لا أحد ينكر أن التجمع اليمني للإصلاح بتوليفته القبلية والشعبية يعد من أبرز الأحزاب السياسية اليمنية، التي اثبتت حضوراً على المستوى المحلي والإقليمي والدولي وأجبر الجميع على احترامه والاعتراف به كحزب وطني قدم نفسه إلى الساحة والمشهد اليمني وبرؤية واضحة لا لبس فيها، الإصلاح ذو التوجه الإخواني المتجدد وعلى الدوام تحالف مع المؤتمر والاشتراكي في البدء بعد انتخابات إبريل 1993م بعد أن حل ثانياً في الترتيب بعد المؤتمر الشعبي العام الذي حصد 121 مقعداً في البرلمان ثم الإصلاح 63 مقعداً، والحزب الاشتراكي اليمني ثالثاً وب56 معقداً، وشارك في حكومة ائتلافية مع قطبي الحكم آنذاك المؤتمر والاشتراكي. وبعد حرب صيف 1994م ظل في السلطة إلى جانب المؤتمر الشعبي العام بعد ان أزاح النظام السابق شريكه في الحكم الحزب الاشتراكي، لكن تحالف الإصلاح مع المؤتمر لم يدم طويلاً إذ أن الإصلاح وبعد أن وجد الحالة الإقصائية ومحاولة الانفراد بالحكم من قبل النظام السابق وحزب المؤتمر فضل فك عرى التحالف مع المؤتمر والانتقال إلى المعارضة بعد انتخابات إبريل 1997م والتي استأثر بها الشعبي العام وكوش على أكثر من ثلثي مقاعد البرمان حيث استخدم حزب صالح التزوير والإقصاء في تلك الانتخابات لخصومه السياسيين والاستفراد بالمشهد، مما حدا بالإصلاح إلى البقاء في المعارضة رغم دعوات صالح المتكررة له للمشاركة في الحكومة، لكن الإصلاح فطن للعبة وان صالح وحزبه يحاولون جعل الإصلاح كمحلل ومشرعن لتجاوزات المؤتمر المستمرة.. وسرعان ما بدأت مشاورات الإصلاح مع بقية الأحزاب السياسية المعارضة على الساحة من قوميين ويساريين وغيرهم ليقود توليفة أحزاب المشترك إلى جانب الاشتراكي والناصري واتحاد القوى والبعث. وللأمانة فإن لتجمع الإصلاح الذي لم يستطع في انتخابات 2003م حصد سوى 46 مقعداً من بين فكي الأسد (الشعبي العام) الذي كان يرسم زعيمه لتوريث الحكم لنجله بعد ان ازاح الخصوم السياسيين بدءاً بالاشتراكي في 1994م ثم الإصلاح في 1997م، وانتهى به الأمر ليعود إلى حالة الشمولية.. ورغم كل تلك السياسات الأحادية التي مارسها صالح وحزبه، وبالرغم من انتقال الإصلاح إلى المعارضة وتحالفه مع الاشتراكي والناصري وبقية أحزاب المعارضة، ظل تجمع الإصلاح محافظاً على علاقته أو ما يمكن أن يسميها البعض متمكساً بشعرة معاوية مع صالح، ففي انتخابات 1999م الرئاسية حدد الإصلاح خياراته وبوضوح قائلاً ان مرشحه للرئاسة هو صالح.. ومثل هذا الموقف حسب اعتقادي نوع من إبقاء العلاقة بين رئيس الدولة في عالمنا الثالث، والذي لا يمكن بأي حال من الأحوال الإيغال في الخصومة حد القطيعة، وكأن تجمع الإصلاح بذلك القرار إنما يناشد صالح العودة إلى جادة الصوب وبلغة دبلوماسية وسياسية جديدة.. لكن الرجل على ما يبدو كان حسم الأمر وحدد خياراته وقادته شياطينه للاستمرار في محاولة توريث الحكم وعلى عينك يا حاسد وكأننا بفرعون في ثوب صالح يخاطبنا:"ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد"..
وعودة إلى بدء نقول ان تجمع الإصلاح وبقاعدته الشعبية العريضة لم يتعالَ على شركائه في المشترك سواء بعد انتخابات 2003م أو بعد انتخابات 2006م الرئاسية، فقد ظل الإصلاح ملتزماً بالشراكة الوطنية مع الآخر، رافضاً للتسلط والانفراد بالسلطة، مؤكداً على نهجه السلمي في النضال الوطني مع بقية أحزاب المشترك.. ويثبت الإصلاح يوماً بعد يوم أنه الحزب المتجدد، الشريك الفاعل، الذي لا ينقلب على شركائه.. وهذا أما اثبتته تجربه الإصلاح بعد الثورة الشبابية السلمية فلم يكن نصيب الإصلاح في حكومة الوفاق الوطني سوى (4) حقائب وزراية رغم القاعدة الجماهيرية العريضة التي يحظى بها على المستوى المحلي واللغة الدبلوماسية التي تعامل بها هذا الحزب الرائد مع الأشقاء في الأقليم والأًصدقاء. وختاماً نتساءل كما غيرنا يا ترى هل يدرك شركاء هذا الحزب دور الإصلاح الإيجابي في إرساء دعائم النهج الديمقراطي وخطواته الحثيثة في قيام دولة مدنية يحتكم إليها الجميع؟