واصل مجلس الوزراء في اجتماعه الاستثنائي اليوم برئاسة رئيس المجلس محمد سالم باسندوة مناقشة مشروع قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، المقدم من اللجنة الوزارية المكلفة بمراجعته من قبل المجلس برئاسة وزير الشئون القانونية. وركزت نقاشات اعضاء المجلس على اهمية التمهيد الصحيح لانتقال الوطن الى مرحلة جديدة من التوافق والاتفاق وتحقيق المقاصد المتوخاة من مشروع هذا القانون لتضميد الجراح وجبر الضرر ومحو آثار انتهاكات حقوق الانسان والحيلولة دون تكرارها مستقبلا. وأكدوا الحاجة الماسة إلى وضع نهاية لأسباب الانقسام والصراع بين أفراد المجتمع اليمني، ووقف كل أشكال الانتقام والمتابعة والملاحقة ونبذ دعوات الثأر، باتخاذ خطوات نحو المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، وضمان الامتثال بمعايير الحكم الرشيد وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، اضافة الى حق كثير من أفراد المجتمع الذين تضرروا وعانوا نتيجة للصراعات السياسية في الماضي والحاضر في تحقيق العدالة والتعويض المناسب. ولفت المجلس الى الدور المعول على مشروع القانون في طي صفحة الاحداث الماضية التي شهدتها اليمن وما افرزته من تداعيات وممارسات سيئة واضرار مادية ومعنوية ونفسية، والاهداف المتوخاة من تطبيق العدالة الانتقالية لاشاعة روح المحبة والتاخي والتآلف بين ابناء المجتمع الواحد، وضمان مشاركة الجميع بروح جديدة في بناء المستقبل المنشود لليمن. وأشار الى الارتباط الموضوعي لهذا القانون باتفاق التسوية السياسية الذي برهن على حكمة اليمنيين وعزمهم وتصميمهم على تجاوز الماضي وبدء صفحة جديدة للانطلاق صوب المستقبل بارادة موحدة جامعة لبناء الدولة الحديثة القائمة على الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. وطرح اعضاء المجلس عدد من الملاحظات والرؤى لاثراء مشروع القانون، بما في ذلك المقترحات الخاصة بالفترة الزمنية التي يشملها والاليات الواجب اتباعها لاشراك جميع اطياف العملية السياسية دون اقصاء او تهميش، وبما يكفل التمهيد الجيد لانجاح الحوار الوطني الشامل الذي يشترك فيه الجميع على أساس مبدأ الشراكة الوطنية الكاملة. وأثنى المجلس على جهود وزارة الشئون القانونية واللجنة الوزارية في اعداد مشروع القانون وما قامت به من مشاورات مع الشركاء الدوليين ومنظمات المجتمع المدني والاطراف الوطنية وعرض مسودة المشروع للتداول العام لاثرائها بالملاحظات والتصويبات، اضافة الى الاستئناس بتجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال. وأقر المجلس على ضوء تلك النقاشات تكليف اللجنة الوزارية التي قدمت مشروع القانون برئاسة وزير الشئون القانونية، واضافة وزير التعليم العالي والبحث العلمي الى عضويتها، باستيعاب الملاحظات والاراء المطروحة، والدراسة المتانية لكل هذه الملاحظات واستيعابها في مشروع القانون، بما في ذلك التواصل مع الاطراف السياسية الموقعة على المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية المزمنة ولجنة الاتصال المشكلة بقرار رئيس الجمهورية للتواصل مع جميع المكونات السياسية والمجتمعية والثقافية من القوى الغير موقعة على المبادرة الخليجية ، للتهيئة للحوار الوطني الشامل. وأكد مجلس الوزراء على اللجنة الوزارية تقديم تقرير بنتائج عملها الى المجلس للمناقشة والاقرار. ويتكون مشروع قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية من 18 مادة موزعة على أربعة فصول، تشمل التسمية والتعاريف والأهداف ونطاق السريان، وهيئة الإنصاف والمصالحة وتعزيز وحماية حقوق الإنسان، اضافة الى أحكام ختامية. ويهدف مشروع القانون إلى التأكيد على قيام الانتقال السياسي في اليمن على أساس الحق في الحقيقة، وقيم التسامح والصفح وحقوق الضحايا والمصالحة الفردية والجماعية وتحقيق المصالحة الوطنية ونبذ كل أشكال العنف والانتقام ، فضلا عن تنمية واثراء ثقافة وسلوك الحوار وارساء مقومات المصالحة وبناء الدولة المدنية- دولة القانون والديمقراطية وحقوق الانسان- ومحو آثار انتهاكات حقوق الانسان والحيلولة دون تكرارها مستقبلا، وذلك من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة لتطبيق العدالة الانتقالية بما يضمن تسليط الضوء على تصرفات الأطراف السياسية التي ادت الى انتهاكات لحقوق الانسان بانواعها ومستوياتها المختلفة، وضمان جبر الضرر لمن تضرروا من تلك الانتهاكات خلال الفترة المشمولة باحكام هذا القانون او ورثتهم من اجل انصافهم والمصالحة معهم. ونصت المادة الخامسة من مشروع القانون على ان تنشئ بموجب هذا القانون هيئة مستقلة تسمى "هيئة الإنصاف والمصالحة الوطنية"، تهدف الى اجراء مصالحة وطنية بين أفراد المجتمع اليمني نتيجة ما خلفته الصراعات السياسية خلال فترة سريان القانون، وإنصاف وتعويض وجبر ضرر من انتهكت حقوقهم أو عانوا من تلك الصراعات او ورثتهم. المصدر:سبأ