يتطلع اليمنيون قيادةَ وشعباً نحو مؤتمر المانحين في نيويورك بتفاؤل كبير بعد نجاح مؤتمر الرياض، وتعلق الاوساط الشعبية آمالاً كبيرة على نتائج المؤتمر وما سيترتب عنه من مخرجات تعزز الامن والاستقرار وتدعم التحول السياسي بما في ذلك الحوار الوطني والانتخابات والإصلاحات الدستورية وتدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما أكده استطلاع للرأي العام نفذه المركز قبيل انعقاد مؤتمر أصدقاء اليمن في الرياض 22 مايو 2012م، اذ بلغ منسوب التفاؤل 90%. وأوضح البيان ان المجتمع الدولي بات يدرك ان مشكلة اليمن لا تقتصر على حاجته إلى المساعدات الخارجية، بل في ضعف او عدم قدرته على استيعاب تلك المساعدات في تمويل خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، اذ كشفت نتائج دراسة اقتصادية اعدها مركز بحوث التنمية الاقتصادية والاجتماعية بعنوان " نحو استغلال امثل للمساعدات الخارجية"- ابريل 2012م، ان اليمن لم تستوعب سوى 5.6% من اجمالي تعهدات المانحين البالغة 5.5 مليار دولار.
وحذر البيان الصادر عن المركز من خطورة وتداعيات تكرار اخطاء مؤتمر المانحين في لندن 2006م، اذ لم ينسى اليمنيين مرارة الالم جراء فشل الحكومات المتعاقبة في ظل النظام السابق استيعاب المنح والمساعدات الخارجية والوطن والمواطن في امس الحاجة لها، كما لا يزالون اليمنيون يتذكرون مرارة الالم جراء تراجع طموحاتهم وآمالهم من الشراكة الحقيقية الفاعلة في صناعة القرار الاقليمي والدولي الى المتلقي السلبي.
واستشهد البيان بتصريح صحفي لوزير خارجية بريطانيا السابق مع وزير خارجية اليمن الدكتور أبوبكر القربي ووزيرة خارجية الولاياتالمتحدة هيلاري كلينتون عقب لقاء لندن المنعقد أواخر يناير 2010م، والذي قال فيه أن هذا اللقاء لم يتطرق إلى أي دعم اقتصادي لليمن كون المبالغ التي تم التعهد بها في مؤتمر المانحين بلندن 2006م لم يُستوعب منها حتى مطلع 2010م إلا ما نسبته 10% فقط.
وتصريح آخر لوزير الخارجية الكويتي محمد الصباح ل "الشرق الأوسط" وقال الصباح تعليقاً على سبب التأخير "هناك قدرة محدودة على الاستيعاب في الاقتصاد اليمني، وأن القضية ليست سياسية بل فنية ونحن اتخذنا قرارا في دول مجلس التعاون بتجاوز القضية السياسية".
وتساءل البيان هل قامت حكومة الوفاق بدورها وتم معالجة وازالة تلك الاسباب السياسية والفنية؟ واشاد البيان بالخطوات التي قام بها الرئيس هادي بمعالجة وتخطي بعض الاسباب السياسية المتعلقة بآلية تنفيذ المبادرة الخليجية والتي كانت سبباً في تاجيل مؤتمر الرياض واصدار مجموعة من القرارات في طريق إعادة هيكلة الجيش والامن، ثم أصدر مجموعة اخرى من القرارات بتشكيل لجنة الاتصال الرئاسية ومن ثم اللجنة التحضيرية للتهيئة للحوار الوطني، ثم اصدر قرارات بتشكيل اللجنة الفنية للحوار الوطني. ويمكن القول ان تلك الخطوات والقرارات المتخذة هي بمثابة رسائل طمأنة للمانحين والمجتمع الدولي تؤكد جدية وصدق الرئيس هادي وتعتبر مؤشرات جيدة لقياس مدى التقدم في العملية السياسية من وجهة نظر المانحين، وعليه تم انعقاد مؤتمر المانحين في موعده 4-5 سبتمبر 2012م.
وبعد انعقاد مؤتمر الرياض وعقب حادثة محاولة اغتيال وزير الدفاع بتاريخ 11/9/2012م، وتوج هادي باصدار القرارات الاخيرة بتغيير رئيس جهاز الامن القومي ومدير مكتب الرئاسة ومدير عام رئاسة الجمهورية وخمسة محافظين، وهي الاخرى حظيت بدعم وتأييد محلي ودولي كبير وبالتاكيد ستدفع بالعملية السياسية الى الامام وسيكون لها الاثر الايجابي في زيادة المساعدات الدولية المزمع تقديمها في نيويورك 27 سبتمبر 2012م.
واشار البيان الى حجم الصعوبات والمعوقات التي تواجهها حكومة الوفاق الا انه لا ينبغي اعفاء الحكومة من تبني سياسات اقتصادية واجتماعية وحقوقية ملائمة للمتغيرات الراهنة من خلال الاشراك الفاعل للقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والمانحين وتعزيز المشاركة المجتمعية واعطاء دور اكبر للسلطات المحلية في رسم السياسات والخطط التنموية، واستعادة ثقة المواطن والمانحين التي فقدت في ظل الحكومات السابقة، واستغرب البيان من تقديم الحكومة خطة بهذا المستوى "البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية 2012-2014" دون احتوائها على مؤشرات يمكن الاعتماد عليها لقياس الأداء والتنفيذ، بالاضافة الى فقدانها آليات للتقييم والرقابة على صرف المنح لتعزيز الثقة لدى المانحين.
وشدد البيان على انه يجب على الحكومة استغلال فرصة تعاطف واتفاق المجتمع الدولي غير المسبوق بشأن اليمن، واشار الى انه من غير المعقول ان يقدم المانحين المبالغ الضخمة لتنفيذ البرنامج المرحلي حتى وان تم التعهد بها دون وجود آليات تقييمية ورقابية واضحة تضمن حسن تصريفها وانفاقها واستغلالها بشكل امثل، وهذا يجعلنا نضع اكثر من علامة استفهام و يثير شكوك المانحين ويزيد مخاوفهم ويؤدي الى تشديد الشروط وفرض القيود اللازمة والروتين الاداري من قبل المانحين في صرف المساعدات والمنح الى درجة التعقيد. وندد البيان في عدم تمثيل السلطات المحلية في مؤتمر المانحين في الرياض وهي المعنية بتنفيذ السياسات والبرامج والرقابة عليها.
يجب حالياً بذل اقصى درجة من الحكمة والكفاءة والفاعلية لاستيعاب واستغلال تلك المنح والمساعدات للوصول الى مرحلة النمو الذاتي للاقتصاد وانشاء نظام اقتصادي بعيداً عن التبعية والاقتصادية للخارج ترتكز عليه في تحقيق الاستقلال السياسي.
وحث المركز على ضرورة اشراك الخبرات والكوادر الاقتصادية المحلية حتى لا تتكرر نفس الاخطاء السابقة، وشدد على عدم تجاهل الكفاءات والقدرات الوطنية.