بإضافة النص على كفال الحق في التجمع السلمي وعدم إخضاعه لأي قيود قانونية أو إدارية .