بعون الله وتوفيقه تسير عجلة التغيير في طريقها رغم بعض العوائق التي تؤخر وتعرقل, غير أنها تظل عاجزة عن تعطيل مسيرة الوفاق الوطني, وفي كل يوم نلمس خطوات نحو الانفراج, وتزداد ثقة الناس بأنهم على وشك الخروج من النفق, والخطوات والقرارات التي يتّخذها الأخ رئيس الجمهورية تحقق تقدماً واضحا في طريق التغيير المنشود, وإن كان المتعجّلون غير راضين ويشعرون ببطء حركة السير, لكن المهم أن الصبر والأناة لم يؤديا إلى التراجع إلى الوراء, فكل المؤشرات تؤكد أن اليمنيين ماضون لتجاوز الآلام والأحزان والمآسي, ولعلنا نتذكر أين كنا في مايو2011م عندما بلغت القلوب الحناجر, وضاقت الدنيا على الناس بما رحبت, وكادت البلاد تنزلق إلى حرب أهلية طاحنة لا تبقي ولا تذر؛ بينما أصبحنا اليوم في ظروف أفضل - ليست كما نتمنى - لكنها تتجه بنا نحو الاستقرار والحوار ومعالجة المشكلات. ** ومع التفاؤل بالمستقبل فلابد أن يعمل اليمنيون – كلٌ من موقعه - على تجنّب تكرار الأخطاء التي تؤدي إلى الأزمات والانفجارات, ونرجو من المحبين لليمن والمحيطين برئيس الجمهورية أن يكونوا وساطة خير وتسديد ونصح يساعد الأخ الرئيس على المضي في الطريق الصحيح, بعيداً عن المجاملة الخادعة والإطراء الكاذب, فليس كل مدح محبة ولا كل ثناء إخلاص, كما أن النصيحة الصادقة ليست انتقاصاً ولا تعالياً, وعندما يتولّى أي مسؤول منصباً يأتي متحمساً مخلصاً متواضعاً, لكن بعض ضعاف النفوس يحاولون إشعاره بأنه فلتة من فلتات الزمان, ولولاه ما قامت مصلحة ولا تحقق خير للناس, وغالباً ما يكون وراء كل ذلك منافع خاصة, وربما رغبة مبَطّنة في الانتقام من الممدوح وحرص على حجب الحقائق عنه!
** رئيس الجمهورية مرجعية لكل المواطنين ولكل الأحزاب, وإذا أصبح رئيساً لحزب بعينه فإنه يفقد الحيادية ويضطر أن يجامل حزبه, ولن يكون ذلك إلا على حساب العدالة والمساواة, ولهذا فأتمنى على الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي أن يظل رئيسا لجميع اليمنيين, ويترك لحزب المؤتمر اختيار من يراه لرئاسته, وهذا هو الذي ينسجم مع موقع الرئيس الذي يحسن أن يكون على مسافة واحدة من كل الأحزاب, حتى يبعد نفسه عن الانحياز لطرف دون آخر, وهذا يفرض احترامه على جميع الأحزاب, كما أن في ذلك خدمة لحزب المؤتمر ليعتمد على نفسه وإمكاناته ولا يظل عبئاً على الرئيس ومتكئاً على سلطاته ونفوذه, كما كان الحال سابقاً بما سببه ذلك من أخطاء كادت أن تودي بالبلاد إلى الهاوية !!
** لقد أحسن الأخ رئيس الجمهورية حين وجّه بنزع صوره من الشوارع وأمر بعدم رفعها في المؤسسات الحكومية, وهذا عين الحكمة فهذه المظاهر لاتصنع حباً ولا ولاءً, لكن يلاحظ أن هذا التوجيه لم يعمل به, فقد أخذت أغلب المؤسسات برفع صور الرئيس وهو المشهد المكرور في كل الدول المتخلفة, وأرى أن الحزم والحصافة يوجبان عدم السماح للمتزلّفين بممارسة هوايتهم بصناعة السراب الخادع والمظاهر الفارغة وحجب الواقع, أمثال هؤلاء يضرون ولا ينفعون يدمرون ولا يبنون, وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن نحثو التراب في وجوه المدّاحين!
** خطاب واحد لرئيس الجمهورية يغني عن مئة خطاب, والعبرة ليست بكثرة الخطابات التي ينسي بعضها بعضاً, وجميل أن خطابات الرئيس عبدربه منصور هادي حتى الآن محدودة, لكنها تحمل جديداً في كل مرة, والشعب اليوم يحتاج إلى العمل والإنجاز وليس التفلسف والتنظير, ونأمل أن يستمر الرئيس على هذا المنوال الذي يكسبه مزيداً من التقدير والاحترام, ويرجى منه أن لا يصغي لأولئك الذين يقولون إن الخطابات والأخبار الكثيرة تجعل شخصية الرئيس قوية ومحبوبة, والعكس هو الصحيح وغالباً ما يندم المرء على الكلام أكثر من ندمه على السكوت!
** هناك من يتحدث عن (الكارزمية) التي يجب أن يتصف بها الرئيس, بحيث نراه يتحدث في كل شيء: يوجه أساتذة الجامعات, ويعلم مهندسي الكمبيوتر, ويرشد أطباء القلب, ويخوض مع رجال الأعمال في تفاصيل التجارة والصناعة, ويبدي رأيه في الشعر والأدب ...الخ, والحق أنه لو قام بذلك فسيضطر للتدخل في غير اختصاصه ويسبب الفوضى والارتباك, وليس مطلوباً من رئيس الجمهورية أن يكون خبيراً بكل شيء, ولا متخصصاً في كل صغيرة وكبيرة, وإنما هو بشرٌ تحمل مسؤولية أكثر من غيره وأكبر من الآخرين, وعليه أن يستشير ذوي الاختصاص ليتخذ القرار الأفضل أو الأنسب, وقدرته على الاستفادة من كل الطاقات هي الكارزمية المطلوبة منه.
** نتمنى لرئيس الجمهورية كل التوفيق ورغم التحديات التي تواجهه إلا إنه مدعوم شعبياً وإقليمياً ودولياً ولديه فرص نجاح واسعة, ويتوقع منه أن يكون أخاً كبيرا لجميع اليمنيين, ومطلوب منه أن يتجنب أخطاء من سبقه حتى يوصل السفينة إلى بر الأمان ... [email protected]