كلما ازداد حجم الأكاذيب والافتراءات التي تروج لها منظومة الشتاء العربي منذ الانقلاب العسكري في مصر تزداد القناعة أن مصير هؤلاء هو الفشل بإذن الله.. سواء أكانوا في مصر الممتحنة أو اليمن الموبوءة بهم أو تونس المستهدفة من نفس الأصناف السياسية، وعصابات المافيا العربية نفسها التي قررت استرداد خسارتها والعمل على إعادة هيمنتها على دول الربيع العربي، وإعادة تنصيب الأب أو الابن أو أي.. روح فاسدة! والملك الكذّاب هو أحد أسوا أصناف الحكام في تاريخ البشرية، وفي عصرنا يتمثل في الأنظمة الكذابة التي عصفت بها ثورات الشعوب السلمية، وصار واضحا إلى درجة التقيؤ أن الأداء السياسي والإعلامي لرموزها ووسائل إعلامها يجسد تراث الزعماء في الكذب والتضليل، وبأسلوب يعكس حقيقة المستوى الأخلاقي والتعليمي لهذه المجموعة من محترفي السياسة التي تظن أنها تنتصر بالكذب والافتراء والتزوير! الجنون الإعلامي المصري وصل إلى درجة غير مسبوقة بعد أن نجح في تمثل خلاصة أبرز مدارس الكذب الصحفي؛ بدءا من مدرسة روز اليوسف وأخبار اليوم مضيفا إليها مخرجات المدرسة الإعلامية الجديدة التي أسسها رجال الأعمال المصريون الفاسدون خلال السنوات الماضية، وهي مجموعة من الصحف اليومية والقنوات الفضائية التي تعمل بلا أي ضوابط أخلاقية.. وتقول ما تشاء.. وتبث ما تشاء.. وتنشر ما تشاء.. وتزور ما تشاء دون حساب لأي قيمة أخلاقية أو تضع اعتبارا لحقيقة أو كرامة لإنسان: سواء كان مواطنا بسيطا أو مسؤولا مصريا أو إنسانا من خارج مصر ولو كان ملكا أو رئيس جمهورية أو كاتبا أو مفكرا.. المهم طالما كان على خلاف مع الزعيم الفرعون فلا بد أن يمسحوا به الأرض.. أو كان له رأي لا يعجبهم ولو في الرياضة.. فالويل له ولأمه! [أذكر في هذا الشأن، وكنت في القاهرة صيف عام 1989؛ وكانت مصر مقبلة على مباراة كرة قدم مع منتخب أفريقي، والصحافة تشتعل بالحديث عن المباراة وكأنها نهاية التاريخ لمصر إن لم تفز فيها.. ويومئذ مسحت الصحافة المصرية الأرض برئيس الدولة الافريقية المنافسة لأنه فقط أعرب في تصريحات صحفية عن أمنيته أن يفوز منتخب بلاده على المنتخب المصري في المباراة! ويا داهية دقي.. صارت الأمنية جريمة وإهانة لمصر واستهدافا لها، وتعاملت الصحافة مع الرجل كما تتعامل الآن مع قادة المعارضة للانقلاب العسكري، ودون أي اعتبار لمركز الرئيس الأفريقي!]. الدجال.. المصري! واليوم في مصر الممتحنة بالعسكر الفاشلين منذ 60 سنة؛ وصل الهياج الإعلامي -رغم أنه ليس جديدا في جوهره ولكن في مداه- إلى درجة اتهام صحيفة الأهرام الرسمية جدا وفي صفحتها الأولى للسفيرة الأمريكية بأنها (رغم أفضالها التاريخية على الانقلابيين وجبهة الإنقاذ فهي التي ولا فخر حمستهم للخروج إلى الشارع بكثافة لإقناعها باستحقاقهم مباركتها!) تآمرت مع المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان على تقسيم مصر! وكأن مصر تورتة أو حقول نفط يملكها أثرياء البترول فإن اختلفوا عليها تقاسموها وتوزعوها بينهم! ولأن لكل شيء حدودا، ولأنها سفيرة البيت الأبيض وليست موظفة استعراض فني في دبي، أو رئيس تحرير صحيفة رسمية في عدن؛ فلم يكن ممكنا السكوت على مخرجات الحشاشين المصريين كما هي عادة الغربيين الذين يتجاوزون عن كثير مما يدور في الصحافة العربية ضدهم؛ لأنهم يعلمون حظها من المصداقية، ويعلمون أكثر المستوى الأخلاقي للكتبة الرسميين في بلاط الصحافة المصرية الرسمية! ولذلك كان الرد رسالة طويلة نوعا ما، ودرسا في العمل الصحفي لكنه لسوء حظ الانقلابيين كان أيضا قرصة بأن الكذب لا يصنع دولة ولا يمنح سلطة ما شرعية ولو عمرت كأبي الهول! ما لم ينتبه إليه مختلقو الخبر/ الفضيحة أن أي مؤامرة لتقسيم مصر لا بد أن يمثل فيها الطرف المسيحي المتمثل بالكنيسة القبطية والبابا تواضروس شخصيا.. فكل التسريبات القديمة عن تقسيم مصر تحجز للمسيحيين قطعة خاصة منها لتكون دولة مسيحية، ومن ثم فلا يمكن تجاوز البابا والكنيسة في المباحثات السرية، وخيرت الشاطر ليس أعز على السفيرة من البابا، ولا يمكنها أن تمضي في مثل هكذا مؤامرة دون أن تلتمس بركة البابا وموافقته ورضاه، ولا يعقل أن ممثلة أمريكا تخوض في مباحثات تقسيم مصر مع قادة الإخوان المسلمين وتتجاهل المسيحيين! شذوذ هذا الجنون الإعلامي المصري ليس من باب الوطنية المصرية؛ ولكن لأن الدعم الخليجي والغربي والأمريكي للانقلاب العسكري انفضح بأسرع مما يحدث عادة في مثل هذه المؤامرات، كما أن الدعم الغربي لم يعد بنفس القوة التي كان عليها أثناء التحضيرات الأولية له ثم بعد تنفيذه، والعسكر لم يعودوا يكتفون بعبارات تأييد مثل: ضرورة العودة السريعة للحكم المدني وإجراء انتخابات جديدة (بكل ما يعني ذلك من اعتراف غير مباشر بالانقلاب وطي عهد الرئيس المنتخب فعليا!)، فمع استمرار المقاومة الشعبية للانقلاب في كل أنحاء مصر، والانهيار المتواصل للدولة المصرية، وفقدانها السيطرة على البلاد، وشبح الإفلاس الذي يخيم على أم الدنيا، وبعد المذابح العلنية وقتل المعتصمين والمتظاهرين السلميين على الهواء مباشرة.. بعد كل ذلك لم يعد بإمكان أي دولة -إلا إذا كانت من نوعية الدول العربية الكرتونية- أن تمنح سلطة الانقلاب العسكري تأييدا علنيا بلا تحفظات، أو تعلن استعدادها للمشاركة في احتفالات الذكرى الأولى لثورة 30 يونيو جنبا لجنب مع الأحزاب القومية واليسارية والعلمانية؛ مع كل الود والامتنان للتعاون الثوري المشترك بينهم لإجهاض الديمقراطية الأولى من نوعها في مصر! هذا أمر صعب جدا في تلك البلاد؛ رغم كونها دولا استعمارية عريقة، وتتمنى أن تصحو يوما والنيل قد ابتلع كل شيء له علاقة بالإسلام.. ولو كان شيخ الأزهر نفسه.. لكن من الراجح الآن أن التمام الذي أعطاه عسكر مصر للدول الداعمة للانقلاب بأن (كل شيء تمام يا فندم.. ورقبتي يا رئيس.. وخشمي يا طويل العمر) يشبه بالضبط التمام الذي أعطاه عسكر مصر لرئيسها عام 1967، وكانت النتيجة أن إسرائيل حسمت معركة القرن العشرين لصالحها في ثلاث ساعات بالضبط! من أجل ذلك فتح دراويش الوطنية المصرية دفاترهم القديمة، واستخرجوا منها أدبيات: أمجاد يا عرب أمجاد.. ورفض المعونة الأمريكية.. ورفض أي شروط للصداقة.. وهي حالة من الوطنية والقومية المستعرة لا يعيبها ابتداء إلا أن عسكر مصر يركنون فيها إلى دول أخرى لدعمهم وهي نفسها تشتري رضا الغرب بنقودها.. ولولا ذلك لكان منها: المحافظة العراقية التاسعة عشرة، وأخرى: محافظة إيرانية! المسخ.. اليمني! كما قلنا في بداية الثورة الشعبية في بلادنا؛ ردا على اتهامها بأنها مجرد تقليد للثورتين التونسية والمصرية؛ إن الحكام العرب لديهم معياران متناقضان للحلال والحرام.. فما يقلدونه هم عن بعضهم من ممارسات الإرهاب والقمع، والتفنن في ابتكار أجهزة القمع وحماية الحاكم، وتوريث الحكم الجمهوري لصبيانهم.. فهو الحلال البيّن والتجديد.. أما أن تستلهم الشعوب عن بعضها أساليب مقاومة الطغيان وأنظمة الفساد فهو الحرام القاطع والتقليد المرفوض! وكما اتبعت وسائل إعلام النظام السابق أساليب إعلام مبارك في مواجهة الثورة؛ فها هي اليوم تكرس نفسها مقلدة لها في مخطط شيطنة الإسلاميين عدوهم الأول والأخير كما تأكد الآن! وأبرز القواسم المشتركة هي تحويل العمل الإعلامي إلى نسخ متخلفة من التقارير الأمنية العربية المشهورة بالتبلد والغباء، والاعتماد على الإشاعات التي تقوم هي بنفسها بتأليفها ثم تعمل على الترويج لها باعتبارها حقائق! العدد الأخير من صحيفة المؤتمر الشعبي/ جناح مول الكميم واصل استنساخ إعلام الاستخبارات المصرية كعادته وقت الزنقة [كما كان يحدث ذلك في مواسم الانتخابات عندما كان يتم استقدام خبراء الدعاية السوداء من مصر لإدارة الحملة الإعلامية، وما كان يفضح الأمر هو تركيز الحملة على الإسلاميين فقط، وإعادة انتاج مفردات الدعاية المصرية الشائعة عنهم؛ وتجاهل وجود قوى سياسية أخرى في صفوف المعارضة، بحكم الخبرة والتخصص المصري الأصلي!]. من الأكاذيب المضحكة للإعلام المؤتمري/ جناح الكميم نقرأ هذه المفردات الأكثر تدليلا على مستوى العقليات المتخلفة التي تديره وتنقل بالمسطرة أجندة الاستخبارات المصرية إلى اليمن: - [الوفد الأمني التركي الذي زار اليمن سلّم الإصلاح خطة التنظيم الدولي للإخوان!]. يعني باليمني الفصيح: أيهما أسهل: إرسال الخطة على فرض صحتها بواسطة الإنترنت المأمون أو إرسالها مع وفد رسمي وأمني اكتشفت استخبارات صالح أمره ومهمته الحقيقية بأسرع من اكتشافها أسرار حادثة تفجير مسجد الرئاسة؟ هناك احتمال أن مؤلف الحكاية اليمني من خريجي أول دفعة مرور بعد الثورة السبتمبرية، وليس لديه علم بالتطورات العلمية في مجال الاتصالات بحكم أن مستواه التعليمي: لا يقرأ ولا يكتب.. ويبصم فقط، وقد تمَّ انتدابه للعمل في الاستخبارات بعد نجاحه في التبليغ عن البنشري الذي سمّى محله: بنشر المؤتمر! - [عبده الجندي: تركيا تمد الإخوان (في اليمن) بالأسلحة لإسقاط النظام السعودي!]. وهذه الحكاية من تأليف الجندي دون خلاف.. فهو وحده الذي يخطر بباله أن الأتراك عندما يريدون وفق الحكاية تهريب السلاح إلى السعودية فسوف يهربونها عبر اليمن (أي من تركيا مرورا بالبحر المتوسط ثم قناة السويس ثم البحر الأحمر) لأنه يظن أن تركيا محاذية لليمن.. وصحيح أن 33 عاما ؛بل وأكثر منذ زمن التهريب عبر المخا؛ من حكم عصابة التهريب اليمنية جعلت التهريب أحد مصادر الثروة الحرام، ووفرت لها وسائل النمو الطبيعية والحماية الأمنية.. لكن المنطق يقول إن من يريد تهريب سلاح للسعودية لن يجد أفضل وأسهل من شرائها من اليمن ومن مخزون الأسلحة الهائل والمتنوع التي نهبها ضباط صالح وأقاربه قبل تسليم المعسكرات وفق قرارات إعادة الهيكلة، والميزة أن الصفقة سوف تشمل إيصالها مجانا إلى الحدود مع السعودية برعاية كبار مهربي السلاح المؤتمريين وببركة دعاء حلفائهم.. الحوثيين! - [ منح أعداد مهولة من الإصلاحيات صغيرات السن بطائق شخصية] هذا الخبر فيه علامتان على أصابع صائد البنشري إياه؛ فهو لا يعرف معنى كلمة: مهولة.. ولذلك استخدمها وهو يظن أن معناها مائة إن أحسنا الظن بعقله.. وإلا فإن (مهولة) تعني المئات والآلاف.. وأن يحدث ذلك يوميا في مركز الإصدار الآلي المشهور في العاصمة فهو تهريج رخيص فلا يمكن إخفاء الأعداد المهولة، ويمكن لأي مؤتمري يملك هاتف حديث أن يصور الأعداد المهولة (!) للفتيات الصغيرات بسهولة سرقة أخطر الأسلحة الثقيلة من معسكرات الدولة!
العلامة الثانية على التلفيق الاستخبارتي؛ الإصرار على أن أعمار الفتيات المهولة أعدادهنّ لا يتجاوز عشر سنوات.. يعني كلهنّ تسع سنوات وأقل (أي طالبات في ثالثة أو رابعة ابتدائي.. يا فجرة!).. يعني مفيش واحدة 11 سنة أو 13 سنة؟ ولأن الله أراد فضح البنشري فقد حاولت الميثاق إظهار مصداقيتها (منين يا حسرة؟) وأرفقت الخبر بصورة غير ملونة لست فتيات كلهنّ كاشفات الوجوه (غير يمنيات بالتأكيد.. فمن غير المعقول أن طالبات يمنيات ثالثة أو رابعة ابتدائي يذهبن لقطع بطاقات شخصية وهن كاشفات الوجوه فيرى الناس الحقيقة ويمكن حينها لأي مؤتمري منه فيه أن يصرخ: (جهال يا فندم!).. الجميل على طريقة الراحل محسن الجبري أن صورة أصغر فتيات في بلادي تظهر -رغم محاولة الصحيفة إخفاء نص الوجوه بخط أسود- أن الفتيات كبيرات في السن ولا أقل من طالبات في المرحلة الثانوية والجامعية.. بل الصورة الموجودة لامرأة في الخلف تدل على أنها أكبر من ذلك بكثير! الأخوة المزورون في المؤتمر الشعبي العام: لا يجوز بعد كل تراثكم في التزوير والاختلاق أن تقعوا في مثل هذه السقطة؟ فحتى الكذب والتزوير يحتاج إلى إبداع وعرق.. إلا إذا كنتم يائسين من أن أحدا يقرأ تزويراتكم، ولذلك تخبزونها دون اهتمام ودون إتقان!