بيان صادر عن القيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة المهرة    السلطان عبدالله آل عفرار يدعو أبناء المهرة لوحدة الصف    عن المناطقية التي يراد لها أن تسود في تعز    27 شهيدا و180 مصابا برصاص العدو الصهيوني قرب مركز مساعدات رفح    اندلاع حريق في سوق الحجاز القديم بعدن    غوتيريش يدين هجمات البحر الأحمر ويجدد التزام الأمم المتحدة بالتهدئة في اليمن    هاتف "إيكو نيو 10" الصيني.. هل يعيد تعريف معايير الفلاغشيب؟    اليوم بعدن.. انطلاق الجولة الأولى من الحملة الوطنية الطارئة للتحصين ضد مرض شلل الأطفال    بيان نقابي صادر عن نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين بساحل حضرموت    اللواء بن بريك يُعزّي في وفاة المناضل العميد محمد بن محمد عسكر    تدشين الحملة الوطنية للتحصين ضد شلل الأطفال في مديرية المحفد بأبين    الريال يلفظ أنفاسه الأخيرة في عدن    جمود في مفاوضات غزة... محور موراغ وعقدة الأسرى يعرقلان الاتفاق    - صاعقة تضرب منزلًا في عمران وتحذيرات لسكان الأرياف من مخاطر البرق*     البرلمان البريطاني يمنع الرئيس ترامب من إلقاء خطاب تحت قبته    "إشهار الإفلاس" من قبل "عمائم على بهائم،.. فسبحان الحي الدايم"    ب 287 مليونا.. «ثاندر» يمدد عقد وليامس    أسقطوه من ذاكرتهم.. فعاد ليصبح في كل العناوين    قمة أوروبية في نهائي مونديال الأندية    جيسوس ثامن برتغالي يدير دفة النصر السعودي    الترب: علينا مراجعة ما يجري والعمل من أجل اليمن واستقراره    الإمارات تنهب ذهب حضرموت بحماية الانتقالي    الضالع.. عناصر أمنية تعبث بموقع أثري وتطلق النار على فريق من مكتب الآثار بالمحافظة وتمنعه من الدخول    في المهرة.. أين يتموضع رشاد العليمي؟    الكشف عن خطاب سري يمنع الإعلام من تناول دور الجيش البريطاني في غزة!    القبض على عنصرين متورطين في 3 تفجيرات بعدن    عدن والجنوب: هدوء زائف ينذر بانفجار لا سلمي    "الأيروجيل".. إسفنجة شمسية تحول ماء البحر إلى عذب من دون طاقة    ثمن باهض وفشل عظيم مقابل نص راتب شهري!!    مات كما يموت الطيبون في هذا البلد..!    ثلاثة أيام بين القهر والانفجار .. صرخة من صعدة تهز ضمير العقلاء    ماذا يحدث في عدن وهل سيتم الغائها    - أزمة المياه بتعز تشتعل مع أصحاب محطات التحلية تجارالعطش الذين يهددون بإفشال مبادرة الشيباني الذي وعد بتوزيع 10ملايين لتر ..لكنه تجار العطش يمنعون اقرأ التفاصيل في موقع الأوراق برس    ستلاحقه اللعنات.. بن ماضي يتحمل مسؤولية جريمة هدم جسر المكلا    إنقاذ 12 شخصا من الغرق في سواحل المكلا    الفيفا يحدد ملعب نهائي مونديال 2030    ريال مدريد يحسم صفقة كاريراس    انهيار كارثي ..الدولار في عدن 2872 ريال    مصر تعلن اكتشاف ذهب وفضة في الصحراء    اليابان تطور أول رحم اصطناعي كامل.. نحو مستقبل بلا حمل ولا ولادة تقليدية    العثور على نوع جديد من الديناصورات    رسميا.. توتنهام يتعاقد مع الغاني محمد قدوس    العثور على كنز أثري مذهل يكشف أسرار ملوك مصر قبل الأهرامات    عن بُعد..!    الكتابة والذكاء الاصطناعي    آلام الظهر أزمة عصرية شائعة.. متى تحتاج للطبيب؟    صنعاء.. تحديد موعد إعلان نتائج الثانوية العامة    الدولار يتخطى 2830 ريالاً والبنك المركزي يناقش مع البنوك إعادة هيكلة الشبكة الموحدة    - الممثل اليمني اليوتيوبر بلال العريف يتحوّل إلى عامل بناء في البلاط اقرأ السبب ؟    سان جيرمان يلقن ريال مدريد درسا ويتأهل لنهائي كأس العالم للأندية    تحذيرات أممية: أزمة الغذاء في اليمن تتفاقم وسط نقص حاد في المساعدات    يهودي من أبوين يهوديين.. من هو الخليفة أبو بكر البغدادي؟    خبير: البشرية على وشك إنتاج دم صناعي    العلاج بالحجامة.. ما بين العلم والطب والدين    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غربة الأحرار
نشر في الصحوة نت يوم 10 - 04 - 2013

الغنى في الغربة وطن ، قالها " أرسطاليس" قديماً مختزلاً أهم بواعث الاغتراب.
لا مقام حيث يقيم الفقر ولا وطن حيث تستوطن الفاقة، الفقر منفى والأرض الفقيرة منفى ودار اغتراب وعذاب ، إن أشد أنواع الغربة ، الغربة الداخلية اغتراب الإنسان داخل وطنه ، غربته بين أهله ، وحشته وسط مجتمعه.
تغدو الأوطان منافي حين تضيق سبُل العيش وتتلاشى فرص العمل والكسب ، حين تنعدم إمكانية العيش الكريم ، حين تتقلص الخيارات وتذوي الأحلام والآمال تغدو الأوطان منافي أكثر قسوة حين تصير بيئات طاردة أسهل ما فيها الموت وأصعب ما فيها الحياة.
أدرك العربي القديم بفطرته السليمة الحرة أهمية عدم الرضوخ للخيارات القاهرة ، أدرك أهمية النظر دائماً صوب الفضاءات المفتوحة حين ينسد الأفق وتنعدم إمكانيات الحياة.
"وفي الأرض منأىً للكريم عن الأذى . . . وفيها لمن خاف القَلى مُتعزلُ
بحسب الشنفرى وهو واحد من الصعاليك العرب الأحرار ، الوجوديين الأوائل الذين أغنوا خطاب الخروج على المواضعات السالبة للحرية والكرامة منذ القدم ، ويحتفل شعرهم بالرحيل والانفلات والتطواف ورفض العيش في أسْر الضعة وقيد الحاجة ، وقد كان لهم في اليمن امتدادات وأسماء لامعة في عوالم الصعلكة بمعناها الشريف والنبيل المتوارث على رأسهم فارسُ همدان وشاعرها الكبير عمرو ابن براقة الهمداني وسواه من المشاهير الذين يمثلون الروح اليمنية النافرة الشرود المتأبية على الخضوع للمذلة والرضوخ للهوان.
لهؤلاء خطاب فلسفي متقدم حول الحرية والمال وعلاقة الإنسان بالإنسان ومفهوم الوطن الحر الذي تتوفر فيه إمكانات الوجود والتحقق.
جاء القران الكريم في أكثر من موضع ليؤكد في تساوق لافت على كثير من قيم الفطرة التي ألح على تأكيدها هؤلاء الذين مازالت تطاردهم الفهوم القاصرة حتى اليوم قيم الفطرة الإنسانية المجبولةِ على حب الحرية ونُشدان عيش الأحرار والتأبي على اشتراطات القهر والفقر والعبودية ، هذه القيم.
في بيت الشنفرى السالف يلفت النظر إلى الأرض المبسوطة أمام الكريم في حال خاف القلى والهجران والخذلان ويأتي القران ليؤكد هذا المعنى بالضبط ، حيث نجد الأرض خياراً فسيحاً أمام كل من ضاقت بهم الخيارات
" ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها " كما قال المولى عز وجل ويحفل القران الكريم بإشارات مماثلة عديدة في أكثر من موضع تعزز هذا النزوع الحر الأصيل.

تعلمنا أخلاق الحرية أن لا نرهن أنفسنا لخيار وحيد قد يكلفنا كراماتنا وتنازلنا عن إنسانيتنا وأهم مقومات وموجبات الوجود.
ثمة فرصُ كثيرةً في انتظارنا فقط علينا أن نركض باتجاهها وأن نتهيأ لالتقاطها
ورغم آلام الغربة وأشجانها لا يسع المرء إلا أن يغامر أحياناً مستعذباً العذاب في سبيل بقائه حراً عزيزاً موفور الكرامة ، تهون الغربة وتهون أحزانها ما دامت في سبيل المقام العزيز كما في جواب أبي الصعاليك عروة ابن الورد لامرأته وهي تلح عليه بالقعود بين أهله خائفة من تعرضه للهلكة "لعمرك إني للمقام أُطوِفُ " هكذا يفلسف عروة خروجه بكلمات لم تفقدها الأيام معناه العميق.
أحياناً قد لا تكون الغربةُ في تطلب الغنى المادي فثمة غربة في سبيل الغنى المعنوي، ثمة غربة من أجل العلم والبحث والدراسة وأخرى من اجل السياحة بحثاً عن الجديد وتجاوزاً للرتابة ، قد تكون سفراً للقلب والعقل نحو عوالم أكثر ثراءً وخصباً تعود على الروح والجسد بالكثير مما لا توفره الحياة الراكدة.
ولقد قال الشاعر صادقاً :
"رأيت بقاء المرء في الحي مخُلِقاً لديباجتيه فاغترب تتجددِ
اليمن بلد الهجرات مذ كانت ، تاريخها أسفارٌ ممتدةٌ ، لها في كل العوالم معالم ، ولها في كل أفق مُقام ، مازال اليمني مواطنا عالمياً بامتياز " جواب عصور وآفاق " ، موطنه الأرض كل الأرض ولد مجنحاً رحباً مشدوداً إلى كل سماء بعيدة "كثير الهوى شتى النوى والمسالك" عصيا على القيود والحدود لا يعرف التقوقع والانكفاء " كثير الهوى شتى النوى والمسالكِ" ، "موكلاً بفضاء الله يذرعه " .
" ما آب من سفر إلا وأزعجه شوقٌ إلى سفرِ"
هو اليمني ، فضيلته السفر ، الاغتراب جزء أصيل من تكوينه وشخصيته ، مركبه الريح ، ووجهته حيث تجد الروح راحتها الحقة.
ما زال مقيما في السفر ذاهباً أبداً باتجاه قلبه في رحلة بحث خالدةٍ عن الكرامة وحياة العزة والرفعة عرفته الأزمنة والأمكنة أمزاناً هاطلةً على كل سماء وأنهاراً تتدفق في قلبِ الأوطان و" بذاراً لا تموت ولا تخلفُ عهود الخصب ووعود النماء ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.