منذ انطلاق ثورة الشباب وحتى الوقت الحالي، دأبت وسائل الإعلام التابعة للمخلوع صالح وأيضا الموالية له على نشر أخبار مفبركة وكاذبة تهدف إلى تشويه ثورة الشباب وتشويه الأحزاب السياسية والشخصيات الاجتماعية والقيادات العسكرية المناصرة للثورة، وهذه الظاهرة تعرف سياسيا ب"الدعاية السوداء"، وهي أحد أنواع الدعاية السياسية، وسميت بهذا الاسم لأنها تتخذ من الشائعات والأكاذيب سلاحا لها بهدف زعزعة الروح المعنوية للخصم، سواء في المعارك بين الدول أو المعارك بين الأفراد أو التيارات السياسية، ويكثر استخدام هذا الأسلوب في الدعاية في أوقات الحروب والأزمات بين الدول والأفراد، وهذه الدعاية أحيانا لا تكشف عن مصادرها الحقيقية، وتهدف إلى إشاعة الفتن والتشويش على الرأي العام. بدأت هذه الدعاية في بلادنا بشكل مكثف منذ بداية الثورة، حيث عمد المخلوع صالح ونظامه وأجهزته الإعلامية، وأيضا الإعلام الرسمي الذي كان مواليا له، إلى محاولة تشويه ثورة الشباب وأيضا تشويه أحزاب المشترك من خلال اتهامها بسرقة الثورة وتفجير أنابيب النفط وخطوط نقل الطاقة الكهربائية، وذلك بغرض إجهاض الثورة وتشويه صورة القوى المناصرة لها. ومنذ الشهر الثالث لثورة الشباب، ركزت الدعاية السوداء على محاولة اختلاق معارك وهمية بين حزب الإصلاح والحوثيين في محافظات صعدة والجوف وحجة، في محاولة منها لإشعال معارك طائفية تربك ثورة الشباب من جهة، ومحاولة إضعاف حزب الإصلاح وتشويه سمعته وشيطنته من جهة أخرى. هذه المعارك الوهمية وجدت لها صدىً واسعا في صفوف القوى المناهضة لثورة الشباب، التي ركزت في وسائل إعلامها على المبالغة من مجريات هذه الحرب (الوهمية)، واستساغت ذلك لدرجة أنها أصبحت تصدق نفسها بأن هناك فعلا حربا بين حزب الإصلاح والحوثيين، لكن هذه المعارك الوهمية انتهت مؤخرا فجأة وبدون سابق إنذار، ولم تعد وسائل الإعلام هذه تتحدث عن تلك الحرب الوهمية، بعد أن أدركت بأنه بات من الواضح لدى الجميع بأن ذلك أكذوبة لا يمكن أن تنطلي على أحد، فحبل الكذب -كما يقال- دائما قصير. والحكاية باختصار هي أن المخلوع صالح وعائلته تحالفوا مع الحوثيين بهدف ضرب ثورة الشباب من الداخل، خاصة وأن الحوثيين أعلنوا في بداية الثورة مناصرتهم لها وانخراطهم فيها بشكل سلمي، وكانوا ينظمون المظاهرات الحاشدة كل يوم جمعة في مدينة صعدة بدون حمل السلاح، الأمر الذي أسهم في تحسين صورتهم في بداية الثورة، لكن سرعان ما تلاشت هذه الصورة المحسنة بعد أن لجأ الحوثيون إلى السلاح وحاولوا التوسع في المحافظات المجاورة لمحافظة صعدة، ثم محاصرة طلاب العلم في مركز دماج العلمي الواقع في محافظة صعدة ذاتها، وارتكبوا أبشع الجرائم ضد المواطنين في محافظات صعدة وحجة وعمران، وكل ذلك من أجل التوسع ونشر مذهبهم بقوة السلاح. أما المعارك التي خاضها الحوثيون في محافظات الجوف وحجة بغرض السيطرة والتوسع، فهي لم تكن بينهم وبين حزب الإصلاح، وإنما كانت بينهم وبين سكان هذه المناطق من رجال القبائل الذين هبوا للدفاع عن مناطقهم ووضع حد لمحاولة الحوثيين السيطرة عليها. لكن الآلة الإعلامية للدعاية السوداء قامت بتنسيب كل سكان هذه المناطق إلى حزب الإصلاح ومن ثم الترويج لحرب بين حزب الإصلاح والحوثيين، رغم أن هذه المناطق من أقل المناطق تصويتا لمرشحي حزب الإصلاح في كل الدورات الانتخابية السابقة. ومن محاولات إنهاك ثورة الشباب بمعارك جانبية، تلك المعركة التي افتعلها المخلوع صالح وعائلته مع أبناء الشيخ عبدالله الأحمر في منطقة الحصبة بأمانة العاصمة، في محاولة منهم لإيهام الداخل والخارج بأن الأحداث التي تشهدها البلاد ليست ثورة شعبية سلمية، ولكنها حرب من أجل السلطة بين طرفين ينتمي كل منهما إلى قبيلة حاشد، وأن الاعتصامات والمظاهرات السلمية ليست سوى أعراض طارئة لهذه الحرب، وركزت وسائل الإعلام التي تنشر الدعاية السوداء على مجريات هذه الحرب بشكل يسيء إلى ثورة الشباب، وإلى القوى القبلية والشخصيات الاجتماعية المناصرة لها. وطوال العامين الماضيين، ظلت الآلة الإعلامية التابعة للمخلوع صالح وتلك الموالية له وتحظى بدعمه، تواصل نشر أخبار ومقالات تهدف إلى الإساءة لثورة الشباب، من قبيل أن أحزاب المشترك ركبت موجة الثورة مما أدى إلى إجهاضها، ويستدلون على ذلك بتوقيع أحزاب المشترك على المبادرة الخليجية، وذلك بهدف الإيقاع بين شباب الثورة وأحزاب المشترك، رغم أن الغالبية العظمى من شباب الثورة هم من قواعد وأيضا قيادات وأبناء قيادات أحزاب المشترك. كما حاولت وسائل إعلام الدعاية السوداء الإيقاع بين أحزاب المشترك ذاتها، من خلال نشر أخبار ومقالات تفيد بأن الحزب الفلاني سيطر على الثورة، أو أن التيار الفلاني هو من دشن الثورة ثم جاء التيار الفلاني وسيطر عليها. ومن أهداف وسائل إعلام الدعاية السوداء، التغطية على بعض مجريات الأحداث واختلاق أحداث وهمية مناقضة بهدف تضليل الرأي العام والتشويش على بعض الحقائق، وهذا ما يمكن ملاحظته مؤخرا من تعمد بعض هذه الوسائل نشر أخبار تفيد بأن اللواء علي محسن الأحمر متمرد على قرارات الرئيس هادي الأخيرة الرامية إلى هيكلة الجيش، ورغم نفي اللواء الأحمر لهذه الأخبار، ثم نفي الرئاسة لها، إلا أن وسائل إعلام الدعاية السوداء مازالت تواصل أخبارها المفبركة، ربما القصد منها تلميع صورة أحمد علي، نجل المخلوع صالح، بأنه غير متمرد على قرارات الرئيس هادي، وفي نفس الوقت، تشويه سمعة اللواء علي محسن الأحمر، من خلال إظهاره بمظهر المتمرد على قرارات الرئيس هادي والشرعية الدستورية. ولا ندري ما هو جديد الدعاية السوداء في الأيام القادمة، لكن المؤكد هو أن هذه الظاهرة ستظل مستمرة مادام المخلوع صالح وعائلته موجودون داخل الوطن ويواصلون (بلطجتهم) السياسية والإعلامية، الهادفة إلى تشويه ثورة الشباب، وتشويه سمعة مختلف القوى المناصرة لها، والاستمرار في تمويل وسائل الإعلام المختلفة الموالية لهم من أجل أن تستمر في مواصلة الدعاية السوداء.