أمام التجمع اليمني للإصلاح جملة من التحديات التي واجهها ويواجها خلال نضاله السلمي وتاريخه السياسي وهناك جملة من الأطروحات والرؤى التي ترسم معالم جديدة للتطوير والارتقاء به ككيان سياسي ذو رصيد نضالي يشهد به التاريخ وتتحدث عنه الأيام . وللوقوف على هذه التحديات التي يوجهها الإصلاح بعد 23عاماً على تأسيسه، وكيفية تجاوزها في المستقبل القريب استطلعنا آراء بعض الكتاب والباحثين والصحفيين. يتحدث الكاتب الصحفي احمد عثمان فيقول: الإصلاح تأسس من اول يوم حزب جماهيري يعتمد على الجماهير ومن اجل الجماهير يعمل بهم يناضل لتحقيق الاهداف التي تحفظ حرية وكرامة المواطن اليمني، وقد شار ك بتحقيق كثير من المنجزات أهمها الحفاظ على الجمهورية واهداف ثورة سبتمبر والوحدة والمسار الديمقراطي، وثورة الشعب في 11 فبراير التي جاءت مكملة للثورات اليمنية ضد الاستبداد لتحقيق الحرية والديمقراطية والتخلص من الحكم المستبد. ويرى عثمان أن هذه المحطات والمنجزات تتعرض لمؤامرات جاده وحقيقية بقدر النجاح الذي حققه شعبنا، وهو ما يحتم على الاصلاحيين ان يتنبهوا للحفاظ على هذه المكتسبات بالشراكة مع القوى الوطنية وتطوير اطارها وعمقها الذي يأتي على قاعدة تحقيق الحكم الرشيد والنظام الديمقراطي. ويؤكد أن الجمهورية والوحدة والديمقراطية هي اطر تحقيق الحرية والعيش الكريم والعدالة الاجتماعية التي تتحقق على قاعدة المنجز العربي والوطني الذي حققه اليمنيون وعلى رأسهم الإصلاح، وهو العمل المشترك واللقاء المشترك وثقافة المشترك الوطني واحترام الاخر الذي يضمن تحقيق الدولة اليمنية الراشدة. وعن الضريبة الذي يدفعها الاصلاح من حملة تشويه واتهام جراء مشاركته في حكومة الوفاق اعتبر عثمان أن المشاركة في حكومة الوفاق هو عمل وطني لابد منه لتحقيق أهداف الثورة وأحداث التغير المنشود للانتقال الى تهيئة الملعب الديمقراطي ودولة المنجزات القائمة على التبادل السلمي للسلطة. ويوضح أن مشاركة الاصلاح يدفع فيها ضريبة لازمه لكن عليه ان يكون يقظا لاستغلال الاخرين لتشويه صورته بسبب المشاركة فيكون كمن يعمل ويخسر ويغرم بنفس الوقت. ويشير عثمان إلى أن هناك غموض او قصور إعلامي واضح في مشاركة الإصلاح في الحكومة، سواء في ما يقوم به وزراء الاصلاح او في التصدي للشائعات التي تساق كل يوم ضد الإصلاح، مع غياب للمكتب الإعلامي الذي عليه ان يتابع ويفند كل القضايا المثارة بواسطة تصاريح او مؤتمرات صحفية او ما شابه ذلك، لان المعركة اعلامية بالأساس، ويدعو إلى ان يكون هناك متحدث رسمي او من يقوم بدوره يتابع كل ما يحري لتوضيح الحقائق او تفنيد الشائعات، لان الشائعة –والحديث لعثمان- تصبح حقيقة يصعب مسحها من الشارع، الذي يعد هو وسيلة وغاية العمل السياسي. بينما الباحث والكاتب صحفي ثابت الأحمدي على المستقبل حيث يقول "لا يهم التقييم التاريخي هنا بقدر ما يهم التركيز على المستقبل؛ لاسيما ونحن نعيش مرحلة جديدة من التحولات التاريخية، ودوره المنوط به في الفترة الجديدة؛ حيث يعول عليه الكثير قيادة مرحلة التحول والإصلاح والبناء ليمن جديد أنهكته المرحلة السابقة وكادت تقضي على مقومات الدولة التي هي حاضرة شكلا لا موضوعا أصلا؛ خاصة وقد بدا جاد في معارضته لسلطة النظام السابق/ الحالي بصورة جادة خلال السنوات الأخيرة التي أعقبت الانتخابات الرئاسية في العام 2006م". ويرى الأحمدي أن الإصلاح يشهد تحديين رئيسيين حاليا في تقديري وهما: التحدي الداخلي أولا، متمثلا في إعادة هيكلة رؤاه وأدبياته وبرامجه النظرية التي تفضي إلى إعادة هيكلته تنظيميا، بأدوات تنظيمية تتفق ومتطلبات حزب الدولة أو السلطة، لا حزب الجماعة، والاعتماد على البرامج بدلا عن الرؤى الطوباوية ذات البعد الأيديولوجي، باعتبار المرحلة اللاحقة مرحلة برامج ولا مكان للأيديولوجيا فيها، وتطوير كوادره وتأهيلهم تأهيلا علميا يتناسب وحجم التحديات المستقبلية التي تمليها هذه المرحلة ليستطيع من خلالها الإسهام في عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي المرتقب، فالانتقال إلى مشروع نهضة لهذه البلاد، مؤكداً أن ذلك ممكناً في حال بدأ من الأن بداية جادة بخطى حثيثة لأنه يملك من المقومات التي تؤهله لذلك الكثير، أهمها العنصر البشري ذاته. في حين يقول ان التحدي الثاني يكمن في طبيعة السياسة العامة التي سينتهجها مع شركائه في الحكم، وتقديم كوادر فاعلة وعملية تملك مشروعا للتغيير والإصلاح فالنهضة، وأيضا طبيعة تعامله مع الخصوم السياسيين وهم عليه كُثر، وبعضهم يدعي شراكته في النضال التاريخي. ويلفت الأحمدي أن المرحلة السابقة التي تلت المبادرة الخليجية إلى اليوم قد أفرزت عينة إيجابية من التعامل مع الآخر، لكنه قال أن الأشهر القليلة الماضي أثبتت أن الإصلاح ليس حزبا إقصائياً، حيث مشاركته في حكومة الوفاق الوطني هي أقل من حجمه بكثير، فيما كانت مشاركة بعض الجماعات الأخرى أكبر من حجمها، ويعتبر هذا أمراً محسوباً له على الرغم من بعض السلبيات التي تأتي من وراء ذلك! كما يشير إلى التحدي الإقليمي الذي يرى في الأحزاب السياسية الإسلامية شرا مستطيرا يجب التخلص منه، وأيضا أطراف من المجتمع الدولي التي لا تأنس لها، وقد أثبتت المرحلة السابقة صحة ذلك "الحالة المصرية أنموذجا". ويعتقد الأحمدي أن الإصلاح يحتاج فريق دعم مساند من خارج أطره اتنظيمية، خاصة من الشباب المستقلين والمستنيرين، لتعزيز دوره في بعض الرؤى التي يتبناها، خاصة ما يتصل منها بالشأن الاستراتيجي والوطني العام، ولا تروق للخصوم السياسيين الذين أثبت بعضهم أنهم ذوو مشاريع ضيقة وغير وطنية مرتهنة للخارج، وتضر بمصلحة الوطن ومستقبله، حتى لا يتفاجأ يوما ما بنفسه وحيدا يصارع أشباح الظلام والتخلف والمزايدين على الوطن كما وجد إخوان مصر أنفسهم وحيدين أو شبه وحيدين في ميدان رابعة قبل أسابيع! معتبراً هذا الأمر في غاية الأهمية، داعياً الإصلاح أن يمثل حاضنا سياسيا للشباب المستقل بمشاريعهم المختلفة ودعمها، على الأقل لتحييد مواقفها في أية جدلية سياسية قادمة، خاصة أننا لا نزال نعيش جدلية سياسية حادة وحالة ثورية من نمط مختلف، وقد كشفت أحداث مصر الأخيرة عن سيناريوهات مستقبلية إقليمية ودولية هي من الخطورة بمكان، وأن القادم قد يكون أسوأ!! من جانبه يطرح رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث عبدالسلام محمد الرؤية المستقبلية للإصلاح لمواصلة تطوره على المستوى الداخلي والوطني والخارجي، ويرى ان على الاصلاح داخليا أن يزيد من مساحة الديمقراطية وأن يرفع من نسبة مشاركة الشباب في صناعة القرار، والاستفادة من كل التجارب والكفاءات والابداعات والمؤسسات المدنية والمراكز الدولية والخبرات العالمية لتحقيق سياسة اعلامية جيدة، تنطلق من المبادئ والثوابت الوطنية والديمقراطية والانسانية، وضمان تحسين إدارة العلاقات السياسية مع الآخر على المستوى المحلي والاقليمي والدولي. وعلى المستوى الوطني يقول إن الإصلاح توضيح مواقفه بشفافية حول كل القضايا المثارة، بالذات الكبرى المتعلقة بمستقبل الدولة، ويتوجب عليه فتح خطوط حوار مع مختلف الاتجاهات السياسية والفكرية والثقافية والفنية بدون استثناء، واستمرار تقوية شراكاته مع الأحزاب والاتجاهات الوطنية من خلال المشترك أو الحوار الوطني أو حكومة الوفاق، وبناء تحالفات وطنية جديدة تستوعب التيارات الشبابية وغير الشبابية التي لم تستوعبها التحالفات السابقة. وعن الحملات الإعلامية التي تشن ضد الإصلاح يؤكد ان الاصلاح يعاني من حملات تشويه إعلامية من قبل مؤسسات النظام السابق او جماعات سياسية أو غير سياسية حلفاء وخصوم، ويرى أن عليه لمواجهة كل ذلك أن يتبنى خطابا إعلاميا شفافا يحدد مواقفه من كل القضايا الوطنية بما يتلاءم مع استراتيجياته ويحدد مكامن القوة والضعف في ادائه الحكومي من خلال الوزارات الثلاث التي يديرها، ويقدم نقدا واقعيا للاختلالات الحكومية السياسية والأمنية والاقتصادية التي تمس بشكل مباشر المواطنين ويحدد مسئوليته أو وجهة نظره فيها. وعلى الصعيد الخارجي يدعو عبدالسلام الإصلاح لتبني خطاب طمأنة للداخل والخارج من منطلق انه حزب كبير ومؤثر خاصة فيما يتعلق بقضايا حقوق الانسان والحريات والديمقراطية والأقليات الفكرية والثقافية والدينية، وان ينتج نهجا دبلوماسيا منفتحا مع دول الجوار والدول المؤثرة في اليمن إقليميا أو عالميا. ويختتم بتوصيته للإصلاح بأن يتخذ قرارات سياسية وإعلامية تقدم المصلحة الوطنية وبعيدة عن التأثر بالأحداث الاقليمية والدولية، فتجربته السياسية في الحكم والمعارضة تسبق كثير من التيارات السياسية ذات الامتداد الاسلامي في دول الربيع العربي.