أثبتت الأوراق المقدمة من أحزاب المشترك: الاشتراكي، الناصري، الإصلاح، ومعهم حزب الرشاد، كيف أن المشترك فعلا مشروع وطني ثقافي يمثل وجه اليمن الحضاري، لقد قدم كل حزب ورقته الخاصة به لكنها كانت بنفس المشترك الوطني، لقد فرح اليمنيون بهذا التناغم في الأساسيات، والهوية الجامعة، وغياب الأيدلوجيات المتعصبة، وغروب الانهزام الحضاري، حيث أصبحت من الماضي، وجزء من التجربة المريرة التي تجاوزناها، فاليمن هي وطن يمني عربي إسلامي منفتح على كل الحضارات والتجارب، بهذه الأبعاد العميقة والفهم الرصين للعروبة والإسلام كدين عالمي ورسالة للعدالة والحرية والمواطنة المتساوية... لنعلن انطلاق التنافس المعطاء للبرامج السياسية أمام شعبنا باعتبار الحزبية وسائل وليست غايات أو أوطان وأيدلوجيات متصلبة وعوائق. الإسلام عقيدة وشريعة ومرجعية التشريعات ..هل كان البعض ينتظر أن يخرج المواطن اليمني من جلده ومن عقيدته بعد كل هذه السنوات من التجارب والنضال ليمارس هواياته في الارتزاق والعيش على التناحر العبثي بين أبناء الوطن الواحد والدين الواحد؟ الآن علينا أن نعرف أن عدونا شيء واحد هو الاستبداد: الإشكالية الحضارية التي حطمتنا باسم الإسلام تارة، وباسم العروبة تارة، وباسم (البرولتارية) تارة أخرى، وكلها كانت صور ملونة لشيء واحد اسمه الاستبداد!! لنقف ضد الاستبداد تحت أي لافته جاءت سواء باسم الدين أو الوطنية أو التقدم، فالاستبداد متلون يستغل اختلاف الشعب تحت لافتات إيدلوجية إقصائية تهدر دماءهم وتكفرهم وتخونهم ... لقد صعق المتطرفون والتكفيريون وأصحاب المشاريع الصغيرة لهذا التناسق بين أحزاب اليمن يسارا ويمينا، وفقدوا مبرر عملهم ومبرر بقاء مشاريعهم الارتزاقية على اختلاف ألوانها وبدأت الأحزاب اليمنية فعلا تقدم نموذجا للتخلص من عبثية الحزبية التي سممت الوطن العربي أيام الحرب الباردة والغربة الحضارية والاغتراب الثقافي ..تحية لأحزاب اليمن وتبا لغربان السوء الذين حزنوا كثيرا لأن أحزاب اليمن لن تدخل حربا باسم الكفر والإيمان فكلهم مؤمنون ولا يوجد حزب إسلامي ولا عربي يحتكر الإسلام أو العروبة، فكلهم مسلمون وعرب ولا احد يدعي احتكار هذه المعاني والهويات الحضارية الجامعة. كان منظر أصحاب المشاريع الصغيرة وذيولهم مضحكا ومخزيا، وهم يتباكون على توحد القوى الوطنية على الإسلام كرسالة حرية وشريعة عدالة تفتح باب الاجتهاد إلى السماء عبر الأمكنة والأزمنة، على قاعدة مصلحة الناس والأجيال لأن بعضهم فقد احتكار الحديث باسم الله، وفقدوا تمثيل الكهنوت، فلا مكان لإسلام السلالة ولا التطرف والتعصب في زمن الوعي والحرية والاجتهاد المتجدد، وتنافس اليمنيين نحو دولة مدنية لها معالمها الواضحة ولا احد سيزايد علينا بعد اليوم حول مدنية الدولة وديمقراطية النظام وعدالة الحكم، ولا مجال للتخوين والتكفير، لقد جاء عصر البناء العظيم، وعصر الانطلاق اليمني النموذج بمشاريع تنموية بعيدا عن مشاريع الكراهية والتخوين والتكفير واستدعاء أحقاد التاريخ... نحن ذاهبون كشعب نحو فجر جديد قادم ببساط القدر ورعاية السماء. [email protected]