نقابة الصرافين الجنوبيين تطالب بفتح تحقيق ومساءلة قيادة البنك المركزي    تحذير رسمي من نتائج كارثية لتدفق المهاجرين إلى شبوة    القسام مع سرايا القدس يدمرون دبابة وجرافة عسكرية صهيونية    نائب رئيس الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي يلتقي وفد منتدى الشرق الأوسط في العاصمة عدن    منسّقية الانتقالي بجامعة حضرموت تستعرض التحضيرات النهائية لتنفيذ الملتقى الصيفي الثاني    الكثيري يبحث مع قيادات قطاع التعليم سُبل إنقاذ العملية التعليمية في العاصمة عدن    الكثيري يبحث مع منظمة أطباء بلا حدود توسيع تدخلاتها الطبية في محافظات الجنوب    رسميًا.. برشلونة يضم جناح كوبنهاجن    بيتكوين تتجاوز 123 ألف دولار لأول مرة في تاريخها    الإعلان عن انتهاء البحث عن أفراد طاقم سفينة هاجمها الحوثيون قبالة اليمن    رائحة الموت تسيطر في غزة.. عشرات الشهداء والجرحى على وقع تفاقم المجاعة    يوميات الحرب بين إيران والكيان الإسرائيلي    بطل مونديالي جديد من إيطاليا    سينر: ويمبلدون حلم.. وألكاراز: تنافسنا ساعدني على التطور    الرابطة تعتمد اللائحة المالية.. 10 ملايين العجز المالي سقف المصروفات 70 %    عودة 60 صياد يمني عقب احتجازهم في إريتريا    مدينة تعز .. السكان يواجهون عطشًا غير مسبوق واتفاق إدارة إمدادات المياه يواجه كوابح سنوات الحرب    تشابي ألونسو يقود ثورة في ريال مدريد والجميع مهدد    صنعاء.. اعلان نتيجة الثانوية العامة    في عدن :سعر الدقيق 65 ألف والسكر105    البرلمان الأوروبي يفتح ملف مواجهة الإخوان    ماهي ابعاد سحب المبعوث الأمريكي إلى اليمن؟    نصائح عملية للحد من التعرق المفرط في الصيف    تشيلسي ينسف حلم باريس ويتوج بطلًا للمونديال    تغاريد حرة .. عشنا وشفنا الحقارات كلها..    إب.. سيول الأمطار تعزل مديرية فرع العدين عن المناطق المجاورة    وزارة التربية تعلن موعد انطلاق العام الدراسي الجديد 2026/2025م    الإمارات تحتل أكبر اكتشاف نفطي سيحول اليمنيين إلى أثرياء    عدالة معلقة وقضاة بلا حماية: السلطة القضائية في اليمن بين الإهانة والتجويع    عرض مسرحي ساخر فجر الأوضاع بوادي دوعن حضرموت    حنان مطاوع تعود إلى المسرح بعد غياب 10 سنوات ب"حتشبسوت.. العرش والحب"    الامم المتحدة: تفشي شلل الأطفال في 19 محافظة يمنية    الحكومة: مليشيا الحوثي تعمق الأزمة الاقتصادية عبر تزوير عملات معدنية    تدمير مستوطنة أثرية جنوب صنعاء وسط صمت رسمي    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (4)    أعطني حرفاً.. أعطك أمة    اليمن يتصدر محور المقاومة    الصراعات على المناصب قاسم مشترك بين سلطات الحرب.. نموذجان من عدن وصنعاء    مجلس إدارة المعهد العالي للقضاء يقر مشروع تعديل لائحة الاختيار والقبول للدُفع المتقدمة    أكدت أن حظر الملاحة البحرية يقتصر على الكيان الصهيوني فقط.. الخارجية: المبعوث الأممي تجاهل الأسباب الجذرية للتصعيد في البحر الأحمر    بدء التعامل بها من أمس الأحد.. البنك المركزي يعلن عن سك عملة معدنية من فئة (50) ريالا    وزارة العدل وحقوق الإنسان تدشّن الرابط الإلكتروني للدعوى والخدمات الالكترونية    زار الأكاديمية العليا للقرآن الكريم وعلومه.. الدكتور بن حبتور يطلع على سير العمل في قطاع النظافة بأمانة العاصمة    الجزائية المتخصصة بأمانة العاصمة تنظر في قضية خلية "إرهابية" تزعمها مصري الجنسية    مرض الفشل الكلوي (12)    وزارة التربية تعلن موعد انطلاق العام الدراسي الجديد 2026/2025م    للتخلص من حصوات الكلى... 5 علاجات طبيعية يمكنك اتباعها في المنزل    خلايا جذعية لعلاج أمراض الكبد دون جراحة    حقيبة "بيركين" الأصلية تسجل أغلى حقيبة يد تباع في التاريخ، فكم بلغت قيمتها؟    تاريخ مواجهات تشلسي وسان جيرمان قبل مواجهتهما بنهائي كأس العالم للأندية    مودريتش لريال مدريد: إلى لقاء قريب    خاطرة عن الفضول في ذكراه    مات كما يموت الطيبون في هذا البلد..!    يهودي من أبوين يهوديين.. من هو الخليفة أبو بكر البغدادي؟    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مكة تروي من أخبارها (2)

و تمضي مكة تنفحنا من أخبارها، قائلة: و تعطرت أنحائي يوم أن هبط رسول السماء، يحمل الوحي إلى رسول الأرض؛ رسول البشرية، فتعطرتُ ب : " إقرأ باسم ربك الذي خلق".

و ما كان ليكون ذلك العطر الزكي الذي لا ريب فيه أن يقف عند أنحائي و شعابي، و إنما كان النبأ العظيم الذي غير مسار التاريخ، و اخرج الناس من الظلمات إلى النور.

و شهدتُ محمدا صلى الله عليه وسلّم و هو يبدأ دعوته سرا ينتقي لها و يختار ؛ من بين مختلف الفئات، قبل أن يأمره ربه أن يصدع بدعوته و يعلنها : "وأنذر عشيرتك الأقربين". و راح محمد يجاهر بدعوته و يبلغها للناس أجمعين؛ لتثور ثائرة قريش أمام هذا النبأ العظيم.

و ذات صباح سمعت محمدا و قد صعد جبل أبي قبيس؛لينذر عشيرته الأقربين، مناديا عشائر قريش أجمعين : " أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تُغير عليكم أكنتم مُصَدّقِيّ؟ " قالوا : نعم ، ما جربنا عليك كذبا قط، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" فقال أبو لهب: تبا لك ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله: " تبت يدا أبي لهب وتب".

و ستذكّرنا مكة هذا مرة أخرى في أثناء سرد ما ترويه.

تُرَاعَى النبتة و هي صغيرة ، فإذا مدّت جذورها، و شقت تربتها ، و تمسكت عروقها ، أصبحت و قد استعصت، و نمت، و أزهرت و أثمرت.

لكن قريشا بطغاتها، بطرت، و هددت، و توعدت، و نهت عن اتباع بذرة العطر المنتشر :" أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى".
لقد ظنت قريش و طغاتها ، أنهم قادرون أن يحبسوا شذى العطر المنتشر، أو يسجنوا الضياء الذي تعالى؛ فراحوا يهرعون و يهرولون في أنحائي و شعابي ، يهذون بجنون ، آمرين البسطاء من الناس: " أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيئ يراد".

و مضى محمد يُعَرّفُ الثبات بالثبات، فما وهن و لا استكان، و مضى مَن معه يتلمسون خطوه، و يتمثّلون صبره، و يقتدون بثباته.

و مضت دعوته يتناقل أخبارها كل قادم في مواسم الحج ، و الأسواق ، فيعودون إلى قبائلهم يقصون الأخبار ، و ينقلون صور الصراع، و كم من رجال رأيتهم يطرقون أبوابي لمعرفة محمد عن قرب، و معرفة ما يقوله عن مشافهة.. ثم يولون إلى قومهم منذرين.

و إن أنس لا أنسى يوم بيعة العقبة من منى، و الرسول محمد يضرب لأهل يثرب الذين أسلموا موعدا في أوسط أيام التشريق. و كم هالني ذلك المنظر المهيب لثلاثة و سبعين رجلا و امرأتين ، ممن قدموا للحج ، و هم يتقاطرون لأداء البيعة في الهزيع الثاني من الليل على خوف من أن ينكشف أمرهم لقريش ، التي تحصي على الرسول و القلة المسلمة حركاتهم ، و أنفاسهم، ظنا منها أن بمقدورها أن يطوي الظلام الضياء.

و شهدت بعد بيعة العقبة الكبرى بثلاثة أشهر، و الركب المهاجر من المسلمين ، آحادا، و مثنى ، و فرادى يغادرونني بهجرة نحو يثرب. و هنا جن جنون قريش ! إلى أين يمضي هؤلاء؟ و ما وراء خروجهم؟

يضيق الطغاة بالضياء .. يضيقون به و هو يبهر أعينهم، و يضيقون به و هو يمضي بجدية كاملة ليطوي كل ظلام وكل ظلمة بعيدا عنهم.

و شهدتُ تداعي الملأ من قريش إلى دار الندوة للتأٓمر على الرسول الكريم: "وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك" ! و هناك قرروا تنفيذ جريمتهم .. شأن الطغاة الظالمين في كل زمان و مكان.

و فيم احتشد الأربعون مجندا للطغاة يرقبون دار محمد عند خروجه منه ليقتلوه ، كنت أراقب مصيره، أكاد معه أن تتصدع جبالي، و تنهد شعابي، خوفا عليه، و رعبا مما قد يحل به.

و كما تشرّف غار حراء باستقبال أولى آيات النبأ العظيم ؛ تشرف غار ثور بأن يكون محطة مغادرة محمد صلى الله عليه وسلّم، و صاحبه أبي بكر الصديق في هجرتهما.

و شهدتُ حول غار ثور مشهد مفزعا، و الملأ من قريش، و جلاوزتهم يحدقون بالغار، و قد وصل بهم قُصّاص الأثر، إلى حافة الغار ، قائلين،: هنا انتهى الأمر بصاحبكم ! و كما كان فزعي و خوفي؛ كان فزع أبي بكر و خوفه، و هو يرى الطغاة على الغار ، و هناك سمعت آيات تتلى: " إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ ييول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا".

لقد خاب الطغاة في مسعاهم ، و فشل الملأ و الزعامات في مخططاتهم ، و انقلبوا خائبين خاسرين، معلنين عن مائة ناقة لمن يأتي بهما حيين أو ميتين.

قد يشتري المال رخاص الناس، و ضعاف النفوس، لكن لله في الناس أرقام لا تنحني، و صلابة لا تلين، و مبادئ لا تتبدل.

مَن بمقدوره من البشر أن يحبس الضياء؟ من يستطيع من الطغاة أن يسجن النور؟" قتل الإنسان ما أكفره".

لم تقل مكة كل ما تريد بعد، و لكنها ستكمل بعض ما تريد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.