محلل سياسي: محافظات الجنوب تعيش واقعا صعبا للغاية    الحشود تتوافد الى الساحات للمشاركة في مسيرات نصرة غزة    حان قلب الطاولة.. من يكسب الرهان الانتقالي صاحب الأرض أم شرعية الفنادق؟    احتياطيات روسيا تحقق قفزة أسبوعية ب11 مليار دولار    لست عنصري.. وبنفس الوقت لا أنكر كمية الاحتقان الموجودة لدي تجاه النازحين.    برشلونة يباغت تير شتيجن بقرار صادم    في الوقت الذي يسمح للمقربين .. مراسل الميادين يكشف منع الصحفيين الاقتراب من حطام طائرة مقصوفة عند التصوير    العدو يعترف بمصرع ضابط وإصابة 4 جنود في غزة    بسبب الفقر.. ملك المغرب يلغي شعيرة ذبح الأضاحي    تنويه بشان حركة المركبات على طريق صنعاء عدن بعد اعادة فتحه رسميا    التاريخ يكتب بصورة عكسية، عندما تهمش العقول وتسود المؤامرة    حرب التجويع في عدن ودعوات لثورة شعبية    العليمي: سلمنا الحوثي الطائرة الرابعة بعد تهديده بقصف مطار عدن    Tecno تطلق هاتفا بمواصفات ممتازة لشبكات الجيل الخامس    بقيمة تزيد عن 36 مليون دولار.. البحرية المشتركة تضبط شحنة مخدرات في بحر العرب    خطاب مزدوج وتحالفات متقلبة.. الإخوان في اليمن مشروع تخريب لا بناء    ميلان يقيل مدربه كونسيساو تمهيدا لعودة أليغري    بعد فتح الطريق.. الحوثي يشن هجوما فجر الجمعة على الضالع    الشرعية.. أزماتها قاتلة وفسادها توحش    تهنئة بتخرج عبدالقادر بن سميط من كلية الشريعة والقانون بجامعة الأحقاف    انخفاض أسعار الذهب إلى أدنى مستوى في أسبوع    ألم الكهرباء.. عقاب جماعي يتعرض له الجنوبيون وسط واقع مأساوي    العثور على نوع جديد من "الأحفوريات الحية" في جنوب إفريقيا    أخطاء شائعة في الشواء قد تكلفك صحتك    العليمي: الرؤية الدولية للحوثيين مضللة وتتجاهل خطرهم على اليمن والمنطقة    مليشيا الحوثي تختطف مواطنا بعد الإعتداء عليه بعنف مفرط في إب    تشيلسي يستعد للإبقاء على سانشو بشكل دائم    الكويت يصعد الى نهائي كأس سمو الامير بفوزه على القادسية    الذهب يلامس ادنى مستوياته في اسبوع    ترامب يتحدث عن كلفة تعديل الطائرة التي حصل عليها من قطر    رئيس تحرير موقع أجراس اليمن يتعرض للتهديد على ذمة تقرير صحفي حول حديقة الحوبان بتعز    القرعة تضع اليمن في المجموعة الثالثة بالتصفيات المؤهلة لنهائيات آسيا تحت 23 عاما    حقيقة وفاة الفنان عادل إمام    تعز.. ارتفاع حالات الوفاة والإصابات بالكوليرا    مكة تروي من أخبارها (2)    دراسة: خسارة الوزن في منتصف العمر تُقلل الأمراض وتُطيل العمر    النقل والعدل تنظمان مؤتمرا صحفيا بمطار صنعاء الدولي    المركز العلمي لتعليم القرآن والعلوم الشرعية بمأرب يحتفي بتخريج الدفعة الاولى    وزارة الشباب والرياضة تدشن الخطة الوطنية لتمكين الشباب 2025–2030 بعدن    الأعياد لم تعد فرحا، بل كوابيس تهبط علينا بثقل الجبال..    العمل الذي يرضي الله..    صحة تعز: موجة كوليرا جديدة تضرب المحافظة    الأهلي يسحق فاركو بسداسية ويتوج بطلا للدوري المصري    قطاع الحج والعمرة يدين استهداف العدو الصهيوني طائرة مدنية قبيل صعود الحجاج    تشيلسي يرفع كأس دوري المؤتمرالأوروبي    الحميري: تعز تتحول لورشة عمل لتوسيع وتحديث الطرقات    معلم تاريخي من معالم لحج والجنوب من يعيد له الاعتبار.!    ماذا وراء استهداف اساتذة الجامعات؟    وزير الإعلام يحمل مليشيا الحوثي مسؤولية تدمير أسطول "اليمنية" في مطار صنعاء    السياسي والأديب: د.أحمد عبداللاه نجمٌ متألق    مليشيا الحوثي تفرض زيادة سعرية على فاتورة الكهرباء التجارية في إب    كهرباء الوادي تنتج 30 ميجا وتستهلك وقود ب 340 مليون ريال يوميا    - رغم دفعهم اكثر من اثنين مليون ريال سعودي مقابل تطبيبهم.. الحجاج اليمنيون يشكون غياب الرعاية الطبية في الأراضي المقدسة     عمرها 2.6 مليون سنة.. العثور على "كبسولة زمن" في الصحراء الإفريقية    25 مليون شخص بالسودان في خطر    فوضى أمنية..    اليمن يحدد بداية عشر ذي الحجة    غَزَّةُ.. قَسِيمُ الجَنَّةِ وَالنَّار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مكة تروي من أخبارها (2)

و تمضي مكة تنفحنا من أخبارها، قائلة: و تعطرت أنحائي يوم أن هبط رسول السماء، يحمل الوحي إلى رسول الأرض؛ رسول البشرية، فتعطرتُ ب : " إقرأ باسم ربك الذي خلق".

و ما كان ليكون ذلك العطر الزكي الذي لا ريب فيه أن يقف عند أنحائي و شعابي، و إنما كان النبأ العظيم الذي غير مسار التاريخ، و اخرج الناس من الظلمات إلى النور.

و شهدتُ محمدا صلى الله عليه وسلّم و هو يبدأ دعوته سرا ينتقي لها و يختار ؛ من بين مختلف الفئات، قبل أن يأمره ربه أن يصدع بدعوته و يعلنها : "وأنذر عشيرتك الأقربين". و راح محمد يجاهر بدعوته و يبلغها للناس أجمعين؛ لتثور ثائرة قريش أمام هذا النبأ العظيم.

و ذات صباح سمعت محمدا و قد صعد جبل أبي قبيس؛لينذر عشيرته الأقربين، مناديا عشائر قريش أجمعين : " أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تُغير عليكم أكنتم مُصَدّقِيّ؟ " قالوا : نعم ، ما جربنا عليك كذبا قط، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" فقال أبو لهب: تبا لك ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله: " تبت يدا أبي لهب وتب".

و ستذكّرنا مكة هذا مرة أخرى في أثناء سرد ما ترويه.

تُرَاعَى النبتة و هي صغيرة ، فإذا مدّت جذورها، و شقت تربتها ، و تمسكت عروقها ، أصبحت و قد استعصت، و نمت، و أزهرت و أثمرت.

لكن قريشا بطغاتها، بطرت، و هددت، و توعدت، و نهت عن اتباع بذرة العطر المنتشر :" أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى".
لقد ظنت قريش و طغاتها ، أنهم قادرون أن يحبسوا شذى العطر المنتشر، أو يسجنوا الضياء الذي تعالى؛ فراحوا يهرعون و يهرولون في أنحائي و شعابي ، يهذون بجنون ، آمرين البسطاء من الناس: " أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيئ يراد".

و مضى محمد يُعَرّفُ الثبات بالثبات، فما وهن و لا استكان، و مضى مَن معه يتلمسون خطوه، و يتمثّلون صبره، و يقتدون بثباته.

و مضت دعوته يتناقل أخبارها كل قادم في مواسم الحج ، و الأسواق ، فيعودون إلى قبائلهم يقصون الأخبار ، و ينقلون صور الصراع، و كم من رجال رأيتهم يطرقون أبوابي لمعرفة محمد عن قرب، و معرفة ما يقوله عن مشافهة.. ثم يولون إلى قومهم منذرين.

و إن أنس لا أنسى يوم بيعة العقبة من منى، و الرسول محمد يضرب لأهل يثرب الذين أسلموا موعدا في أوسط أيام التشريق. و كم هالني ذلك المنظر المهيب لثلاثة و سبعين رجلا و امرأتين ، ممن قدموا للحج ، و هم يتقاطرون لأداء البيعة في الهزيع الثاني من الليل على خوف من أن ينكشف أمرهم لقريش ، التي تحصي على الرسول و القلة المسلمة حركاتهم ، و أنفاسهم، ظنا منها أن بمقدورها أن يطوي الظلام الضياء.

و شهدت بعد بيعة العقبة الكبرى بثلاثة أشهر، و الركب المهاجر من المسلمين ، آحادا، و مثنى ، و فرادى يغادرونني بهجرة نحو يثرب. و هنا جن جنون قريش ! إلى أين يمضي هؤلاء؟ و ما وراء خروجهم؟

يضيق الطغاة بالضياء .. يضيقون به و هو يبهر أعينهم، و يضيقون به و هو يمضي بجدية كاملة ليطوي كل ظلام وكل ظلمة بعيدا عنهم.

و شهدتُ تداعي الملأ من قريش إلى دار الندوة للتأٓمر على الرسول الكريم: "وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك" ! و هناك قرروا تنفيذ جريمتهم .. شأن الطغاة الظالمين في كل زمان و مكان.

و فيم احتشد الأربعون مجندا للطغاة يرقبون دار محمد عند خروجه منه ليقتلوه ، كنت أراقب مصيره، أكاد معه أن تتصدع جبالي، و تنهد شعابي، خوفا عليه، و رعبا مما قد يحل به.

و كما تشرّف غار حراء باستقبال أولى آيات النبأ العظيم ؛ تشرف غار ثور بأن يكون محطة مغادرة محمد صلى الله عليه وسلّم، و صاحبه أبي بكر الصديق في هجرتهما.

و شهدتُ حول غار ثور مشهد مفزعا، و الملأ من قريش، و جلاوزتهم يحدقون بالغار، و قد وصل بهم قُصّاص الأثر، إلى حافة الغار ، قائلين،: هنا انتهى الأمر بصاحبكم ! و كما كان فزعي و خوفي؛ كان فزع أبي بكر و خوفه، و هو يرى الطغاة على الغار ، و هناك سمعت آيات تتلى: " إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ ييول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا".

لقد خاب الطغاة في مسعاهم ، و فشل الملأ و الزعامات في مخططاتهم ، و انقلبوا خائبين خاسرين، معلنين عن مائة ناقة لمن يأتي بهما حيين أو ميتين.

قد يشتري المال رخاص الناس، و ضعاف النفوس، لكن لله في الناس أرقام لا تنحني، و صلابة لا تلين، و مبادئ لا تتبدل.

مَن بمقدوره من البشر أن يحبس الضياء؟ من يستطيع من الطغاة أن يسجن النور؟" قتل الإنسان ما أكفره".

لم تقل مكة كل ما تريد بعد، و لكنها ستكمل بعض ما تريد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.