في القرن الخامس الهجري انفرط عقد وحدة الأندلس وانقسمت إلى ممالك صغيرة، عقاباً ربانياً للمسلمين على تفرقهم وتشتتهم وحرب بعضهم لبعض {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } ، وكانت كل دويلة تحكم نفسها مستقلة، بل وتقاتل جارتها المسلمة استقلالاً وأحيانا بالاستعانة بالنصارى من جيرانها !! فهمّ ألفونسو ملك الإسبان للهجوم على المسلمين وبدأ يزحف على واحدة واحدة، وفكّر المعتمد ابن عبّاد بالاستنجاد بيوسف ابن تاشفين أمير المجاهدين بالشمال الإفريقي كونه آخر الأمل قبل سقوط الأندلس ، فقام بعضهم يخوفوه وقالوا : إذا دخل ملك المغرب الأندلس أخذها وتملكها وجعلك له راعياً . فرد عليهم بقولته المشهورة : ( لأن أرعى الإبل مع أخي المسلم خير لي من أن أرعى الخنازير للفرنج ) !!! وكانت سببا في الانتصار وفي تأسيس دولة المرابطين في الأندلس ، وفي تأخير حكم المسلمين للأندلس أربعمائة سنة أخرى !! هذه هي عقيدة الولاء والبراء التي لولا أهميتها لما ذكرت في القرآن الكريم 92 مرة ، كما يقول العلّامة الشوكاني .
فالمسلم مهما كان منه من تقصير وخلل واعوجاج فهو في كفة ، والكافر ومن يخالفني في الهدف من منافق وعميل في كفة أخرى بتباين واضح لا لبس فيه ولا غموض !
إن القلب ليعتصر ألماً، وليدمع دماً حين يرى من ألبسوهم تاج العلماء ولبوس الدين من بعض علماء السلفية أو غيرهم ممن لهم وجاهة وتأثير ، ثم يقف مع ظالم مستبد تجاه تقي نقي ، كوقوف حزب النور المصري نموذجا مع السيسي بكل قوة ، وهم ما بحوا بنَفَس أيام مبارك ، لكن الانتقادات والخلافات والطعن وجهود الإسقاط اشتعلت حين قيام مرسي، ثم التأييد وشرعنة الانقلاب بأنه حق الشعب ثم الأدهى من هذا من عوجاء الفكر والعقول تقول بأنه حكم متغلّب لذلك يجب السمع والطاعة له !
ألا هاهي الثمار تؤتي حنظلا يسقاه كل مسلم في مصر، وكل مسلم من المحيط إلى الخليج !
من حصار لغزّة، وتوقع هجوم وشيك عليها ! وتضييق الخناق على كل مصري ، والهجوم على المساجد والقنوات والصحفيين !
حتى لخص الحال بعضهم وأحسن : (( ردّة دي ولا انقلاب ؟! ))
إن الكلمات تتوه وتتبعثر والقلم يطيش في وصف الحال ، حين ترى ليلى علوي وعمرو دياب وإلهام شاهين والأقباط والآباط ... في لجنة الدستور ودعاة الإسلام ورجاله ورجال القانون والفكر الحر في غياهب السجون !
ولك أن تتصور حال مصر وفاجعتها حين ترى هذه المناظر على الشاشة في صورة تعبر عن حقيقة الانقلاب وماذا يّراد لمصر ، وهذا الفقيه أعوج القلب والعقل يشرعن ما يجري !
إن من وضع المسلم التقي مع العدو في جبهة واحدة، لخلل الولاء والبراء في عقيدته! يحق لنا أن نضعه مع السيسي واليهود في مزبلة واحدة . وعند الله تجتمع النوايا، وسيخيب من افترى كذباً وحاد ومال ومشى برجل عرجاء .