كشفت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD) في تقرير حديث عن سلسلة إخفاقات أممية خلال العقد الأخير في اليمن، معتبرة أن أداء الأممالمتحدة ساعد الحوثيين المدعومين من إيران على ترسيخ نفوذهم، واستغلال المساعدات والموانئ، والتوسع في أنشطة تهدد اليمن والمنطقة بأكملها. التقرير الصادر عن المؤسسة الأمريكية، والذي تابعه "الصحوة ونت" وترجمه للعربية، أشار إلى أن الأممالمتحدة فشلت في إدارة المفاوضات والاتفاقيات، كما عجزت عن حماية موظفيها، وتغاضت عن تجاوزات الحوثيين، الأمر الذي أتاح للمليشيا التحكم في الموارد والمنافذ الحيوية، مقابل تراجع نفوذ الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.
وأكدت المؤسسة أن الأممالمتحدة أخفقت في فرض قراراتها الدولية، خصوصًا المتعلقة بحظر الأسلحة ومراقبة الموانئ، بينما استفادت مليشيا الحوثي من الثغرات الأممية لتعزيز ترسانتها العسكرية، وفرض سيطرتها على الحديدة والمساعدات الإنسانية، ما أدى إلى إطالة أمد الصراع وتعقيد جهود الحل السياسي.
ذكر التقرير أن اتفاق ستوكهولم الموقّع برعاية أممية عام 2018 أوقف تقدم القوات الحكومية نحو الحديدة، ومكّن - في المقابل- مليشيا الحوثي من تثبيت سيطرتها على الميناء الاستراتيجي، وحرمان الدولة من استعادته، ما ساعد المليشيا على استغلاله في التمويل وتهريب السلاح وإدارة العمليات العسكرية.
وأوضح أن سيطرة الحوثيين على ميناء الحديدة وموانئ أخرى مثل رأس عيسى والصليف وفرت لهم مليارات الدولارات من عائدات الجمارك والوقود، بينما ظل موظفو القطاع العام دون رواتب، فيما ذهبت الأموال لتمويل أنشطتهم العسكرية وتثبيت حضورهم في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
كشف التقرير أن آلية التحقق والتفتيش الأممية (UNVIM) التي أُنشئت عام 2016 للتأكد من تنفيذ حظر الأسلحة المفروض على الحوثيين عانت من ثغرات كبيرة، أبرزها اعتمادها على التفتيش الطوعي دون صلاحيات لاعتراض السفن، ما أتاح تهريب الأسلحة والوقود إلى الموانئ الحوثية.
وأشار إلى أن تقارير بريطانية أكدت تصاعد تجاوز السفن لآلية الرقابة الأممية عام 2024، مما سمح بدخول شحنات غير خاضعة للتفتيش، بينما واصلت إيران تزويد الحوثيين بالأسلحة، وهو ما ظهر في أنظمة عسكرية تم نشرها ميدانيًا أو جرى اعتراضها خارج إطار الرقابة الأممية.
المساعدات ودعم أنشطة الحوثيين
أوضحت المؤسسة أن الأممالمتحدة لم تكتف بالسكوت على ممارسات الحوثيين، بل ساهمت بشكل غير مباشر في دعمهم عبر تمويل إصلاحات للموانئ التي يسيطرون عليها، في حين استحوذت المليشيا على مليارات من عائدات المساعدات وحوّلتها إلى أنشطة عسكرية وسياسية خاصة بها.
وبيّن التقرير أن الحوثيين سرقوا ما يقارب ثلث المساعدات المقدرة بنحو 30 مليار دولار خلال عقد، كما احتكروا قوائم المستفيدين وأجبروا المنظمات على العمل مع موالين لهم، فيما نادرًا ما واجهت الأممالمتحدة هذه الانتهاكات خشية فقدان وصولها إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا.
ذكرت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات أن رفض الأممالمتحدة نقل مقرها من العاصمة صنعاء الخاضعة للحوثيين إلى العاصمة المؤقتة في عدن مكّن المليشيا من استغلال المساعدات الإنسانية، والتحكم بمسارها، وفرض رسوم، بينما ظل موظفو المنظمة معرضين لمخاطر مباشرة بسبب وجودهم في مناطق الخطر.
وأشارت إلى أن استمرار الاعتماد على ميناء الحديدة، الذي يسيطر عليه الحوثيون، جعل 80% من المساعدات تمر عبر منافذهم، ما وفر لهم موارد مالية لدعم أنشطتهم الإرهابية. ورغم ضغط المانحين، رفضت الأممالمتحدة النظر بجدية في مقترحات الحكومة اليمنية لتوزيع المساعدات عبر الموانئ الجنوبية لحماية الموظفين والمساعدات.
لفت التقرير الأميركي إلى أن الحوثيين يحتجزون العدد الأكبر من موظفي الأممالمتحدة على مستوى العالم، حيث وصل عدد المعتقلين إلى أكثر من 40 موظفًا، معظمهم يمنيون لم يحظوا بالاهتمام الكافي، بينما أُفرج عن موظف أجنبي بعد أيام فقط من اختطافه.
وأشار إلى أن الأممالمتحدة اكتفت ببيانات ضعيفة لم تُسمّ مليشيا الحوثي في بعض الأحيان، ولم تمارس أي ضغط فعّال للإفراج عن موظفيها، ما أظهر عجزها أمام المليشيا، وأفقدها هيبتها كمؤسسة دولية مطالبة بحماية موظفيها وتطبيق قراراتها على الأرض.
العملية السياسية ومنح الشرعية
أكد التقرير أن العملية السياسية التي تقودها الأممالمتحدة لم تحقق أي تقدم ملموس، بل منحت الحوثيين شرعية إضافية من خلال اللقاءات المتكررة مع قياداتهم في مسقط، مقابل ضعف في الضغط عليهم، ورفض واضح لأي عمل عسكري قد يغير موازين القوى.
وختمت المؤسسة بالقول إن الأممالمتحدة، بسلوكها الحالي، تُطيل من عمر الحرب وتتيح للحوثيين توسيع نفوذهم في اليمن، محذرة من أن استمرار هذا النهج سيضاعف معاناة الشعب اليمني، ويهدد الأمن الإقليمي والملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب.