ماذا نقول نحن الشعوب العربية عن الشعب الفرنسي الذي أجبر "شارل ديجول " على التنحي بعد مظاهرات مناوئة له عام 1968، بعد أن أسدى لفرنسا أعظم عمل يقوم به زعيم تجاه شعبه، حيث قاد شعبه في أصعب الظروف مواجهًا الاحتلال الألماني، وحكومة "فيليب بيتان" العميلة للألمان. وماذا نقول عن الشعب الإنجليزي الذي أسقط "ونستون تشرشل" في الانتخابات عام 1945 بعد الحرب العالمية وهو صاحب الأيادي البيضاء؛ ليس على بلاده فحسب، بل على دول الحلفاء جميعًا بقيادته الحكيمة لدول الحلفاء نحو النصر في الحرب العالمية الثانية.
أكيد بطريقة تفكيرنا العاطفية سنقول إن هذه الشعوب ناكرة للجميل، ولا تحفظ العشرة.
وفي المقابل، ماذا تقول هذه الشعوب عنا نحن الشعوب العربية إذا علمت أننا رفضنا تنحي رئيس جمهورية تسبب في هزيمة بلاده واحتلال ما يقرب من ربع البلاد، بل إن بعضًا من ممثلي الشعب في البرلمان رقصوا على أنغام الهزيمة؛ لأن الزعيم نجا من خطة الأعداء لقتله!!.
ماذا يقولون عنا إذا علموا أننا شعب عاش ثلاثين سنة في حالة طوارئ تأخرت فيها البلاد وعم فيها الفساد، ثم يخرج من يقول: "آسفين يا ريس".
ماذا يقولون عنا إذا علموا أننا شعب تم خطف رئيسه الشرعي، وعادت فيه أسوأ ملامح الثلاثين سنة التي ثار الشعب عليها، ثم يخرج من يقول لمن فعل هذا: "كمل جميلك!!!".
حقيقة المسافة بيننا وبينهم كالمسافة بين الشرق والغرب.
شرق تسوقه العاطفة، ويهزه الطبل والزمر للزعيم الملهم، وتبهره الملابس العسكرية المزينة بالنياشين الحربية وإن كان لابسها لم يخض لمصلحة بلاده حربًا (ولو بعيدان الملوخية)!!!وغرب يحكم بالعقل، ويقيم النتائج، ويحاسب الحكام، ويصحح المسار، ويبني المستقبل.
المسافة بيننا وبينهم ذات المسافة بين التقدم للأمام، والتأخر للخلف، بين احترام حقوق الإنسان، وبين إهدار الكرامة الإنسانية.
وستظل هذه المسافة الشاسعة بيننا وبينهم طالما فينا عقول ساذجة تنتظر من بذرة الحنظل أن تنبت ثمرة التفاح.
تتنتظر أن تتقدم البلاد نحو الاستقرار والتقدم والرخاء تحت حكم زمرة بدأت عهدها بخطف الرئيس الشرعي للبلاد، وتكميم الأفواه، ومحاولة إخضاع الشعب بالرعب والترويع.
لو كان في الغرب من يجيد الطبل والزمر لحكامهم لصوروا حالهم وحالنا على نغمة "احنا شعب وأنتوا شعب" احنا شعب العقول وانتوا شعب الطبول احنا شعب التقدم والرخاء وانتوا شعب التأخر للوراء