أكد القاضي حمود الهتار أن حجم القاعدة في اليمن لا يصل إلى 10 % مما كانت وسائل الإعلام الرسمية للنظام السابق تصفه به. وأرجع الهتار الذي ترأس لجنة الحوار الفكري مع عناصر القاعدة خلال الفترة(2002-2005) أسباب تزايد نفوذ القاعدة إلى عدم وجود توجه سياسي جاد لمكافحة الإرهاب، والانفلات الأمني الذي أصبحت تعيشه اليمن، وخروج بعض محافظات الجمهورية عن سيطرة الدولة منذ ثلاث سنوات تقريبا وغياب التربية الوطنية والأمن الفكري لتحصين الشباب من الأفكار المتطرفة".
ولم يستبعد الهتار في حوار مع صحيفة "الجمهورية" الرسمية أن يكون من أسباب تنامي وجود القاعدة علاقة باستغلال العمليات الإرهابية لتشويه الحراك السلمي الوحدوي في المحافظات الجنوبية أولا ثم لتشويه الثورة السلمية الشعبية مؤخرا، فضلا عن وجود رغبة لدى بعض رموز النظام السابق لتحويل اليمن إلى صومال آخر على حد تعبيره.
واتهم الهتار الذي قدم استقالته من وزارة الأوقاف احتجاجا على مجازر النظام بحق المتظاهرين مع بداية الثورة العام الماضي,بعض العناصر الأمنية والعسكرية بالتعاون مع تنظيم القاعدة مدللا بتسليمها القاعدة محافظة أبين ومدينة رداع مع كمية كبيرة من الأسلحة والعتاد التي كانت موجودة في معسكر الأمن المركزي ومدينتي جعار وزنجبار.
وأشار إلى أن الرئيس المخلوع كان يستخدم القاعدة كورقة لابتزاز دول الجوار والدول الغربية وتهديدها بخطر القاعدة بهدف الكسب المادي من وراء ذلك، وابتزاز الخزينة العامة تحت مبرر مكافحة الإرهاب.
وأكد في رؤيته لمكافحة الإرهاب انه لا يجب أن يقتصر الحديث على الإعلامي فحسب، بل يجب أن ينعكس ذلك عمليا على أرض الواقع، قائلا:" الحكومة لم تقم مثلا بمراجعة مناهج التعليم، لم ترسخ مبدأ الوسطية والاعتدال، لم تقم وسائل الإعلام بدورها في مكافحة الأفكار المتطرفة،ولو استعرضت خارطة الوسائل الإعلامية المسموعة والمقروءة والمرئية ستجدها فارغة من أي مضمون جدي في مكافحة الإرهاب".
وقال الهتار إن الفترة التي عمل فيها رئيسا للجنة الحوار الفكري من 30 أغسطس 2002م إلى نهاية العام 2005م، كانت هناك سياسة لمكافحة الإرهاب من خلال محاور أربعة، أولها: الحوار الفكري واقتلاع الجذور الفكرية للتطرف والإرهاب، والثانية: التدابير الأمنية والعمل على منع الجريمة قبل وقوعها وضبطها بعد وقوعها، وتعقب مرتكبيها وتقديمهم للعدالة، والثالثة حل المشاكل الاقتصادية التي قد تكون سببا في الأشخاص للقيام ببعض العمليات الإرهابية، والرابع اتخاذ التدابير التي تقتضيها طبيعة التعاون الإقليمي والدولي لمكافحة الإرهاب.
وأضاف :" وبمجموع هذه السياسة استطاعت اليمن أن تحقق نجاحا في مكافحة الإرهاب وترسخ الأمن لمدة ثلاث سنوات، وبالتحديد من نوفمبر 2002م إلى نهاية عام 2005م لم تشهد اليمن أي حادث إرهابي يذكر خلال هذه الفترة أبدا",لافتا إلى أن الحوار مع عناصر القاعدة نجح في تلك الفترة.
وأوضح انه وبعد أن حققت تجربة الحوار نجاحا في تغيير القناعات والسلوك لدى أولائك الأشخاص الذين كانوا متأثرين بأفكار القاعدة، وحل الرفق محل العنف والسلام محل الإرهاب، استاءت السلطة من ذلك لأنها فوتت فرصة على من كانوا يحاولون تخويف دول الجوار والغرب من خطر القاعدة بهدف الحصول على مزيد من المساعدات المالية، وكما أسلفت أيضا ابتزاز الخزينة العامة تحت مبرر مكافحة الإرهاب حسب وصفه.
ودلل الهتار على وجود تعاون بين رأس النظام السابق وبين تنظيم القاعدة, ومن بين تلك الدلائل حدوث عملية تواصل شخصي بين أفراد القاعدة وبين شخصيات من أقارب علي عبدالله صالح أو مقربيه، أيضا إيقاف التحقيق في حادث السفارة الأمريكيةبصنعاء، بعد أن كانت بدأت،مبينا انه كان قد رفع تقريرا في 15/2/ 2009م، ذكر فيه أن هناك عصابات مسلحة تقوم بنهب الممتلكات العامة والخاصة في محافظة أبين وقامت بإعدام خمسة أشخاص خارج إطار القانون، ومحذرا من أن تلك الممارسات تنذر بخطر قادم يجب استدراكه قبل أن يستفحل أمره،وأوصيت باتخاذ الإجراءات القانونية ضد هؤلاء الخارجين عن القانون.
ولفت إلى انه لم يتم اتخاذ أي شيء من تلك التوصيات التي اقترحها، بل استمر هؤلاء الأشخاص في عبثهم، وكان عددهم لا يتجاوز أصابع اليدين,وكشف انه كان هناك شخص أو اثنان له علاقة بجماعة الجهاد، واستمروا حتى تزايد العدد، وبعد أربعة أو خمسة أشهر طلبوا إلى الرئاسة في صنعاء وعقدوا اجتماعا مع بعض رموز النظام وأعطيت لهم مكافآت وعادوا إلى أبين سالمين غانمين.
وسئل حول جماعة ما يسمى أنصار الشريعة في أبين,فقال:" أما جماعة أنصار الشريعة فقد ضمت في عضويتها أشخاصا من المتأثرين بأفكار تنظيم الجهاد، وانضم إليهم أشخاص من الحراك المسلح، ثم من أنصار النظام، ثم من توافد إليهم من الخارج ممن ضاق الخناق عليهم في بلدانهم، فأنصار الشريعة يختلفون عن تنظيم القاعدة أسلوبا وأهدافا، عمليات تنظيم القاعدة تستهدف بدرجة أساسية غير المسلمين كما تستهدف المصالح الغربية، ولا تستهدف المسلمين، ولا يمكن أن تقوم بعملية نهب أو استيلاء على ممتلكات الناس، خلافا لجماعة أنصار الشريعة".
وأكد الهتار أن قوات مكافحة الإرهاب حجمها محدود، ومع ذلك تحولت إلى حماية الرئيس المخلوع وأقاربه، ولم يلمس الناس أثر مكافحة الإرهاب من هذه الجماعة،متسائلا عن عدم وجود أي دور لها تجاه ما يجري في أبين.