سلسلة غارات على صنعاء وعمران    العليمي يشيد بجهود واشنطن في حظر الأسلحة الإيرانية ويتطلع الى مضاعفة الدعم الاقتصادي    إسرائيل تشن غارات على مطار صنعاء وتعلن "تعطيله بالكامل"    اسعار المشتقات النفطية في اليمن الثلاثاء – 06 مايو/آيار 2025    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 6 مايو/آيار2025    ايران تدين العدوان الصهيوني على اليمن    صحيفة إسرائيلية: "أنصار الله" استخدمت صاروخ متطور لاستهداف مطار بن غوريون يتفادى الرادار ويتجاوز سرعة الصوت    بعد 8 أشهر ستدخل المحطة الشمسية الإماراتية الخدمة    توقعات باستمرار الهطول المطري على اغلب المحافظات وتحذيرات من البرد والرياح الهابطة والصواعق    تسجيل اربع هزات ارضية خلال يومين من خليج عدن    ريال مدريد يقدم عرضا رمزيا لضم نجم ليفربول    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    تحديد موعد نهاية مدرب الريال    أكسيوس: ترامب غير مهتم بغزة خلال زيارته الخليجية    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    الامارات العربية تضمّد جراح عدن وتنير ظلامها    تغيير رئيس الحكومة دون تغيير الوزراء: هل هو حل أم استمرارية للفشل؟    ودافة يا بن بريك    إيران تكشف عن حجم الخسائر الأولية لانفجار ميناء رجائي    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    أعنف هجوم إسرائيلي على اليمن يدمر ميناء الحديدة    قرار رقم 1 للعولقي بإيقاف فروع مصلحة الأراضي (وثيقة)    الحذر من استغلال العليمي مبررات (إصلاح الخدمات) في ضرب خصومه وأبرزهم الانتقالي    بعد فشل إطلاقه.. صاروخ حوثي يسقط بالقرب من مناطق سكنية في إب    "مسام" ينتزع أكثر من 1800 لغم حوثي خلال أسبوع    عشرات الغارات استهدفت ثلاث محافظات    شركة النفط توضح حول تفعيل خطة الطوارئ وطريقة توزيع البنزين    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    الزعوري يبحث مع الأمم المتحدة تعزيز حماية وتمكين المرأة في اليمن    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    مرض الفشل الكلوي (3)    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غربة الأحرار
نشر في نشوان نيوز يوم 09 - 04 - 2013

الغنى في الغربة وطن ، قالها " أرسطاليس" قديماً مختزلاً أهم بواعث الاغتراب.
لا مقام حيث يقيم الفقر ولا وطن حيث تستوطن الفاقة، الفقر منفى والأرض الفقيرة منفى ودار اغتراب وعذاب ، إن أشد أنواع الغربة ، الغربة الداخلية اغتراب الإنسان داخل وطنه ، غربته بين أهله ، وحشته وسط مجتمعه.
تغدو الأوطان منافي حين تضيق سبُل العيش وتتلاشى فرص العمل والكسب ، حين تنعدم إمكانية العيش الكريم ، حين تتقلص الخيارات وتذوي الأحلام والآمال تغدو الأوطان منافي أكثر قسوة حين تصير بيئات طاردة أسهل ما فيها الموت وأصعب ما فيها الحياة.
أدرك العربي القديم بفطرته السليمة الحرة أهمية عدم الرضوخ للخيارات القاهرة ، أدرك أهمية النظر دائماً صوب الفضاءات المفتوحة حين ينسد الأفق وتنعدم إمكانيات الحياة.
"وفي الأرض منأىً للكريم عن الأذى . . . وفيها لمن خاف القَلى مُتعزلُ
بحسب الشنفرى وهو واحد من الصعاليك العرب الأحرار ، الوجوديين الأوائل الذين أغنوا خطاب الخروج على المواضعات السالبة للحرية والكرامة منذ القدم ، ويحتفل شعرهم بالرحيل والانفلات والتطواف ورفض العيش في أسْر الضعة وقيد الحاجة ، وقد كان لهم في اليمن امتدادات وأسماء لامعة في عوالم الصعلكة بمعناها الشريف والنبيل المتوارث على رأسهم فارسُ همدان وشاعرها الكبير عمرو ابن براقة الهمداني وسواه من المشاهير الذين يمثلون الروح اليمنية النافرة الشرود المتأبية على الخضوع للمذلة والرضوخ للهوان.
لهؤلاء خطاب فلسفي متقدم حول الحرية والمال وعلاقة الإنسان بالإنسان ومفهوم الوطن الحر الذي تتوفر فيه إمكانات الوجود والتحقق.
جاء القران الكريم في أكثر من موضع ليؤكد في تساوق لافت على كثير من قيم الفطرة التي ألح على تأكيدها هؤلاء الذين مازالت تطاردهم الفهوم القاصرة حتى اليوم قيم الفطرة الإنسانية المجبولةِ على حب الحرية ونُشدان عيش الأحرار والتأبي على اشتراطات القهر والفقر والعبودية ، هذه القيم.
في بيت الشنفرى السالف يلفت النظر إلى الأرض المبسوطة أمام الكريم في حال خاف القلى والهجران والخذلان ويأتي القران ليؤكد هذا المعنى بالضبط ، حيث نجد الأرض خياراً فسيحاً أمام كل من ضاقت بهم الخيارات..
" ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها " كما قال المولى عز وجل ويحفل القران الكريم بإشارات مماثلة عديدة في أكثر من موضع تعزز هذا النزوع الحر الأصيل.
تعلمنا أخلاق الحرية أن لا نرهن أنفسنا لخيار وحيد قد يكلفنا كراماتنا وتنازلنا عن إنسانيتنا وأهم مقومات وموجبات الوجود.
ثمة فرصُ كثيرةً في انتظارنا فقط علينا أن نركض باتجاهها وأن نتهيأ لالتقاطها
ورغم آلام الغربة وأشجانها لا يسع المرء إلا أن يغامر أحياناً مستعذباً العذاب في سبيل بقائه حراً عزيزاً موفور الكرامة ، تهون الغربة وتهون أحزانها ما دامت في سبيل المقام العزيز كما في جواب أبي الصعاليك عروة ابن الورد لامرأته وهي تلح عليه بالقعود بين أهله خائفة من تعرضه للهلكة "لعمرك إني للمقام أُطوِفُ " هكذا يفلسف عروة خروجه بكلمات لم تفقدها الأيام معناه العميق.
أحياناً قد لا تكون الغربةُ في تطلب الغنى المادي فثمة غربة في سبيل الغنى المعنوي، ثمة غربة من أجل العلم والبحث والدراسة وأخرى من اجل السياحة بحثاً عن الجديد وتجاوزاً للرتابة ، قد تكون سفراً للقلب والعقل نحو عوالم أكثر ثراءً وخصباً تعود على الروح والجسد بالكثير مما لا توفره الحياة الراكدة.
ولقد قال الشاعر صادقاً :
"رأيت بقاء المرء في الحي مخُلِقاً لديباجتيه فاغترب تتجددِ
اليمن بلد الهجرات مذ كانت ، تاريخها أسفارٌ ممتدةٌ ، لها في كل العوالم معالم ، ولها في كل أفق مُقام ، مازال اليمني مواطنا عالمياً بامتياز " جواب عصور وآفاق " ، موطنه الأرض كل الأرض ولد مجنحاً رحباً مشدوداً إلى كل سماء بعيدة "كثير الهوى شتى النوى والمسالك" عصيا على القيود والحدود لا يعرف التقوقع والانكفاء " كثير الهوى شتى النوى والمسالكِ" ، "موكلاً بفضاء الله يذرعه " .
" ما آب من سفر إلا وأزعجه شوقٌ إلى سفرِ"
هو اليمني ، فضيلته السفر ، الاغتراب جزء أصيل من تكوينه وشخصيته ، مركبه الريح ، ووجهته حيث تجد الروح راحتها الحقة.
ما زال مقيما في السفر ذاهباً أبداً باتجاه قلبه في رحلة بحث خالدةٍ عن الكرامة وحياة العزة والرفعة عرفته الأزمنة والأمكنة أمزاناً هاطلةً على كل سماء وأنهاراً تتدفق في قلبِ الأوطان و" بذاراً لا تموت ولا تخلفُ عهود الخصب ووعود النماء ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.