الأربعاء الفائت احتفى الإعلام الرسمي بزيارة نائب وزير الخزانة الأمريكية، حتى أن صحيفة الثورة وموقعها الرسمي على شبكة الانترنت أفردت له ثلاثة أخبار رئيسة على الصفحة الأولى، أشارت في الخبر الأول إلى رسالة أوباما للرئيس صالح التي أكد فيها على أن أمن واستقرار اليمن أمر مهم وحيوي للولايات المتحدة والمنطقة والعالم بحسب الصحيفة، وعنونت للخبر الثاني: الولاياتالمتحدة تجدد دعمها لليمن ووحدته واستقراره، فيما حمل الخبر الثالث عنوان: الولاياتالمتحدة تؤكد رغبتها القوية تقوية الشراكة مع اليمن. وإبراز الخبر على ذلك النحو، وبتلك العناوين المختلفة لا يخلو من رسائل مقصودة موجهة للداخل وبدرجة أساسية للمعارضة. على أن زيارة المسئول الأمريكي لليمن صاحبها أيضاً احتفاءً رسمياً من نوع آخر، تمثل في عملية عسكرية شنتها قوات الجيش على إحدى قرى محافظة مأرب بذريعة البحث عن أحد المطلوبين على ذمة القاعدة يدعى حسن العقيلي المتهم من قبل السلطات بتدبير حادثة قتل اللواء محمد الشائف أركان حرب اللواء 315. العملية العسكرية ضد المواطنين الآمنين استمرت لثلاثة أيام، وأسفرت عن مقتل مواطن وجرح 11 آخرين، بالإضافة إلى جرح ثمانية جنود، كما ألحقت الضرر بأكثر من عشرة منازل من بينها منزل والد المطلوب أمنياً عبدالله العقيلي الذي قال بأن أجهزة الأمن منحته الأمان في الليل بعدم قصف منزله، لكنها قصفته فجراً دون مراعاة لحرمة نسائه وأطفاله، وبالرغم من أن الوالد كان قد سلم الدولة وثيقة براءة من ابنه قبل عامين معمدة من المحكمة، وأهدر دمه للدولة، ومع يقين الأجهزة الأمنية بعدم وجود المطلوب أمنياً حسن العقيلي في منزل والده صبيحة يوم القصف، إلاّ أنه كان لابد من تنفيذ الحملة العسكرية بصرف النظر عن أضرارها ونتائجها، وعقب ساعات هبت السلطة لتقديم سيارة صالون آخر موديل لتحكيم قبيلة المجني عليه(العقيلي) وبقية المواطنين الذين تضررت منازلهم جراء تلك الحملة العسكرية التي أفرطت في استخدام العنف غير المبرر!! يحدث هذا في الوقت الذي لم تنته بعد قضية التحكيم التي تقدمت بها السلطة لقبيلة عبيدة بشأن مقتل جابر الشبواني نائب محافظ مأرب وأمين عام المجلس المحلي بالمحافظة بطائرة يشتبه أبناء مأرب أنها طائرة يمنية لمؤشرات ودلائل حصلوا عليها، لكن السلطات لم تأبه لقضية كشف هوية الطائرة، بل إن وزير الخارجية الدكتور أبوبكر القربي اعترف بعدم معرفة ما إذا كانت الطائر المنفذة لتلك الجريمة البشعة استخدمت من قبل القوات اليمنية أو آخرين على حد وصفه(ويقصد الأمريكان)، في حين قال الرئيس صالح بأن خيانة مقتل الشبواني جاءت من داخل وادي عبيدة، وأنهم سيطاردون أولئك الخونة والمدسوسين الذين أودوا بالشهيد جابر الشبواني، وبذلك تكون السلطة قد رمت الكرة إلى ملعب قبائل مأرب وحملتهم جريمة مقتل أحد مشائخهم! في حين يذهب بعض مشايخ مأربوالجوف إلى عكس ذلك، ويرون بأن مقتل الشبواني هو نتيجة صراع داخل الأجهزة الأمنية في السلطة، ويقولون بأن الشبواني كان قد أطلع على الكثير من أسرار العلاقة بين السلطة والقاعدة، الأمر الذي حتم ضرورة التخلص منه ليموت وأسراره! لكن الخطأ الذي ارتكبته الجهة المنفذة لعملية قتل الشبواني ذهبت السلطة لمعالجته بالتحكيم القبلي كما هي العادة في مثل هذه الحالات، لتؤكد للعالم بأننا مازلنا كدولة ونظام سياسي نحتكم للقبيلة رغم تشدقنا بالمؤسسات ودولة النظام والقانون، وهو ما يعني أن التحقيقات التي وعدت بها السلطة لكشف ملابسات الحادث لن يكون لها قيمة أو معنى مادام والتحكيم القبلي سيد الموقف، وما دام والسلطة قادرة كذلك على إرضاء الأطراف المتضررة بسيارات الصالون ومئات البنادق وملايين الدولة! غير أن المثير للاستغراب هو وقوع جريمة اغتيال اللواء محمد الشائف أركان حرب اللواء 315 في مأرب عقب مقتل الشبواني بأيام قليلة! وهو ما أدى إلى تداعي قبائل برط الجوف إلى مأرب للانتقام لمقتل ابنهم، ولولا حكمة شيوخ مأرب واحتوائهم للموقف بعقل وتبصر لتحول الأمر إلى صراع قبلي لا أول له ولا آخر بين قبائل مأرب وقبائل الجوف ليضيع في ساحة معاركهم دم الشبواني ودم الشائف وهو تماماً ماجرى التخطيط له!! ومن هنا فقد وصف بيان مجلس تحالف قبائل مأربالجوف ما يجري في مأرب بالمسرحية الهزلية، واعتبر أنه لا تفسير لهذا الذي يحدث(بين السلطة والقاعدة) إلاّ أنه تكامل جهود أو تلاقي مصالح بين طرفي الأزمة.