عندما تتعدد مصادر الهمز و اللمز، ثم تتمادى حتى العواء، رغم اختلاف اللهجات، و تباين الألوان في حملة إعلامية موجهة،و شرسة، تدرك يقينا أن ما وراء الأكمة لم يعد خافيا، بل يمكنك القول أن ما كان وراءها قد أصبح أمامها، و أن الذي بقي وحده وراء الأكمة ، هو الممسك ( بالريموت)، أو بدفتر التحويلات. مَن حرّك تلك الألسنة؟ و من سخّر تلك الأقلام؟ و من نشر تلك الأعداد من أسراب الذباب الإلكتروني في وقت واحد ، و تزامن يفضح سوء النوايا ؟!
حين تُثير زوبعةٌ ما الأتربة و الغبار ، قد تصاب منها بعض العيون و الأبصار لوقت قصير، أو زمن محدود، ثم تتضح الرؤية تدريجيا، و ينتهي أثر الزوبعة.
هنا ينزعج الممسك بالريموت، فلا يدري ما يبدئُ و ما يعيد؛ فيلجأ إلى أن يضاعف عدد دفاتر التحويلات، بل إنه يبرز إلى أعلا الأكمة و يرفع ثوبه عن كل جسده ليواري وجهه ؛ بينما قد تكشفت للناس سوأته..!!
حملات التضليل، و تناولات شيطنة الإصلاح ليست جديدة، و هي أشبه مع الفارق الكبير بالطبع بالحملات الصليبية على الوطن العربي،و التي ظلت أكثر من مائتي سنة. و التجمع اليمني للإصلاح منذ أن أعلن بوضوح لا لبس فيه، و لا تلجلج موقفه الرافض للمشروع الظلامي للحوثي، و للانقلاب الكارثة في 21 سبتمبر المشؤوم في 2014 كأول مكون سياسي حدد موقف ؛ تناولته ألسنة و أقلام بحملات إعلامية، ظالمة في الاستهداف، فاجرة في الخصومة، متنكرة للمواقف التي نقولها و لا فخر.
كانت تلك الحملات تطفو حينا، و تختفي حينا آخر، و تشتد تارة، و تغور تارة أخرى.
لم يحدث أن ذهب الإصلاح للتباهي بمواقفه في الانحياز لمبدأ الحق و العدل و الحرية، و لا لاصطفافه في خندق مناصرة الشعب و الوطن ، و لا حين هب مدافعا عن الهوية و الكرامة و الدين الحق. و لم يحدث أن اتهم جهة، أو طرفا جمهوريا مقللا من مواقفه، أو منتقصا من شأنه، بل أظهر رفضه و مناوأته للمشروع الحوثي المرتهن كلية لإيران، و من يقف معه.
و من بضعة أسابيع عادت في تعز حملة إعلامية ظالمة بلهجات أطراف مختلفة تتناوله بالسهام من كل جانب. هذا التزامن، إذا لم نقل التكالب ؛ ليس بريئا في التوقيت، و لا عفويا في التناول.
و الأدهى من كل ذلك أن يأتي،و مليشيا الإرهاب الحوثية تحشد مرتزقتها في كل جبهات تعز ، ناهيك عن أن الجيش الوطني المرابط فيها بصمود لا نظير له، و رجولة لا مثيل لها، يناله التقتير، و التأخير في مرتباته المتواضعة، و الحرمان من التغذية اللازمة، فيما مكونات عسكرية بمناطق و محافظات مجاورة تنعم بخير وفير. فلم تستدرجه الرفاهية هناك ليترك متراسه،أو يتخلى عن واجبه المقدس.
و السؤال: هل التناولات الإعلامية المتزامنة، و التي نال الجيش للأسف منها نصيبا تخدم الجبهة الداخلية، و تفيد الحاضنة،و تنتصر للجمهورية؟ أم أن المطابخ التي تتولى تنظيم الحملات الإعلامية لا تأبه، و لا في واردها التحرير، و استعادة مؤسسات الدولة و تحرير مواردها.
إن المشاريع الصغيرة، أو الشخصية، أو الجهوية، لا يتبناها العظماء، فضلا عن أن يناضلوا من أجلها على حساب كرامة الأمة و هويتها، و حريتها.