أوروبا تجمد 210 مليارات يورو من أصول روسيا    موعد مباريات نصف نهائي كأس العرب 2025    الترب يعزي في وفاة العميد عبدالجليل الشامي    مدرسة أمي الليلية: قصص وحكم صاغت الروح في زمن البساطة..(من قصة حياتي الأولى)    القوات الجنوبية تطلق عملية الحسم في أبين    الأجهزة الأمنية في سيئون تضبط عصابة تنتحل صفة القوات الجنوبية لنهب منازل المواطنين    بكاء وصياح الإعلاميين اليمنيين... من الشتم إلى الاستجداء    الرئيس الزُبيدي يستقبل قيادة القوات المشتركة لقوات التحالف العربي    وصول وفد عسكري سعودي إماراتي إلى عدن    الانتقالي يوضح حقيقة انسحاب قواته من حضرموت    منتخب الجزائر حامل اللقب يودع كأس العرب أمام الإمارات    مصدر عسكري: اشتباكات في معسكر عارين بين قوات دفاع شبوة وقبائل على خلفية غنائم    كم من الناس هذه الايام يحفظ الجميل..!    الصحفي والقيادي الإعلامي الراحل راجح الجبوبي    وقفات جماهيرية في القبيطة تحت شعار "جهوزية واستعداد .. والتعبئة مستمرة"    هجوم جوي يستهدف معسكرًا في شبوة    الأردن يهزم العراق ويبلغ نصف نهائي كأس العرب    الصين تسجل رقماً قياسياً في إنتاج الحبوب تجاوز 714 مليون طن    باريس سان جيرمان يلتقي ميتز ولانس يواجه نيس في الجولة 16 من الدوري الفرنسي    ضعف الدولار يرفع الذهب... المعدن الأصفر يتجه لتحقيق مكسب أسبوعي 1.8%    الله جل وعلآ.. في خدمة حزب الإصلاح ضد خصومهم..!!    هيئة الآثار تنشر القائمة ال30 بالآثار اليمنية المنهوبة    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الشيخ محمد بجاش    تحركات مثيرة للجدل: كهرباء تعز تسحب المحولات من الأحياء إلى المخازن    الانكماش يضرب الاقتصاد البريطاني في أكتوبر.. وتراجع حاد في قطاعي الخدمات والبناء    قرار بنقل عدد من القضاة .. اسماء    أيها الكائن في رأسي    "ذا تايمز" تكشف عن لقاءات سرية بين "الانتقالي" وكيان العدو الصهيوني    خبير في الطقس يتوقع هطول أمطار متفاوتة الغزارة على بعض المناطق    عدن تختنق بغلاء الأسعار وسط تدهور اقتصادي متسارع    واشنطن تندد باستمرار احتجاز موظفي سفارتها في صنعاء    الصحفي والقيادي الإعلامي الكبير ياسين المسعودي    كبار الوطن.. بين تعب الجسد وعظمة الروح    أغلبها من حضرموت.. الهجرة الدولية تسجل نزوح 338 أسرة خلال الأسبوع الماضي    الأمين العام للأمم المتحدة: "ما حدث في محافظتي حضرموت والمهرة تصعيد خطير"    غوتيريش: مركز الملك سلمان للإغاثة يُعد نموذجًا بارزًا على السخاء وجودة الخدمات الإنسانية    الرئيس الزُبيدي يتفقد سير العمل بديوان عام وزارة الزراعة والري والثروة السمكية وقطاعاتها    ثلاث عادات يومية تعزز صحة الرئتين.. طبيب يوضح    ضحايا جراء سقوط سيارة في بئر بمحافظة حجة    منظمة اممية تنقل مقرها الرئيسي من صنعاء إلى عدن    الجنوب راح علينا شانموت جوع    السيتي يحسم لقاء القمة امام ريال مدريد    لا مفر إلى السعودية.. صلاح يواجه خيبة أمل جديدة    إسرائيل تحذر واشنطن: لن نسمح بوجود تركي في غزة    فعالية حاشدة للهيئة النسائية في صعدة بذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    المنتخب الوطني تحت 23 عاما يغادر بطولة كأس الخليج بعد تعادله مع عمان    ندوة بصنعاء تناقش تكريم المرأة في الإسلام وتنتقد النموذج الغربي    بيان مرتقب لقائد الثورة في اليوم العالمي للمرأة المسلمة    "اليونسكو" تدرج الدان الحضرمي على قائمة التراث العالمي غير المادي    نبحوا من كل عواصم العالم، ومع ذلك خرجوا من الجنوب.    مباراة حاسمة.. اليمن يواجه عمان مساء الغد على بطاقة التأهل لنصف نهائي كأس الخليج    اجتماع موسع بصنعاء لتعزيز التنسيق في حماية المدن التاريخية    60 مليون طن ركام في غزة بينها 4 ملايين طن نفايات خطرة جراء حرب الإبادة    إتلاف 8 أطنان أدوية مخالفة ومنتهية الصلاحية في رداع    حضرموت.. المدرسة الوسطية التي شكلت قادة وأدباء وملوكًا وعلماءً عالميين    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتفاضة واحتفاء
نشر في الصحوة نت يوم 01 - 10 - 2023

* حدث مفصلي وملفت،ذاك الذي تخللته ذكرى ثورة26 سبتمبر الأم 61،إذ علاوة على الإحتفاء المعبئ سنويا،رسميا وشعبيا،فقد جاء هذا العام بانتفاضة متزامنة.وهذا ما يجعل الذكرى جد مختلفة،سيما بعد تغييب قسري دام لما يقارب العقد في العاصمة صنعاء،وذلك منذ سطو الحوثية عليها في 21سبتمبر2014م.
وهنا نحاول تقصي الدلالات والأبعاد والمعاني لهذه الذكرى بانتفاضتها ومباهج احتفاءاتها تلك.

** لا غبار على أن 61 عاما في ثورة26 سبتمبر قد خلقت بعدد سنواتها تلك اجيالا ثورية تتناسل بعضها من بعض.إذ لم يعد الجيل هنا مفهوما انثروبولوجيا بحتا،بل ثوريا معياره الثورة نفسها،وهذا يعني أن ما يصل ويربو على 30 مليون إنسان قد أضحت الثورة 26 سبتمبر هوية لهم،وأناهم الثورية هي المحدد لهم وللآخر في قاعدة الحكم على الأشياء.
إذ تصطرع الهويتان،هوية الشعب و"الهوية الإيمانية" الفيزيقية الحوثية،إرادتان،إرادة الشعب والإرادوية الحوثية،والتي تسقط وتختزل وتسف معنى الهوية ومفهوم الإرادة الشعبية. فدينامية الشعب وهويته متحركة،حية،نشطة،ايجابية،ثورية،ثابت سياسي واجتماعي،ووطني...،بينما الحوثية وهويتها الإيمانية وشعبها المختزل ميت،منسلخ من الذات،منشطر بين اللاوعي والأنا المنقوصة.
وبالتالي فانتفاضة الشعب المتزامنة مع هكذا حدث تروم-رامت ونجحت- استعادة الشعب والهوية من اسار المفهوم الحوثي،وتأويلاته الثاوية والعقيمة،وتمايزه وتؤكده من ثم،إذ هي متلازمة لاهوياتية،لا وطنية،لا سياسية،ليست من ثقافة الشعب في شيئ.
إذ هوية الشعب تخاطب البنية الذهنية والفكرية المكونة لها ومنها في الأساس،البنية المفاهيمية الصرفة،البنية القارة في الذهن والوجدان،والشعور الإنساني الخلاق،المبدع لها.
أما الحوثية الإمامية فهويتها الإيمانية ليست سوى ضرب من" فوضى مفردات لا تعكس غير حال من التضخم في اللغو الأيدلوجي، يمتنع منها وضوح"حسب تعبير عبدالإله بلقزيز. هوية لا تتحرج في ومن إعادة قسمة الشعب الواحد إلى تكويناته" الأنثروبولوجية العصبوية"- ما بين القوسين تعبير بلقزيز"،وذلك عن طريق احياء مفردات بغيضة للطائفة،والمذهب،والقبيلة،والعشيرة،والجهة،والإسهال في الحديث عن احتكارية هذا،ومظلومية تلك،أي تحريض الأهل على الأهل! حسب فكرة وتعبير بلقزيز.
وبهذا فالإنتفاضة في بعدها الصاخب رامت استعادة التوازن المجتمعي،النفسي والشعبي،والذي دمرته الحوثية واعتمرته لمواجهة الشعب نفسه،لمناوئته هويته،لنقض مبادئه، وقيمه،واجتثاث ثوابته.إذن فهي انتفاضة واعية بذاتها،تحد واصرار وغضب إزاء امبراطورية الخوف التي استزرعتها واسترعتها الحوثية،وتنظيمها الميلاشوي الإمامي العفن،وكسرا لامبراطورية الخوف تلك في العمق.
إذ الإرادة الجماعية هنا فعل نضال وطني متراكم،ومؤسس على حدث ثورة26 سبتمبر العظيم ذاته،في وجه إرادوية حوثية"=إمامية"،مجتثة لكل ما سواها. وعي جماعي وذاتي بطاقة عالية وبثقة بالشعب وفي الشعب وللشعب نفسه،إذ تؤسس للسياسة المجتثة حوثيا،فالسياسة هي بالشعب وللشعب في الشعب،كما تفصل بين كل ذلك والشعب من جهة ،وبينها والحوثية من جهة اخرى،حيث السياسة في الحوثية ومعها امتناع تام،وشتان بين النقيضين!
وما تمزيق العلم والدوس عليه واهانته سوى تمزيق لروح ونسيج ووحدة اليمن ووطنيته والشعب معا،اهانة لرمز وتجسيد هذه الأمة/الوطنية/اليمنية،تمزيق لإرث ونضال ثوري لقرن كامل،تمزيق لوحدة المجتمع وكليته العينية،تدنيس لذات الشعب الواعية،واستبداد بوعيه السياسي وارهابه،وعقيدته الوطنية.
ومثلما يدل ذلك على التمزيق والإهانة على نجاح الحوثية ومدى تأثيرها وتغلغل ايدلوجيتها ووقاحتها في وعي من قام بفعل التمزيق ذاك،بقدر ما يكشف حقيقة تربيتها وتجنيدها وتعبئتها لميليشيا سرية معادية لكل ماهو يمني،وطني،هوية وشعبا ورمزا،إذ يدل ذلك ويعني في بعده الأكبر أنها لا تنتمي لليمن وليست منه ارضا وشعبا وإنسانا،حتى لو استخدمت اليمني الساذج الجاهل،فهو ضحيتها مثلما اليمن اضحيتها القارة.
فالفعل-اي فعل الإهانة والتمزيق-هو عقيدة إمامية راسخة،هدفها إذلال الشعب وكسر نواميسه الكونية،"حسب مسند الأغريق"،أي قوانينه وخطوطه الحمراء،شرفه وكبريائه،إبائه،نخوته وشجاعته،إرادته وتجريف وعيه،سحق كرامته،كما ترمي تلك السياسة الإستعمارية إلى أن لا تاريخ ولا رمزية،ولا مكانة،لا وعي ولا إرادة،ولا هوية،ولا مستقبل وضاء،او ماضي مجيد لليمني سوى الإمامة ممثلة بحركتها الحوثية.

وكما يؤكد الحراك/الإنتفاضة على تآكل واهتراء بنى الحوثية من الداخل،حتى لو بدت متماسكة للخارج،فهي ضعيفة ومهلهلة وهشة أمام إرادة الشعب الجماعية،إذ تثبت الإنتفاضة بأن لا هيبة سوى للشعب،وما الإمامة سوى التوحش والبدائية والخور والضعف،وأن الشعب بتحركه لن يسمح باضفاء هالة من هيبة،او زعم من وفي مكانة للحوثية،وهي من عملت على اسقاط هيبة الشعب،وصادرت واغتصبت مكانته لتحل محله.
كما تؤكد الإنتفاضة على انعطاف كبير ،إذ ثمة"طاقة فعلية وافتراضية"-عبارة بلقزيز وفكرته-،ولا بد من ان تؤخذ في اعتبار أي حساب سياسي،من السلطة"الشرعية"،أم من الأحزاب،وصولا للخارج الإقليمي والدولي في آن معا.
فطاقاتها الفعلية-أي الإنتفاضة-فقد أفصحت عن نفسها في قدرة تعبوية سريعة وعاصفة وخاطفة وملحوظة ومستمرة،منذ عام-في إب انموذجا-،وعلى حشد قطاعات عريضة والشباب اليمني في تأكيد حضوره ومعركته الوطنية-أعني في محافظات تحت وطأة الميليشيا-،وأما طاقتها الإفتراضية،فقد ادركت"ضم عين ألف ادركت"امكاناتها القوى المادية بين السلطة والشعب،فليس هناك مبررا لسلطة الحوثية اللجوء للسلاح،وإن ظلت تستخدمه اغتيالا،او قمعا واخفاء،ولا امكانية المغامرة به اثناء مواجهتها للشعب المنتفض،إذ أن الإنتفاضة والحركة المجتمعية قد احدثت إخلالا،بالتوازي الذي تقوم عليه وبه الحوثية،إذ التوازي يعني الإنقسام،كما يساوي الضعف،يساوي الاستكانة والصمت،وبهذا فقد استفاقت الحوثية على توازن في الإرادات من نوع آخر،لم تكن تحسب له أي حساب!
إذ هو توازن يضع توازي الضعف أو الإستضعاف،الذي تعب منه الحوثية،توازن يضع الحرية في كفة،كما يضع الميليشيا والإمامة في كفة اخرى،ولذا أصبح ميزان الشعب هو الأقوى ،إذ سد منافذ التوازي الذي كانت تنفذ الحوثية منه وتتسلل.
كما تروم تلك الطاقة والدينامية الشعبيةلتحرير الصورة من النمطية والسلبية التي كونتها الحوثية عنه/ها،وارتسمت في مخيلة الخارج اقليميا ودوليا،على أن ثمة امكانية واحتمال لأن يتماهى الشعب مع الحوثية،او حتى سيتكيف معها كواقع مفروض.فعشر سنوات حرب ،بل ومنذ2004م،أي ما يقارب 20 عاما،لم تستطع الحوثية تدجين الشعب،ولذا فهي في حكم الطوبى والأماني المستحيلة.
إذ الإنتفاضة تضع شروطا للإندماج والتكامل بين العمل والفعل السياسي والعسكري،وملامح التسوية التي تلوح بالأفق،وبين ما يجب الأخذ به كمبدأ ناظم وحاكم لسيرورة ذلك،فالإنتفاضة تقول بأمر تفكيك الحوثية كتنظيم وسلاح وايدلوجيا،وكسياسة لا بد منها،خصوصا إذا أراد الإقليم والمجتمع الدولي النجاح للسياسة تلك،وأن توضع الحوثية كأفراد أو جماعة سياسية ،بعد نزع السلاح وتفكيك البنية الميلاشوية،والذهنية،على قدم المساواة،حالها حال بقية القوى السياسية والحزبية؛فالتناقض الحاصل في الرؤية والسياسة المتبعة ،نتاج لتناقض الواقع،أو بعبارة احرى وأدق،أن تناقض الواقع هو نتاج لتناقض تلك الرؤية السلبية والخاطئة واللاسياسية في العمق،وبذلك فإرادة الشعب المنتفضة تتوخى وضع حد لهذا التناقض الصارخ،تلك السياسة المتناقضة،والتي تريد واقعا لا يساعد على السلام ولا يعزز فرصه،بل ويجعل من مسألة الدولة والمجتمع والسياسة خاضعة لهذا المنطق المتناقض الأهوج،وغير البريئ البتة!
فهذا هو الدرب الذي على الجميع اجتراحه،ولكي يقبل الشعب بالحوثية كقوة سياسية-بافتراض النزع والتأهيل والتفكيك،كما جاء بالفقرة السابقة-،فعليها أولا أن تبلور سياسة أنها من الشعب وبالشعب وإلى الشعب،بثوابته وقيمه،بمبادئه وهويته،بتوجهه واتجاهه،فذلك اساس الإندماج والإعتراف الرسمي والشعبي بها. وهذه هي دلالات وأبعاد ومعاني ظاهرتي الإنتفاضة والإحتفاء المتزامنتين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.